+A
A-

سكان إدلب خائفون من اعتقالات "النصرة" رغم الاتفاق

على الرغم من الاتفاق الثنائي الروسي التركي حول إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب شمال غربي البلاد، إلا أنه لا تطورات ميدانية فاعلة على أرض الواقع حتى الآن، في حين يتخوف الناس من حملة الاعتقالات التي تشنها هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقاً" ضد السكان نتيجة مواقفهم المناهضة لها دون حصول تغييرات جديدة.

وقال إياد أبو أحمد (42 عاماً) وهو ناشط مدني من إدلب لـ "العربية.نت": "إن الوضع لم يتغير فعلياً حتى الآن، فيما لا يزال الناس خائفون من الاعتقالات التي تعمل عليها هيئة تحرير الشام نتيجة مواقفهم منها، فانتقادها على وسائل التواصل الاجتماعي أمرٌ كافٍ لاعتقالهم، وكذلك هو الحال في مسألة التحريض ضدها في التظاهرات".

وأضاف الناشط أن" الناس في إدلب يتأملون بسحب السلاح من جبهة تحرير الشام، أو إبعادها، كما أن غالبية الناس يعولون على الحلّ التركي المتمثل بفصائل درع الفرات، وغصن الزيتون المدعومتين من أنقرة".

فصائل من الجيش الحر تظهر في إدلب

وكشف أبو أحمد أيضاً عن "وجود عشرات المقاتلين من الجيش السوري الحرّ في إدلب، لافتاً إلى أن أعدادهم تصل إلى العشرات، وجميعهم يحملون الأسلحة الخفيفة ويساعدون الناس، ويحاولون حمايتهم بشكل طوعي خلال التظاهرات".

وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الثنائي الأخير ساعد في خفض منسوب الضغط النفسي الّذي كان يعانيه سكان المنطقة، حيث كانوا يخشون دخول جيش النظام السوري، ويقول بعضهم إن "الأخبار الواردة على بعض الفضائيات ووسائل إعلام النظام والمقرّبة منه حول مسألة حسم الأمر في إدلب، كانت ترعبهم".

"القطيعة الاجتماعية"

وتشهد إدلب توتراً كبيراً في الآونة الأخيرة، ويؤكد غالبية السكان أن "السيناريوهات المجهولة المتوقع حصولها في المنطقة تؤثر عليهم وعلى حركتهم وحياتهم اليومية بشكلٍ مباشر".

وشكلت التطورات الراهنة في هذه المنطقة منعطفاً خطيراً على الحياة الاجتماعية لسكانها، فتحصل القطيعة أحياناً بين أهلها نتيجة تضارب مواقفهم بسبب الجهات والتيارات السياسية والعسكرية التي ينتمون إليها والمواقف التي يتبنونها حول الأزمة، الأمر الّذي يؤثر سلباً على علاقتهم بين بعضهم البعض.

وتواصل تركيا تعزيز قواتها في هذه المنطقة، حيث تبعد نقاط مراقبتها نحو 30 كيلومتراً عن مركز محافظة إدلب، وتتراوح مساحة كل نقطة منها بين 5 كيلومترات عرضاً، فيما يصل طولها إلى 20 كيلومتراً في بعض النقاط.

الهيئة العليا للمفاوضات: العبرة في التنفيذ

وفي السياق، رحب النظام بالاتفاق الثنائي بين أنقرة وموسكو، إلى جانب أبرز تشكيلات المعارضة السورية السياسية، حيث أعلنت الهيئة العليا للتفاوض في بيانٍ لها، أن "هذا الاتفاق ينقذ إدلب من كارثة كبرى".

وقال يحيى العريضي المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية في جنيف،" إن موقف الهيئة يتخلص في بيانها، أما مستقبلياً، فإن هذا الاتفاق، قد يمهد الطريق باتجاه الدخول بالعملية السياسية من أجل تطبيق القرارات الدولية مثل بيان جنيف والقرار 2254".

وأضاف "لقد اطلعنا على الاتفاق بظاهره الموجود، لكن العبرة تكمن في تنفيذه والالتزام به، وقد يكون أُنجز اتفاق يحمي ملايين السوريين المدنيين في منطقة إدلب".

وأشار إلى إن "المهمة الملقاة على عاتق تركيا ليست بالقليلة من حيث التعامل مع وضع هيئة تحرير الشام التي تساق باستمرار كذريعة من أجل أعمال عسكرية تدميرية غاشمة بحق السوريين".

تيار الغد: الاتفاق يفتح المجال لتشكيل اللجنة الدستورية

كذلك، رحب تيار الغد السوري المعارض بهذا الاتفاق أيضاً، وقال منذر آقبيق الناطق الرسمي باسم التيار لـ"العربية.نت"، إن "هذا الاتفاق، يلغي الهجوم المزعوم من قبل النظام وحلفائه على إدلب، وبالتالي يجنب أهلنا كارثة إنسانيّة ودمار في البنى التحتية".
وأضاف، أن "تيار الغد، الذي يترأسه المعارض السوري أحمد الجربا، يدعو لبذل جهودٍ جديدة بغية عزل الفصائل المتطرّفة المتواجدة في تلك المناطق والمصنفة إرهابياً على قوائم الأمم المتحدة تمهيداً لنزع سلاحها وإنهاء وجودها في سوريا بالكامل".

وعن موقف دمشق من الاتفاق الأخير والّذي تطابق مع موقف المعارضة، أكد آقبيق، أن "النظام السوري بات تابعاً للقرار الروسي في السلم والحرب، فقد كان يسعى للهجوم على إدلب، ولكن الآن انتهى هذا الأمر نتيجة الاتفاق الّذي أجرى، وهذا يدل على افتقاد النظام لاستقلاليته ومصداقيته في آنٍ واحد".

ورأى آقبيق، أن "استعداد موسكو في هذا الاتفاق هو مؤشر هام على لجم طموحات وأحلام النظام، ومثل هذه الضغوطات ستكون ضرورية لأجل تعاون النظام في العملية الدستورية والسياسية".

ولفت إلى أن "إنهاء التوترات في إدلب، يفتح الطريق أمام تقدم العمل على تشكيل اللجنة الدستورية، خصوصاً وأن روسيا وتركيا كانتا من الدول الضامنة في مؤتمر سوتشي والّذي قرر تشكيل اللجنة الدستورية في بيانه الختامي".

وعن آلية تشكيل الدستور، أشار آقبيق إلى أنه "يجب أن يُعالج كافة المشاكل الداخلية في سوريا منذ ما قبل الصراع وفي المرحلة التي تلته، إذ يجب أن يكرر الدستور الجديد الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان وإرساء السلم الأهلي وعملية إعادة الإعمار".