العدد 3631
الأحد 23 سبتمبر 2018
banner
ضجيج الصمت
الأحد 23 سبتمبر 2018

أوكلت لي مهمة مراقبة مجموعة من الطلبة أثناء تقديمهم امتحانات القبول بجامعة البحرين، كانت المجموعة مختلفة تماما عن كل المجموعات التي قمت بمراقبتها في جميع السنوات السالفة، فقد كانوا من أصحاب الهمم، وبالتحديد من أصحاب الإعاقة السمعية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالإعاقة الكلامية، فأغلب من لا يسمع لا يتحدث ذلك أنه لم يكن مكنونا من المرادفات والمصطلحات إثر عدم استطاعته السمع وهو ما يجعله يفقد النطق لزاما، وكانوا فاقدين لحاسة السمع والنطق، وهو ما نسميه بالعامية (صُم- بكم).

وكان هناك مترجمون للغة الإشارة يصاحبون الطلبة، ويقومون بالترجمة الفورية لأية تعليمات تلقى على الطلبة قبل وخلال وبعد الامتحان حتى يعوا ما هو مطلوب منهم ويقوموا بتقديم أفضل الإجابات لديهم.

لمست فعلا عالما مختلفا، رصدت بعض الإشارات المختلفة بين الطلبة، كما رأيت بعيني مدى فرحتهم، لم تكن فرحة ذات صلة بالامتحان، إنما فرحة مختلفة باجتماعهم معا، ضحكات متتالية كان البعض يسترق النظر إلى ورقة الغير ويضحك والبعض الآخر يقوم بعرض إجابته على المراقبين ويضحك، شعرت أنهم مطمئنون ومن ذوي القلوب الطيبة، قد يكون انعزال سمعهم عن العالم كوّن تلك المشاعر الطيبة ولا أدري إن كنت محقة في ذلك أم لا!

وبمجرد انتهاء الامتحان سألت المترجمة المصاحبة عن مدى إعاقة كل فرد فيهم وصدمت بأن اثنين منهم قاما بزرع قوقعة للسمع، إلا أنهما يرفضان أصوات العالم الخارجي ويعتبرانها نوعا من الإزعاج ويفضلان التواصل بلغة الإشارة، ولم يبذلا جهدا كبيرا لتقبل ولو القليل مما استطاعا سماعه. هناك جهد لافت لإدماج ذوي الهمم في مجتمعنا بشكل واضح، يكفل لهم اندماجا حقيقيا مع إخوانهم من الأصحاء، ولا أنسى هنا أن أشير إلى تلفزيون البحرين الذي يقوم حاليا بتقديم نشرات إخبارية مع ترجمة فورية بلغة الإشارة لذوي الإعاقة السمعية - النطقية، ولاقت هذه الخطوة استحسانا كبيرا، خصوصا أن هناك عددا لا بأس منه ممن يتعاطون هذه اللغة التي تقتصر على عدد من المفردات والمفاهيم التي تشرح المعنى وتوصله لأصحاب الإعاقه وتجعلهم على دراية ووعي بما يدور حولهم في العالم بأسره خصوصا إثر متابعة نشرات الأخبار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .