العدد 3634
الأربعاء 26 سبتمبر 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
لا يكفي أن ترفضْ... غَيـِّرْ!
الأربعاء 26 سبتمبر 2018

بعض المجتمعات مُبتلاة بالفعل؛ بمن نُسميهم “اليائسين أو المُحبطين”، وما أكثرهم للأسف الشديد! أهم ما يميز هؤلاء اليائسين أنهم مستسلمون تمامًا لواقعهم الذي يعيشونه؛ فهو بالنسبة إليهم قدرٌ لا محيص منه، ولا مفر، ولا فكاك! كما لو كان هذا الواقع فخًا مرصودًا، وقعوا فيه، ولا سبيل للخلاص أو الخروج! الأكثر مرارة من استسلامهم لهذا الواقع، هو كفرهم به؛ فهم يرفضونه، ولا يقبلون بمخرجاته أو مُدخلاته، وهو ألد أعدائهم؛ يمقتونه، ويتضرعون إلى الله أن يتبدل أو يتغير، أو تمضي سنونه؛ لعلّ واقعًا أفضل يأتيهم من حيث لا يحتسبون!

وهذا هو بيت القصيد الأسوأ في “المُعلقة الشعرية” كلها! فإذا كنت ترفض واقعًا، إذا؛ لماذا لا تغيره؟ لماذا لا تسعى إلى إيجاد واقع بديل، تتعلق بأستاره، وتركن إليه!؟ لماذا هذا الوقوف المرّ على أطلال واقع لا ترتضيه، ولا تجد نفسك فيه، لا تبدع، لا تُنجز، لا تؤثر، لا تكون عنصرًا فاعلا فيه!؟ عجبي!

كالمرأة الثكلى كما يقول العرب... تجلس نادبًا حظك، أو بختك! تنتظر ميتًا ينهض من قبره، أو ولادة نبي يقلب واقعك رأسًا على عقب! وقد ولى زمن الأنبياء! أيها المتقاعسون الرفض وحده لا يكفي! وهذه لغة الشجب والاستنكار ممجوجة مُستنكرَة من قِبَلكم! فلماذا تمارسونها بأنفسكم نهارًا جهارًا، أو سرًا وتحت الطاولات!؟

مقالتي هذه لكل مُحبط من وضعه، أو حياته، إلى كل يائس من واقعه، إلى كل كافر به، إلى كل شاجب، وكارهٍ، ومُستنكر، إلى كل من امتهن الشكوى والتذمر، إلى كل مُنتقد لا يَملّ لغة الانتقادات اليومية، إلى كل مجروح يداوي جُرحه بالنظر، ومشاعر الألم، أو التقزز، إلى المنتظرين الذين يُربُّون الانتظار حتى يشيخ؛ فيموت! إلى منْ يحارب مساعي وجهود غيره في التغيير، أو يستهزئ بها، أو يُسقِّطها! لهؤلاء جميعا.. توقفوا، فأنتم لا ترحمون أنفسكم ولا الآخرين!

إن الكفر بالواقع لن يُبدِّل منه قيد أنملة، والاستسلام له صفة العاجزين، وانتظار الفرج لا يعني هطوله؛ ففيه تعطيل وتسويف لأمر قد لا يأتي أبدًا؛ فالخلاص ينبع من الداخل، ومن رغبة حقيقية في البحث عن الحلول، وتجريبها، ومحاولتها، التغيير لا يأتي إليك زحفا أو جريًا! أنت تذهب إلى التغيير، أنت تشارك فيه، بل تكون التغيير نفسه، وحين تكونه؛ كُنه بشرف لا يمس الآخرين ولا ينتقص من أقدارهم أو مكانتهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .