العدد 3625
الإثنين 17 سبتمبر 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
قطار الوحدة الوطنية قادم
الإثنين 17 سبتمبر 2018

بعد شيخوخة المثقفين،خصوصًا من يعتاشون على جثث العلاقات المجتمعية، التي عادة ما تقام على طاولة السياسة، أصبح الواقع بحاجة إلى وجوه جديدة، شخصيات عفوية، يفرزها المجتمع من تلقاء نفسه، بعد وصوله إلى قناعة أن الجرح واحد، والألم واحد، والوطن واحد، وأنهم وحدهم الطائفيون من أي جهة أو مذهب،هم المستفيدون من ضرب الوحدة الوطنية، وهم من يتضخمون على حساب مصالح المجتمع البحريني.

لعلّ قانون التقاعد كان نقطة فصل في تاريخ البحرين، ليكتشف كل المجتمع أن هناك من يتعملقون ويتربحون، ويتصخمون كفيلًا أفريقيًّا على حساب كل مواطن، وأنهم لا يرفعون مناديل البكاء على الوحدة الوطنية إلا حين تضرب مصالحهم المالية وتدوير المواقع لمصالحهم الخاصة ولو على حساب صناديق الناس..المنعطفات التاريخية دائمًا ما تكون “فلترًا” لتبخر الضباب البشري.

عندما يكبر تاجر أو وزير أو شلة على حساب المواطن من أي فئة يجب أن نصل إلى حقيقة واحدة أن لا شيء يستحق العداء على التاريخ، أو عدم احترام المقدسات، أو إضعاف السلطة المركزية للدولة أو تضخم خطيبًا هنا من هذه الفئة أو تلك الفئة ليؤلّب الناس على بعضها لاعبًا بالتاريخ.

كل ذلك يأتي على حساب الوطن. المجتمع البحريني ليس بحاجة إلى خطب، إنما بحاجة إلى عمل ميداني، زيارات عفوية، ورصد الطائفيين من يتورّطون في ضرب المقدسات الإسلامية أو الأديان أو المذاهب، ومناقشتهم ثقافيًّا بخطاب تسامحي وطني مضاد وبفرض علاقات عفوية بلا أجندة أو مصالح ضيقة.

في الغرب حيث حضارة التعايش، لا أحد يعبأ إن كنت كاثوليكيا أو بروتستانتيا، بل يضحكون عليك لو فتّشت في ذلك. الدولة المدنية تبحث عن الإنسان والكفاءة. دعوا السياسيين يفضحون بعضهم، حروفهم، كلماتهم، خلط العسل بالدسم كل ذلك يفضح أي شخص يريد ضرب البحرين.

لكنكم كونوا أكبر منهم بأن تصنعوا مباريات كرة قدم مشتركة، رحلات مشتركة، زواجًا مشتركًا، وفعلاً زوروا بعضكم البعض، في كل المناسبات وأبعدوا جرثومة السياسة من أن تخرّب علاقاتكم، ونمّوا بداخلكم حب القيادة والوطن ومصلحة وسيادة البحرين.

وإذا رأيتم خطيبًا أو رجل دين أو كاتبًا أو نائبًا يشتم مقدسات هذه الطائفة وآخر يشتم في مقدسات الطائفة الأخرى فشككوا في نوايا الاثنين، فلا أحد يدّعي حب الوطن والإسلام أو الإنسان يؤلب الناس ضد بعضها.

إذا أردتم حياة سعيدة مع بعضكم البعض وإن اختلفتم مذهبيًّا، فقط شيئان: أوقفوا النقاش في السياسة وتفاصيل المقدسات، واعتبروهما خطًّا أحمر كما يفعل شباب الدول المتحضرة، وستجدون كم هي الحياة جميلة وسهلة بعيدًا عن هذه الهرطقة المهربة من التاريخ قمامة فكرية، ومهزلة سياسية يتضخم بها الأغنياء ويموت من أجلها الفقراء. نعم بقيادة حمد بن عيسى قطار الوحدة الوطنية قادم، أسرع من الماضي وتوقيفه يحتاج إلى معجزة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .