التناقضات ليست عيبا، إنما الاستمرار فيها هو العيب، فنحن دائما نؤكد ضرورة اكتشاف المواهب بصورة مبكرة وتشجيعها وتدريبها، لكن على أرض الواقع لا نرى أي شيء فعلي وملموس، وعود واجتماعات وتصريحات متعددة الأشكال، وفي النهاية النتيجة صفر والتخلي عن المسؤولية العظيمة إزاء تشجيع المواهب الفنية.

في الوقت الراهن لا تزال تسود لدينا عفوية هائلة في كيفية اكتشاف المواهب وتشجيعها، فلابد بهذا الصدد من العناية بأعمال الأطفال والشباب الفنية بكل أشكالها، يجب مساندة وتشجيع الفنانين المبتدئين ومنحهم إمكانيات أكثر في جميع الفنون للبروز بتجربة مواهبهم أمام الرأي العام وإزاحة العراقيل الماثلة أمام تشغيل الفنانين الشباب الموهوبين، إذ لا تكفي فقط إقامة الفعاليات الفنية المختلفة “تمثيل ورسم وتصوير وموسيقى وغيرها”، وفتح المجال للناشئة والشباب للمشاركة بأعمالهم فقط، إنما الأهم الاستمرارية وتشجيع القدرة الخلاقة لدى الموهوب حتى نحصد الثمرات اليانعة الوافرة، فالملاحظ في مجتمعنا بروز الموهوب في أي مجال، وإبهاره المهتمين والنقاد، لكن سرعان ما تنطفئ تلك الموهبة بسبب الإهمال وعدم متابعته والتخلي عنه في أهم مرحلة من المراحل وهي مرحلة ولادة الإبداع، وأقرب مثال على ذلك وأسوقه هنا للعبرة ومعرفة جوهر الشجرة في المستقبل هو ابني الفنان الواعد محمد الماجد الذي شارك منذ نعومة أظافره في عدد من المسلسلات منها “شوية أمل” “أهل الدار” “حزاوينا خليجية” “برايحنا” “بطران عايش يومه”، ولفت في كل أدواره نظر المخرجين والكتاب وكل نجوم البحرين وبشهادتهم أنفسهم، وكان بحق مشروعا لنجم كبير، وتنبأ له الجميع بمستقبل واعد، لكنه اصطدم بالظاهرة السلبية البارزة في حياتنا الفنية وهي ندرة الأعمال شكلا ومضمونا وتركه بعد ذلك دون تمرين وممارسة، فآخر عمل شارك فيه هو مسلسل “البطران” الذي صور قبل ثلاث سنوات أي في 2015، وبعد هذا العمل ظل كغيره من المواهب يأخذ مجراه الوعر في البحث عن الجديد لتفجير الطاقة والاستمرارية بدل الحرمان.

ليت المسؤولين يعرفون أنه لا يوجد في هذا الميدان ما نستطيع أن نسميه الاكتفاء الذاتي، بل من الواجب علينا أن نحافظ على الاستمرارية ورعاية المواهب على اختلافها فهي بمثابة كنوز وطنية.