+A
A-

كواليس اتصالات فرنسية مع أطراف دولية بشأن ملفات المنطقة

تناول مصدر دبلوماسي فرنسي كواليس الاتصالات التي تجريها بلاده مع عدة أطراف دولية بشأن ملفات كثيرة تتعلق بالشرق الأوسط، وقال إن فرنسا تتابع عن كثب الأوضاع في المنطقة، وتحدث مطولاً عن مواقف بلاده حيال أكثر من ملف.

زيارة ماكرون إلى طهران غير مطروحة

رداً على سؤال لـ"العربية.نت"، قال المصدر إن زيارة الرئيس الفرنسي إلى طهران والتي كان يُفترض أن تحصل بعد الزيارة التمهيدية التي قام بها إلى هناك وزير الخارجية جان ايف لو دريان في الخامس من مارس/آذار الماضي لم تعد مطروحة، وأوضح أن باريس التي لم تسمِّ بعد سفيراً لها في إيران خلفاً لفرانسوا سينيمو تنتظر إيضاحات من طهران حول تورطها المفترض في محاولة تفجير كانت ستستهدف في يونيو الماضي تجمعاً لمنظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة في ضاحية فيلبانت قرب باريس.

طهران متورطة بمحاولة تفجير قرب باريس

وأوضح المصدر، الذي لم يربط مباشرةً بين المحاولة وتأجيل زيارة ماكرون وتسمية سفير فرنسي في طهران، أن ما قدّمه المسؤولون الإيرانيون حول دورهم المفترض في المحاولة ليس كافياً، وقال: "نحن لسنا سُذَّجاً، لدينا مؤشرات ولدينا قناعاتنا الخاصة حول الموضوع، هناك تحقيق فُتح في ألمانيا يؤكد ضلوع موظفين في سفارة إيران في فيينا في المحاولة، ولن نشتري رواية الإيرانيين حول وجود مؤامرة صهيونية بهذا الشأن".

في المقابل، كشف المصدر الدبلوماسي الفرنسي أن بلاده لن تدخل في أي تحالف يقوده الأميركيون ضد إيران، وأوضح أن الولايات المتحدة ليست مرتاحة للموقف الأوروبي عموماً، وهو ما عبّر عنه جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي، ومايك بومبيو وزير الخارجية، وقال: "لدينا رئيس لا يخاف، مستعدّ للضغط على إيران وللتفاوض معها في آن، الأميركيون دخلوا في منطق التصعيد الأقصى الذي لا يترك مجالاً للتفاوض، ونحن مصممون على عدم الدخول في هذا المنطق، نتقاسم هواجس الأميركيين لكننا لا نوافق على أسلوبهم".

ورأى الدبلوماسي الفرنسي أن "ممارسة أقصى الضغوط على إيران لن تأتي بنتائج حاسمة بل ستدعم العناصر الأكثر راديكالية هناك".

وفي السياق نفسه، نفى المصدر ردّاً على سؤال أن تكون باريس متساهلة مع إيران، مذكّراً أنها كانت الأكثر تشدداً خلال المفاوضات حول برنامجها النووي.

الروس يعرقلون عمل اللجنة الدستورية حول سوريا

وفي الموضوع السوري، قال الدبلوماسي الفرنسي إن الروس "الذين اقترحوا في الأساس تشكيل لجنة في سوتشي لإصلاح الدستور السوري تضم بالتساوي ممثلين عن النظام والمعارضة والمجتمع المدني هم الذين يعرقلون عملها اليوم من خلال عدم اتخاذ قرار الدخول في مرحلة الانتقال السياسي في سوريا". وأوضح أن باريس كانت اتفقت مع موسكو خلال زيارة ماكرون الأخيرة إلى سان بطرسبورغ على "ضرورة أن يعود اللاجئون السوريون إلى بلدهم لكن شرط أن تكون هذه العودة طوعية وآمنة وتحفظ كرامة العائدين"، أما أن يُعاد اللاجئون من دون توفر هذه الشروط "فالأمر سيكون غير عادل لهم".

وعلى الصعيد الدبلوماسي، اقترح ماكرون على بوتين التوفيق بين ما يُناقش ضمن صيغتَي أستانا (التي تضم روسيا وتركيا وإيران) "المجموعة المصغّرة" (التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومصر والسعودية والأردن) وقد وافق بوتين على ذلك، لكن الأمور لم تذهب إلى ما هو أبعد.

أما التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا فقد وصفه المسؤول الفرنسي بـ"الرائع"، مشيراً إلى أن "الأميركيين لا يريدون حلاً هناك يحافظ على قدرات ومنشآت إيران العسكرية".

وشكّك الدبلوماسي نفسه بنوايا موسكو بشأن اقتراحها خطة لإعادة اللاجئين قائلاً إن "الروس الذين دفعوا عشرات آلاف السوريين خارج منازلهم في شمال شرق سوريا ما دفعهم إلى سلوك طريق اللجوء وكانوا يستعدون لعمليات عسكرية في الشمال الغربي، وقبل ذلك فعلوا ما فعلوه في الغوطة الشرقية ليسوا هم الجهة التي يمكنها الحديث عن عودة اللاجئين".

لا تناقض فرنسي - لبناني بل خلاف حول طروحات باسيل

وسُئل الدبلوماسي نفسه عن الخلاف بين فرنسا ولبنان بشأن عودة اللاجئين السوريين، فنفى وجود أي خلاف بين البلدين "بل إن التناقض موجود بين ما يقوله جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني وما تنصّ عليه التزامات لبنان الدولية والقانون الإنساني الدولي"، داعياً إلى احترام اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين.

الوضع القائم في لبنان خطير

وردّاً على سؤال لـ"العربية.نت" حول المساعي الفرنسية لإخراج لبنان من أزمة الفراغ الحكومي في ضوء تعثر تشكيل حكومة جديدة، قال الدبلوماسي الفرنسي إن "بقاء الوضع القائم في لبنان حالياً سيكون أمراً خطيراً، وكل ما تستطيع باريس فعله هو تذكير القادة اللبنانيين بمسؤولياتهم، فنحن بحاجة إلى اللبنانيين كي يساعدوا لبنان".

وذكّر المصدر نفسه، في معرض إجابته، ما قامت به فرنسا من أجل لبنان "منذ اهتمام الرئيس ماكرون والوزير لو دريان شخصياً" بحلّ أزمة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري العام الماضي، ثم كانت استضافة باريس لمؤتمر سيدر في 6 أبريل الماضي لدعم التنمية الاقتصادية في لبنان، "وقبله قدّمت فرنسا التزامات بدعم جهود تقوية الجيش وقوى الأمن اللبنانية خلال مؤتمر روما 2 في منتصف مارس الماضي، ودعمت القادة اللبنانيين في جهود إجراء الانتخابات التشريعية في 6 مايو".

ليبيا تعاني من غموض مواقف بعض اللاعبين الدوليين

وعلى الرغم من نفي المصدر الدبلوماسي وجود أي خلاف بين باريس وروما حول ليبيا، إلا أنه أشار إلى أن "على بعض اللاعبين الدوليين أن يوضحوا الرسائل التي يرسلونها"، وقال إن بلاده "تتفهم الحساسية الخاصة للإيطاليين في الموضوع الليبي والدور الذي يلعبونه والنفوذ الذي لديهم وتشركهم في ما تفكر به وتطلب منهم فرنسا ببساطة أن تتمكن من العمل معهم بوضوح".

وأوضح المسؤول الفرنسي أن تاريخ العاشر من ديسمبر من العام الجاري كموعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا لم تقترحه فرنسا وإنما توافقت عليه الأطراف الليبية الأربعة التي اجتمعت في باريس نهاية مايو الماضي.

واعتبر أن هناك قاعدة ممتازة لإجراء الانتخابات في ليبيا تتمثل من جهة بتسجيل 3 ملايين ليبي أسماءهم استعداداً ليوم الاقتراع وبإجراء انتخابات بلدية في الزاوية مؤخراً.

فلسطين على حقّ بمواجهة تطرف إسرائيل المدعوم أميركياً

وأخيراً تطرق المصدر الدبلوماسي إلى سلسلة الإجراءات الأميركية الأخيرة بحق الفلسطينيين، فأشار إلى أن فرنسا التي زارها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأسبوع الماضي ترى أنه على حق في رفض التنازل عن إقامة دولة فلسطينية "في مواجهة يمين إسرائيلي متطرف يستفيد من انحياز الإدارة الأميركية له".

وقال إن عباس طلب من ماكرون "الحفاظ على شروط حلّ الدولتين، ونحن سنحافظ على ذلك ونعتبره من مسؤولياتنا".

وأشار الدبلوماسي الفرنسي إلى أن سماح الولايات المتحدة لإسرائيل بهدم قرية خان الأحمر شرق القدس يشكل تخلّياً عن خط أحمر أميركي احترمته سابقاً كافة الإدارات المتعاقبة في واشنطن.