+A
A-

طرق جديدة لتصميم بطارية تعمل لمدة 100 عام

يقوم متخصصون من الجامعة الروسية الوطنية للأبحاث النووية (ميفي) بتصميم مصادر طاقة ذات نظائر مشعة على أساس مصادر الطاقة بيتا-فولت باستخدام شرائح نظائر مشعة من النيكل-63.

التصميم سيساعد على إنتاج بطاريات نووية آمنة تعمل لمدة 100 عام، تخدم مجالات عديدة، على وجه الخصوص أجهزة ضبط نبضات القلب وأجهزة مصغرة لقياس مستوى السكر أو الضغط الشرياني وأنظمة القياس عن بعد للأجسام البعيدة والروبوتات الصغيرة، بالإضافة إلى الأجهزة التي تعمل بشكل مستقل لفترة طويلة، حسبما أفادت دائرة الصحافة الجامعية. يشار إلى أن نتائج الدراسة نشرت في مجلة AppliedPhysicsLetters.

 إن دراسة خصائص المواد النانوية اليوم تثير الاهتمام المتزايد بين الخبراء والمتخصصين بسبب الاتجاه الرائج نحو تصميم الأجهزة التقنية ذات الأحجام الصغيرة للغاية، وخصوصا في مجال الإلكترونيات النانوية.

إن الانجازات الحديثة في مجال نظم كهرميكانيكية نانوية ومتناهية الصغر، والتي تجمع في جهاز واحد الإلكترونيات النانوية والعناصر الميكانيكية مثل المحولات والمضخات والمحركات، قد تكون واعدة لتصميم أجهزة الاستشعار الفيزيائية والبيولوجية أو الكيميائية المجهرية.

ومع ذلك، فإن غياب مصادر التغذية ذات الأحجام المصغرة التي توفر الطاقة للنظم الكهرميكانيكية الصغيرة والنانوية تعيق وتمنع تحقيق مسألة إدخال مثل هذه الأجهزة على نطاق واسع حالياً، يجري العلماء أبحاثاً عديدة حول إمكانية تصغير بطاريات الليثيوم الأيونية التقليدية والخلايا الشمسية وخلايا الوقود وأنواع مختلفة من المكثفات.  ومع ذلك، فإن حجم مثل مصادر الطاقة هذه لا يزال كبيراً جداً لنتمكن من تصميم أنظمة دقيقة جداً ومتناهية الصغر.

هناك نهج آخر لمشكلة توفير الطاقة للأنظمة الدقيقة جداً ومتناهية الصغر الحديثة والواعدة مرتبطة باستخدام بطاريات النظائر المشعة.

بطاريات النظائر المشعة، هي أيضاً النووية وهي كذلك البطاريات الذرية — هي مصادر التيار التي يتم فيها تحويل طاقة الانشطار الإشعاعي للعناصر شبه المستقرة (النوى الذرية) إلى كهرباء. وتتميز هذه النوى بكثافة طاقة كبيرة لكل وحدة كتلة وحجم. وتختلف فترة

إطلاق الطاقة المستقرة على نطاق واسع في اختيار النويدات. يمكن أن تعمل بطاريات النظائر المشعة لفترة طويلة وبشكل ثابت، ولا تحتاج إلى الصيانة، وهي لا تثير الضجة.

الخصائص الفريدة لعنصر النيكل —63 حالياً، يعتبر التحول الذي يطرأ على الطاقة الكهروضوئية أحد أقصر الطرق لتحويل الطاقة النووية إلى كهربائية، ومع ذلك، يجري العلماء أبحاثاً مكثفة على مصادر الطاقة البيتا-فولت، والتي تكتسب أهمية كبيرة في الاستخدام العملي. والحقيقة هي أنه عند استخدام مصدر طاقة مصغر ذو نظير مشع، الذي ينبعث منه إشعاع بيتا الناعم، سوف يكون من السهل إنشاء نظام الحماية المادية للمستخدم والأجسام المحيطة من الإشعاع. لذلك، تعتبر هذه المصادر ذات آفاق واعدة للاستخدام المدني.

قام علماء جامعة "ميفي" بدراسة الخصائص الفيزيائية للتيار الكهربي لشريحة النيكل النانوية واختاروا المؤشرات التجريبية المثلى لتصميم محول طاقة فعال لتحلل بيتا لعنصر النيكل-63 إلى الطاقة الكهربائية.

النظائر المشعة لعنصر النيكل-63 هي واحدة من النويدات المشعة الواعدة في بيتا-فولتير، علماً إن مصدر إشعاع بيتا الناعم يتمتع بفترة عمر نصف 100.1 سنة. لذلك يعتبر النيكل — 63 عنصراً فريداً، وهو مناسب لأنظمة الطاقة المستدامة التي لا تتطلب تكاليف طاقة عالية.

من وجهة النظر المادية، فإن النيكل هو أيضاً معدن جيد جداً — مرن وخامل نسبياً، ويمكن معالجته بسهولة. وأثناء التعامل معه لا يحتاج الأمر إلى حاوية للنقل والتخزين.

وبحسب رأي الباحثين، فإن تحسين كفاءة المحولات الحالية لطاقة تحلل بيتا النيكل-63 إلى الطاقة الكهربائية، وكذلك البحث عن النظم الفيزيائية البديلة، المهام الواعدة للغاية من العلم الحديث.

علماء جامعة "ميفي" يبتكرون أساليب جديدة، وقد أشار الدكتور بيوتر بوريسيوك الأستاذ في قسم القضايا الفيزيائية التقنية للمقاييس من معهد تقنيات الليزر والبلازما في جامعة "ميفي" إلى إن الباحثين قاموا بتصميم منظومة مادية أصلية تسمح بتوليد إلكترونات ثانوية موجودة بشكل مباشر داخل شرائح النيكل ذات البنية النانومترية وتعمل على زيادة إشارة التيار بشكل كبير، الناجمة عن سلسلة من التصادمات غير المرنة المتعددة لجسيمات بيتا.

وأضاف العالم الروسي قائلاً: "هذه المنظومة بسيطة نسبياً من وجهة نظر التنفيذ التجريبي وهي عبارة عن مجموعة من مركبات النيكل النانوية المغلفة بشكل محكم مع توزيع متدرج للجسيمات النانوية من حيث الحجم، المترسبة على سطح عريض عازل من عاكس السيليكون".

وفي سياق الدراسة، توصل العلماء إلى استنتاج مفاده أن تشكيل شرائح النيكل-63 النانوية مع توزيع متدرج للجسيمات النانوية من حيث الحجم، يوفر فرصة فريدة للجمع بين عمليتين مهمتين في وقت واحد. أولاً، من الممكن تشكيل طبقات ذات فرق جهد ثابت، والتي يتم تحديدها من خلال الفرق في أحجام الجسيمات النانوية في الاتجاه المخصص. ثانياً، من الممكن تحويل طاقة بيتا-الانشطار لمادة النيكل-63 إلى تيار الإلكترونات بدون استخدام أنظمة أشباه موصلات إضافية يصعب تنفيذها.

تؤكد النتائج التي تم الحصول عليها من قبل العلماء بأن شرائح النيكل النانوية المتدرجة تتمتع بخصائص فريدة من نوعها. والجدير بالذكر أن نطاق استخدام مصادر النظائر المشعة مع التحول الكهرحراري لا حدود له تقريباً، فهي تمتد من البطاريات النووية ذات الأحجام الصغيرة جداً لتغذية أنظمة دقيقة للغاية ومتناهية الصغر وانتهاءً بأجهزة ضبط نبضات القلب، وأجهزة قياس مصغرة لمستوى السكر أو ضغط الدم، وأنظمة القياس عن بعد البعيدة عن البنية التحتية للمرافق، والروبوتات الصغيرة ذات الأغراض المتخصصة المختلفة، وكذلك الأجهزة التي يجب أن تعمل بشكل مستقل ولفترات طويلة في الفضاء الخارجي، وفي الأعماق الكبيرة وفي مناطق أقصى الشمال.

يشار إلى إن الدراسة التي أجراها الباحثون من جامعة "ميفي" تم تنفيذها في إطار المنحة المقدمة من مؤسسة العلوم الروسية.