+A
A-

خطة ترمب للسلام.. موعد محتمل للطرح وتفاصيل تزعج إسرائيل

في معلومات خاصة حصلت عليها "العربية.نت"، سيقوم صهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنير، ومسؤول المفاوضات جايسون غرينبلات بجولة جديدة في الشرق الأوسط للحديث عن خطة سلام بالمنطقة، لكن الإعلان عن تفاصيل الخطة الأميركية للسلام سيتمّ تأجيله إلى شهر نوفمبر 2018 أي بعد انتخابات نصف الولاية.

يأتي هذا التأجيل بعد أسابيع من التوتر بين الفلسطينيين والإدارة الأميركية، وآخرها قرار الإدارة الأميركية إقفال مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الأميركية، وقطع المساعدات الأميركية عن وكالة أونروا المتخصصة بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين.

وتحدث مسؤول أميركي إلى "العربية.نت" أكد أن "حق العودة" هو إحدى قضايا الحل النهائي، وأضاف "لكننا نتابع دراسة وتقييم بدائل لحل عادل لقضايا اللاجئين كافة".

تأكيد المسؤول الأميركي هذا يحمل أهمية خاصة، لأن الفلسطينيين والبلدان المضيفة اعتبروا قطع المساعدات مساساً بـ"حق العودة"، كما أن بيان المتحدثة باسم الخارجية الأميركية عن قطع المساعدات يوم 31 أغسطس 2018 يشير بوضوح إلى أن "جوهر نموذج عمل والتطبيقات المالية لأونروا منذ سنوات، ربطت بدون توقف وبتصاعد مجموعات متزايدة من المستفيدين"، واعتبرت أن هذا النموذج لا يمكن أن يستمر وهو في حالة أزمة منذ سنوات.

لم يأتِ هذا الخوف الفلسطيني من عدم، خصوصاً أن إسرائيل ومؤيّديها في الولايات المتحدة الأميركية يشنّون حملة لإلغاء "حق العودة" ويريدون من القرار الأميركي أن يفعل ذلك.

تبريرات موظفي ومصادر الإدارة الأميركية مختلفة، وهم يؤكّدون أن الرئيس الأميركي طلب في شهر يناير 2018 مراجعة هذه المساعدات، وأن وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون سمح بتوزيع 60 مليون دولار في حينه.

مع اقتراب نهاية العام المالي في سبتمبر الحالي، وبعد نقاشات حادة بين وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات ومجلس الأمن القومي بمن فيه فريق الرئيس الأميركي لشؤون المفاوضات، وفي حين تصاعدت الشائعات عن دفع المساعدات وعن عملية السلام، وفي وقت لم تجد واشنطن طريقاً للحديث مع الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، عندها اتخذ الرئيس الأميركي قرارات عدة، منها قطع المساعدات عن وكالة أونروا، دفع 60 مليون دولار مساعدات أمنية للسلطة الفلسطينية وقطع 200 مليون دولار أخرى.

فوضى التفاوض

يعكس متابعو عمل الإدارة ومسؤولون أميركيون صورة غير متناسقة في إدارة ترمب، فالموظفون في وزارة الخارجية ووكالات الأمن ووزارة الدفاع يريدون المحافظة إلى حدّ كبير على الوضع الحالي، وعدم التسبّب بهزات كبيرة في علاقة الفلسطينيين مع الإدارة الأميركية، وهم نصحوا بمتابعة دفع المساعدات لأونروا والسلطة الفلسطينية.

هناك مجموعة أخرى من مساعدي الرئيس ممن ينتمون إلى دائرة "مؤيّدي إسرائيل العقائديين" وهم لا يبالون بمطالب أو معاناة الفلسطينيين ويميلون إلى السكوت عن قطع المساعدات وإن كانت النتيجة معاناة للفلسطينيين.

وهناك مجموعة دائرة التفاوض، وفيها صهر الرئيس جاريد كوشنير، ومسؤول التفاوض جايسون غرينبلات وسفير الولايات المتحدة في إسرائيل دايفيد فريدمان، وهي ليست مجموعة متناسقة بالضرورة، وتتراوح مواقف هؤلاء الثلاثة بين التشدّد ضد الفلسطينيين وإغلاق كل الأبواب وبين ترك بعض الأبواب مفتوحة.

اللغز الأكبر يبقى الرئيس الأميركي، فهو لا يبدو أنه يقارب الموضوع الفلسطيني الإسرائيلي من موقع عقائدي أو ديني، لكنه سمح باتخاذ خطوات تشير إلى عدائيته ضد الفلسطينيين، مثل إغلاق مكتب منظمة التحرير أو وقف المساعدات عن أونروا.

هناك إجماع في صفوف مسؤولين تحدّثت إليهم "العربية.نت" ومتابعين من خارج الإدارة يقولون إن الرئيس الأميركي اتخذ كل الإجراءات المالية والتنظيمية ضد الفلسطينيين، لأنه يريد ممارسة أقسى الضغوط عليهم لجلبهم إلى الطاولة، وهو وعد منذ البداية أن إدارته لن تشبه الإدارات السابقة في طريقة تعاطيها مع الأطراف الدوليين لذلك، وبات الموظفون الذين عملوا مع باراك أوباما ومن قبله جورج بوش أو بيل كلينتون، يقبلون بواقع أن ترمب مختلف ويجب القبول بأسلوبه.

الأبواب "مفتوحة" للفلسطينيين

أكد مسؤول أميركي تحدّث إلى "العربية.نت" أن "القرارات التي اتخذتها إدارة ترمب وإن بدت لمصلحة إسرائيل فهي ليست ضد الفلسطينيين"، وكرّر أن قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ترافق مع تصريح الرئيس الأميركي بقوله يوم 6 ديسمبر 2017 إن الولايات المتحدة لا تأخذ "موقفاً من قضايا الحل النهائي، بما في ذلك حدود السيادة الإسرائيلية في القدس أو الحدود المتنازع عليها".

كما أكد هذا المسؤول الأميركي "أن الولايات المتحدة مستعدّة لإعادة النظر في تمويل أونروا في حال إعادة الوكالة النظر في طريقة عملها وإن رأت الإدارة الأميركية أن عبء التمويل تمّ توزيعه، كما أن الإدارة الأميركية ستكون مستعدّة لإعادة فتح مكتب التحرير لو رأت الإدارة أن الفلسطينيين يأخذون خطوات واضحة للدخول في مفاوضات مع إسرائيل أو أنهم دخلوا بالفعل هذه المفاوضات".

مخاوف الإسرائيليين

سيكون مؤيّدو إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو مرتاحين لاستمرار الأزمة بين الرئيس ترمب وفريقه من جهة، والرئيس الفلسطيني محمود عبّاس من جهة أخرى، لأن استمرار الأزمة سيعني إعلان ترمب عن "خطة السلام"، وستبدو السلطة الفلسطينية كأنها خارج السياق، وسيقع اللوم عليها، لأنها لم تستعد للخطة أو تقبل بالتفاوض عليها.

كما سيكون مؤيّدو إسرائيل مرتاحين أيضاً، لأن أكثر ما يخشونه الآن هو ترمب. ويقول غيث العمري، كبير الباحثين في مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن ترمب يمارس الضغوط الكثيرة على الفلسطينيين ولم يمارس الحدّ الأدنى من الضغط على الإسرائيليين، ويبدو كأنه يعدّ لـ"صفقة" تطلب من إسرائيل تقديم تنازلات لا يريد نتنياهو وحكومته اليمينية أو مؤيّدوه في واشنطن أن يتمّ طرحها أصلاً.