+A
A-

إلزام بائع أرض بدفع 21 ألف لمشتريها لانتفاعه بالأرض بعد بيعها

ألزمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى مواطنا بأن يدفع لآخر مبلغ يصل إلى قرابة 21 ألف دينار، إثر عدم تمكينه المدعي من الانتفاع بأرض اشتراها منه، كما لم يسمح له بحيازتها رغم استلامه لقيمتها المالية المتفق عليها، والذي رفض أداء حلف اليمين الحاسمة في الدعوى، كما رفضت دعوى متقابلة تقدم بها المدعى عليه مدعيا أنه أبرم اتفاقا مع المشتري بأن ينتفع بالأرض التي باعه إياها مقبل مبلغ شهري وقدره 60 دينارا فقط، وكان يطالب فيها بمبلغ يزيد على 6000 دينار.

وتشير وقائع الدعويين إلى أن المدعي مالك الأرض الجديد، كان قد تقدم أمام المحكمة بدعوى طالب فيها بندب خبير لتقدير مقابل الانتفاع بأرض أشتراها من المدعي عليه ولكنه لم يتمكن من الانتفاع بها لمدة سنتين بسبب وضع يد المالك القديم -البائع- عليها، وأنه يطالبه بدفع مبلغ 26 ألف دينار مقابل الانتفاع بالأرض والفوائد القانونية بواقع 9% مع حفظ حقه في تعديل طلباته وفقا لما ينتهي اليه تقرير الخبير.

من جهة أخرى تقدم المالك القديم للأرض بدعوى متقابلة، أكد فيها أنه باع الأرض محل النزاع بالفعل ووقع عقدا من المشتري بمقتضاه يكون له الحق بالانتفاع بالأرض لمدة سنتين، وأنه أرسل إلى المشتري رسالة يقر فيها بانتفاعه بالأرض ويطلب منه تقسيط المبلغ المستحق عن انتفاعه بها عن سنتين سابقتين وإبرام عقد لمدة سنتين جديدتين إلا أن المشتري لم يلتزم بالاتفاق، لذا فإنه يطالب المشتري بأن يدفع له مبلغ وقدره 6480 دينار بواقع 60 دينارا شهريا.

من جهتها قررت المحكمة ضم الدعويين معا للارتباط وليصدر فيهما حكما وحدا، وقررت أثناء نظرهما ندب خبير لبيان مالك العقار وتسلسل الملكية، وأكد تقرير الخبير أن المشتري هو من يضع يده علي العقار محل عقد حاليا وأن قيمة الخسائر التي لحقت بالبائع بلغت 4800 دينار.

وأثناء جلسة المرافعة الأخيرة طلب المشتري توجيه "اليمين الحاسمة" للبائع بأنه ككان بحوزته الأرض منذ العام 2007 وحتى 2010 إلا أنه طلب برد اليمين الحاسمة على المشتري الذي حضر بشخصه وحلف اليمين بأن البائع هو من انتفع بالأرض موضوع الدعوى، وهو ما كان الفيصل في النزاع.

وقررت المحكمة في حيثيات حكمها أن المقرر قانونا بنص المادتين (113)، (114) من قانون الاثبات أن اليمين الحاسمة هي التي يوجهها أحد الخصوم للخصم الآخر ليحسم بها النزاع، ويجوز لكل من الخصمين، في أية حالة كانت عليها الدعوى، أن يوجه اليمين الحاسمة إلى خصمه، على أنه يجوز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفا في توجيهها، ولمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه، على أنه لا يجوز الرد إذ انصبت اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان، بل يستقل بها شخص من وجهت إليه، ولا يجوز لمن وجه اليمين أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه أن يحلف، وأن المادة (124) مادة قد نصت على أنه يترتب على توجيه اليمين الحاسمة التنازل عما عداها من البينات بالنسبة للواقعة التي ترد عليها.

وأشارت إلى أن المستقر عليه بقضاء التمييز أن اليمين الحاسمة هي احتكام الخصم إلى ضمير خصمه فلا توجه طبقا لنص المادة (115) من قانون الإثبات إلا من الخصم الذي يريد الاحتكام إلى ذمة خصمه ومن ثم فلا تملك المحكمة توجيهها من تلقاء نفسها، كما لا يجوز توجيهها إلا لمن كان خصما حقيقيا في الدعوى ويؤدي حلفه أو نكوله إلى حسم النزاع فيها.

وأضافت أن الثابت في الواقعة أن المشتري قد احتكم الي ضمير خصمه البائع فوجه إليه اليمين الحاسمة وكانت تلك اليمين الموجهه لم تخالف النظام العام والآداب وأن من شأنها إثبات براءة ذمة البائع من الدين المطالب به، إلا أنه ردها على المشتري الذي حضر بشخصه وحلف اليمين ومن ثم فإن المشتري يكون أثبت وضع يد البائع على كامل مساحة العقار محل التداعي والانتفاع بها خلال المدة المتنازع عليها رغم بيعه إياها للمشتري بما يفيد إثبات تعرض البائع له في ملكية للعقار للجزء المباع باغتصاب حيازته بعد بيعها وفقا لنص المادة (407) من القانون المدني، والتي نصت على أنه يلتزم البائع بعدم التعرض للمشتري في المبيع كله أو بعضه ولو اتفق على غير ذلك.

وتابعت، وبما أنه من المستقر عليه أنه إذا تعرض البائع للمشتري بعمل من أعمال التعدي فإنه يكون مسؤولا عن عمله كأي شخص آخر ارتكب عملا غير مشروع لا كبائع ملتزم بضمان التعرض وأن نص المادة (158) من القانون المدني أن "كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من أحدثه بتعويضه، بما يفيد أن أركان المسؤولية التقصيرية متوافرة في حق المدعي عليه بما يتعين معه تعويض المدعي عن تلك الأضرار وهو ما تقدره المحكمة في مستنده في ذلك لقيمة الأجرة الشهرية لعين التداعي والتي ثبت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وأنها تقدر بمبلغ 650 دينار شهريا ومن ثم يكون ريع الأرض عن الفترة محل النزاع مبلغ 20930 دينار، وعن طلب الفوائد التأخيرية أشارت المحكمة أنها لا ترى موجبا قانوني لها.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه أن يؤدي للمدعي مبلغ 20930 دينار (عشرون ألف وتسعمائة وثلاثون دينار)، كما ألزمته بالمصروفات ومبلغ 20 دينار مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وبرفض دعوى المدعى عليه وألزمت رافعها المصروفات ومبلغ 20 دينار مقابل أتعاب المحاماة.