+A
A-

اختيار رئيس برلمان العراق.. "محاصصة" أم "توافقية"؟

الديمقراطية التوافقية نهج اتخذه السياسيون العراقيون ما بعد 2003، وبحسب المراقبين فإنه كان أحد أسباب تلكؤ النشاط السياسي والاقتصادي للبلد بالأخص بعد أن تخللتها المحاصصة الحزبية والطائفية، وكان من المؤمل أن يتم التخلص من هذا النهج وفقاً لوعود الزعماء من الساسة، لكن يبدو وبعد اختيار محمد الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب، أن هذه اللازمة ستبقى مرتبطة بالعمل السياسي في العراق.

وفي هذا الإطار وصف المحلل السياسي هشام الهاشمي، أن ما حدث يوم أمس كان صفقة ذكية قامت على 3 دعائم متناسقة فيما بينها، الأولى تقاسم إدارة الاقتصاد، إذ إن رجل الأعمال العراقي خميس الخنجر، الذي يعتبر أحد الأقطاب الأساسية لتحالف "المحور الوطني" بإمكانه أن يستغل نفوذه الاقتصادي في إنعاش العملية الاقتصادية.

يشار إلى أن "الخنجر" يعتبر شخصية مثيرة للجدل، إذ إنه كان يمتلك موقفا بالضد من ميليشيات الحشد الشعبي، بالإضافة إلى عدائه لنوري المالكي، كما أنه كان ملاحقاً من قبل الحكومة العراقية إبان ولاية المالكي، وهذا ما أثار استغراب العراقيين من جلوسهم على طاولة واحدة وتشكيل تحالف "البناء".

واعتبر الهاشمي أن الكربولي رجل المؤسسات الذي يستطيع أن يدير هذه الصفقة، مشيراً إلى أن المالكي الذي يعتبر حزبيا إسلاميا والعامري رجل سلاح عقائديا، نجحوا اليوم في إدارة ما أسماها الصفقة الوجودية.

وأضاف الهاشمي أن إعادة تقاسم سلطات الحكومة وتفعيل التشريعات المسايرة لإيران والمحايدة مع الولايات المتحدة يعتبران الدعامتين الأساسيتين لهذه الصفقة التي عقدها أطراف تحالف "البناء" بالتوافق مع الأطراف السياسية الأخرى تحت ضوء الشموع.

ما هو موقف "الصدر" من هذه الصفقة؟

الصدر وفي آخر تغريدة له قبل تشكيل هيئة رئاسة البرلمان، أعلن عن اتخاذه موقف المعارضة منهجاً وأسلوباً، في حال عودة التقسيمات الطائفية والحزبية والعرقية، لكن اختيار النائب الأول من تحالف سائرون المدعوم من مقتدى الصدر يثير استفهاماً لدى المراقبين حول ما إذا تنازل الصدر عن وعوده، أم يتجه إلى اتخاذ أسلوب آخر للمراوغة السياسية من أجل الوصول إلى هدفه.

وحول هذا الموضوع، قال مدير المركز العراقي للدراسات والبحوث الإعلامية، ماجد الخياط، لـ"العربية.نت": "إن الفارق البسيط بين عدد مقاعد الكتل الفائزة كان عائقاً أمام الصدر لتنفيذ خطته الإصلاحية التي كان ينادي بها، كما أن الانشقاقات في كتلة رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي تحالف معه، جعلت من مهمته شبه مستحيلة".

وأشار الخياط إلى تغريدة النائب عن عصائب أهل الحق نعيم العبودي يوم أمس، الذي اعتبر فيها أن دعم تحالف البناء لصالح مرشح تحالف الإصلاح والإعمار "يعتبر كعربون محبة"، حسب تعبيره، الذي اعتبره الخياط أنها غمزة من تحالف العامري للصدر لتذليل الخلافات باتجاه تشكيل الحكومة.

الحلبوسي يعيد الثقة بالبرلمان

أما عن قدرة الحلبوسي لإعادة ثقة الشعب بمجلس النواب، أوضح الخياط أن إيران تسعى بكل ما لديها لبسط نفوذها أكثر فأكثر، لكن الحلبوسي ورغم انتمائه إلى تحالف "البناء"، الذي يضم "ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي و"ائتلاف الفتح" التابع لميليشيات الحشد الشعبي، إلا أنه وحسب ما قاله بعد انتخابه لهذا المنصب، إنه لا يمثل أي جهة سياسية خلال إدارته البرلمان.

وبين أن خطوته لاستضافة الوزراء الذين أخفقوا بإدارة أزمة البصرة، توضح مجهوده نحو تحسين صورة المؤسسة التشريعية ودورها الرقابي، بعد الإخفاقات المتكررة في برلمانات الدورة السابقة.