العدد 3554
الأحد 08 يوليو 2018
banner
البناء والتنمية
الأحد 08 يوليو 2018

من قبل ومن بعد، يصبح للأمن والاستقرار دورهما الحتمي في تحقيق البناء والتنمية، من قبل أن يتفشى الإرهاب في عالمنا ويعشش الإقصاء في ثقافتنا، ومن بعد ما حدث في أكثر من دولة بالمنطقة، وأصبح الهدم أسرع، والتهجير أفظع، والخسائر أفدح، نعرف أن المعادل الموضوعي للخطر هو القاسم المشترك الأعظم أمام الدول المستهدفة ، لذلك لم يكن غريبا أو جديدا على رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه عند لقائه مع كبير مستشاري الدفاع البريطاني السير جون لوريمر مؤخرا أن يشدد على الدول الشقيقة والصديقة بأن تشكل حائط صد للحيلولة دون استهداف أمن المنطقة واستقرارها.الأمة مثلما هو معروف مشغولة بالبناء والتنمية، ومهمومة بالتحديات العابرة للحدود، وتلك التي تحاول النيل من استقرارنا والاصطياد في الماء العكر.

الحل لا يمكن أن يكون فرديا، والمواجهة لا يجب أن تنحصر داخل الأقطار لتصفي نفسها بنفسها، إنها الحقيقة المرة التي تجبر دولة “ما” على اتخاذ قرارا أحاديا لمواجهة الإرهاب، أو ارتكاب الممنوع في عالم السياسة الرهيب والاكتفاء بدفن الرؤوس في الرمال، إنها المواجهة الجماعية التي تنأى ببلادنا عن المخاطر والأحداث الجسام، وهي الحل الناجع لتكوين شبه أحلاف مقاومة للمتربصين بأمن واستقرار الأمة، والكارهين لوحدتها ورخائها وازدهارها.

هنا لا يمكن الاستسلام لفكرة التجاهل للخطر طالما أنه بعيدا عن حدودنا، أو الإهمال لتداعياته؛ لأنها مازالت غير مؤثرة في حركتنا التنموية أو غير مُهددة لأمننا الوطني المباشر.

إنها معادلة حسابية بسيطة فطن إليها الأب الرئيس منذ عقود ألا وهي توفير الأمن الشامل، وأن تحقيقه في الداخل القطري لا يعني غيابه عن الخارج القريب، وأن إصابة الأشقاء في ليبيا أو سوريا أو العراق بشظاياه المشتعلة لا يعني أنه سيظل إلى أبد الآبدين مهملا لهدفه النهائي، وهو بلوغ خط النهاية بالإجهاز على كل الدول ذات الصبغة التنموية وتلك التي تمد أيديها للسلام.

إن مملكة البحرين شأنها في ذلك شأن دول الخليج الأخرى لا تتدخل في شئون أحد تماماً مثلما ترفض التدخل السافر في شأنها الداخلي، فهو حق وطني أصيل لقادتها وأبنائها، المواجهة مثلما تفضل سموه لدى اجتماعه بكبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لن تنجح إلا بتكوين حائط صد ضد الدول التي تقوم بتصدير الإرهاب وتلك التي تحض عليه، إما بالإعلام غير القانوني، أم بالسياسات المارقة عبر بعض المنظمات المشبوهة وإما عن طريق تأليب أبناء الشعب الواحد على بعضهم البعض.

من هنا كان رهاننا الكبير وربما الوحيد على مواطنينا الشرفاء، على وحدتهم ووعيهم الجمعي، على إخلاصهم ووفائهم وتفانيهم من أجل الذود عن أوطانهم والدفاع عن مكتسباتها.

لقد بذلت مملكة البحرين وحكومتها الرشيدة جهودا خارقة في الذهاب إلى الخطر البعيد قبل أن تنتظره وهو قريبا من الأعتاب، شكلت محورا إقليميا ودوليا مع الدول الشقيقة والصديقة لمواجهة الادعاءات المغرضة لبعض الجماعات والجمعيات التي تسعى لزعزعة الاستقرار الوطني في بلادنا وتلك التي تحشد؛ من أجل تقويض حركة التنمية والبناء وإصابتها في مقتل.

جميعها مؤامرات مكشوفة، وجميعها باتت لدى مواطنينا الأوفياء معروفة، وجميعها عفا عليها الزمن.

المهم أن تستمر يقظتنا، وأن تتوطد لحمتنا وتتعمق قناعتنا بأهمية البناء على ما تحقق والذود عما تم البناء عليه، فالخطر لا يستثنى أحدا، والإرهاب لا وطن له ولا لغة ولا دين، ومواجهته لن تتحقق بالتخلي، أو بالتجاهل أو الاستسلام لفكرة نحن شيء، والآخرون شيئا آخر، إنما بوحدة الصف ورأب الصدع، ونبذ الانقسام.

والله الموفق والمستعان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية