+A
A-

الفرق الموسيقية الغربية في الثمانينات.. ذكريات لا يمكن ان تذوب

للبحرين تاريخ عريق في الفرق الموسيقية الغربية التي سادت واشتهرت في منتصف السبعينات وحتى نهاية الثمانينات ، حيث كانت الساحة خصبة والتجارب كثيرة وعديدة مما جعل البحرين في ذلك الوقت حقل واسع للفرق الغربية التي لم تعرف عنها دول الخليج اي شيء إلا دولة الكويت ، وهي أيضا ظهرت فيها الفرق الغربية متأخرة مثل فرقة الدنة التي رأت النور في نهاية الثمانينات.

كانت الفترة ما بين 1980 ولغاية 1989 بصفة خاصة الفترة الذهبية للفرق الموسيقية الغربية في البحرين ، وهذا طبعا كان بفعل ظهور أسطورة غناء " الريجي" المطرب بوب مارلي الذي سرق قلوب الشباب بأغانيه ذات المغزي السياسي وطريقة الأداء الجميلة ، وأيضا " التبشير الموسيقي" ان جاز لي التعبير الذي جاءت به فرقة الإخوة البحرينية بداية السبعينات ومدرسة الغناء الجديدة التي ادخلها الفنان الراحل علي بحر وهو الفنان الذي حافظ على طابع خاص حتى وفاته العام 2011 .

ولكن الشيء المثير للاهتمام على وجه الخصوص هو انتشار الفرق الموسيقية الغربية في كل " فريج بحريني " آنذاك ، فكل 6 أصدقاء يجيدون العزف على الآلات الغربية يشكلون فرقة ويختارون لها اسما ، حتى انك تجد في بعض الفرجان فرقتين وربما ثلاث ، واذكر ان المنطقة المحيطة بنادي مدينة عيسى كانت بها ثلاث فرق وهي " الجذور " وفرقة " الغروب" والفرقة الشهيرة " السعادة " ، وجميع هذه الفرق كانت تتدرب في غرف مؤجرة بنادي مدينة عيسى لازال من عاش تلك الفترة يتذكرها تماما .

مثلما بقيت الكتابة المسمارية الهجائية في صناديق سوداء مدة قرون طوال ، كذلك بقيت الفرق الشعبية التي كانت تحيي الأعراس ومختلف المناسبات مثل فرقة " العاصفة" وفرقة " عبدالقادر" وفرقة " الشاعر " وفرقة " المالود " وغيرها بعيدة عن اختيار الناس مطلع الثمانينات ، فكل العوائل اتجهت إلى اختيار الفرق الموسيقية الغربية لأحياء الأعراس وأعياد الميلاد وغيرها من المناسبات ، وشهد سوق بيع الآلات الموسيقية انتعاشا لايمكن تخيله ومن أشهر المحلات التي كانت تبيع الآلات الموسيقية الغربية محل " مون " ومحل " مارشال"في باب البحرين ، وطريقة شراء الآلات كانت تعتمد بالدرجة الأولى على الأشخاص الذين كانوا يشتغلون ..بمعنى..أي فرد من أعضاء الفرقة لديه وظيفة ثابتة يأخذ قرضا من البنك لشراء الآلات وبعدها تكون نسبة نصيبه من دخل الحفلات أكثر من البقية على اعتبار أنه الكفيل .أما الطلبة فقد كانوا يتفاخرون فيما بينهم وأمام أقرانهم بأنهم أعضاء في الفرقة الفلانية ، وللحقيقة والتاريخ ، فقد كان الجميع يحاول تقليد فرقة " الأخوة البحرينية" ومن يعزف جيتار " الليد" يحاول تقليد عازف الجيتار الأول في الشرق الأوسط خالد الذوادي ، ومن يعزف جيتار " البيز" يحاول تقليد الفنان عيسى بحر والذي كان يطلق عليه .. بندقية جيتار البيز ، ومن يعزف طبلة " التانغو" يحاول تقليد الفنان سلطان الماص ، وهكذا ..ففرقة الأخوة كانت بمثابة عيون المها بالنسبة للجميع ومنبع الإبداع .

وننتقل إلى طريقة الاستعداد للحفلات...فإن كان زواجا أو عيد ميلاد يتم نقل الآلات صباح يوم الحفل إلى البيت الذي سيقام فيه الحفل ، ويتم تركيب الآلات وتجربتها ومد الأسلاك بطريقة صحيحة حتى لا تعيق " المعازيم" وأعضاء الفرقة ، وتترك الآلات في عهدة صاحب المنزل لغاية وصول أعضاء الفرقة ليلا ليبدأ الحفل وغالبا ما يختار "المعازيم " الأغاني وتحتفظ الفرقة بملف به نوتات مختلف الأغاني الخليجية والعربية والأجنبية لتلبية كل الأذواق ، والعرف السائد هو ..افتتاح السهرة بموسيقى من اختيار الفرقة ، ثم تتوالى الأغاني الخليجية والعربية حسب الاختيار ، وفي ختام السهرة يترك المجال للأغاني الغربية وتحديدا أغاني " بوب مارلي" التي يتفاعل معها الشباب للرقص والأهازيج.

بعد انتهاء الحفل في ساعات متأخرة من الليل ، يذهب أعضاء الفرقة ويتركون الآلات في المنزل ، ثم يأتون في الصباح " اثنين أو ثلاثة" لتفكيك الآلات وأخذها مرة ثانية إلى مقر الفرقة وغالبا ما تكون غرفة مؤجرة في نادي ، أو يتكرم أحد الأعضاء بغرفة في منزله لأجراء التمارين ووضع الآلات.

حقيقة...كانت فترة تأسر الفؤاد وذات نسمة حلوة وذكريات لا يمكن ان تذوب ، فجيل السبعينات والثمانينات عاش تحت ضياء شمس تلك الأيام وتسامر مع أهداب الكثير من الفرق مثل .. شاركس" " الغرباء" الأخوة" سلطانيز" القلوب" " السعادة" " سكس بوي" " الجذور" " العائلة" " الشموع" " الكواكب" " ستار" " الأجراس" "الوعد" " فرقة الثلاثي البحريني " " فرقة الامواج "وغيرها الكثير .