+A
A-

السلاحف البحرية تشتكي الممارسات غير القانونية

حذر مسؤول بالهيئة العامة للبيئة في ليبيا، من خطورة انقراض السلاحف البحرية، على التوازن البيئي في البحر المتوسط، مطالبا السلطات المعنية بتوفير الإمكانيات اللازمة لعمل فرق الحفاظ على البيئة وتفعيل القوانين التي تتصدى للعبث برمال الشواطئ وهي الأماكن الطبيعية لوضع بيض السلاحف.

وأكد رئيس قسم المحافظة على الطبيعة في الجبل الأخضر ورئيس فريق رصد ومتابعة موسم السلاحف البحرية بالهيئة العامة للبيئة في ليبيا، حسين عبد الجليل، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك"، أن السلاحف البحرية من الكائنات الهامة لتحقيق التوازن البيئي في البحار والمحيطات، ويوجد منها على مستوى العالم 7 أنواع، وما تم تسجيله على الشواطئ الليبية نوع يسمي السلحفاة ضخمة الرأس "Caretta caretta"، التي يبلغ طولها 270 سنتيمتر ووزنها 135 كيلوغراما.

وتابع بأن "ترتاد إناث هذه السلاحف الشواطئ لوضع البيض مع بداية شهر مايو/أيار من كل عام بعد أن تتم عملية التزاوج في عرض البحر، إذ تقوم عند وصولها باستكشاف الشاطئ لتحديد المكان المناسب، ثم تشرع في حفر العش في الرمال، وتضع ما بين 60 إلى 120 بيضة، وتقوم بردمها لتبدأ فترة الحضانة للعش التي تتراوح من 45 إلى50 يوما، حتى يفقس البيض وتخرج سلاحف صغيرة تتجه إلى البحر لتكتمل دورة حياتها".

وأضاف عبد الجليل أن "للسلاحف دور مهم في تحقيق التوازن البيئي كسائر الكائنات البحرية، ولعل ما يميزها أنها تتغذى على حيوان قنديل البحر، الذي يشكل خطرا على الإنسان لما يقوم بـه من لسعات عند ملامسته وأضرار اقتصادية تتمثل في إغلاق الشواطئ والمتنزهات البحرية"، لافتا إلى أن "انقراض السلاحف البحرية يؤدي إلى انتشار كبير لقنديل البحر".

وأوضح عبد الجليل أن "قنديل البحر يتغذى بشكل مباشر على بيض الأسماك واليرقات وانتشاره بشكل كبير يؤدي إلى خلل في التوازن الطبيعي"، لافتا إلى أن "الهيئة العامة للبيئة جهة رقابية استشارية دورها المحافظة على البيئة وتحسينها عن طريق مجموعة قوانين، ومن دورها أيضا القيام ببرنامج يسمى برنامج السلاحف البحريةـ يبدأ مع بداية موسم التعشيش من شهر مايو وحتى شهر سبتمبر/أيلول، يشكل من خلاله فريق عمل مكون من رئيس وأعضاء من كل فرع من فروع الهيئة العامة للبيئة".

وذكر رئيس فريق رصد ومتابعة موسم السلاحف البحرية في ليبيا، أن "الفريق يجري عمليات مسح للشواطئ التي تتواجد فيها السلاحف، ورصدها للحفاظ على دورة حياتها".

لكن لاحقا، يشير عبد الجليل، إلى أنه بعد أحداث فبراير/شباط (الثورة ضد نظام القذافي عام 2011)، جرى بفعل الفوضى وانتشار السلاح وغياب القانون، التعدي على مقر فرع الهيئة في الجبل الأخضر، ونهب محتوياته وجميع معداته، بما في ذلك المرصد التابع للهيئة على شواطئ منطقة الحنية شرقي البلاد، ما أدى إلى الحيلولة دون مواصلة فريق عمل الهيئة العامة للبيئة لجهوده الرامية للحفاظ على التوازن البيئي.

وتابع شارحا: "بات التعدي على رمال الشواطئ في وضح النهار أمر غير مستغرب، إذ يقوم البعض بجرف الرمال بالجرافات وبيعها للقيام بأعمال البناء مما أدى إلى تدمير أماكن وضع بيض السلاحف البحرية وبالتالي أصبحت مهددة بالانقراض".

وقال عبد الجليل إن "الهيئة العامة للبيئة في ليبيا قامت على مدى 4 سنوات بمخاطبة جميع الأجهزة الضبطية من شرطة زراعية، ومديرية أمن الساحل، وعميد بلدية الساحل في الجبل الأخضر شرقي ليبيا ورئاسة الحكومة المؤقتة، ولكن من دون جدوى، واقتصر دور الهيئة في حصر بعض الشواطئ التي لم يتم التعدي عليها بشكل كبير"، ولفت إلى أن فرق العمل المكلفة بحماية البيئة تعرضت لمشكلات عدة مع بعض المواطنين المخالفين للقانون مما أدى إلى تجميد العمل لعدة أشهر.

وتابع محذرا أن "حجم الأضرار الواقع على السلاحف البحرية كبير جدا فهذا النوع بالتحديد سلحفاة ضخمة الرأس مصنف عالميا كنوع مهدد بالانقراض، وعند تدمير بيئتها الطبيعية يتضاعف حجم الضرر، فعند حلول موعد وضع البيض تتجه السلاحف إلى الشواطئ التي فقست منها قبل أعوام وترجع إليها بعد التزاوج حاملة البيض لتضعه على سواحل نفس الشاطئ، فإن لم تجد البيئة الملائمة لحفر مواضع على الشواطئ لوضع البيض تعود إلى البحر وتطرح بيضها في الماء، فينقرض جيل بأكمله من السلاحف البحرية".

وحول مدى توفر إحصائيات عن عدد السلاحف ضخمة الرأس على السواحل الليبية، يؤكد حسين عبد الجليل عدم وجود إحصائيات دقيقة "لصعوبة العمل في ظل غياب الأمن والقانون".

وأردف قائلا "لكنني قمت بإجراء مقارنة من خلال ورقة علمية باسم جرف الرمال وتدمير بيئات السلاحف البحرية، أوضحت فيها ما كانت عليه الشواطئ في العام 2008 وماهي عليه في العام 2016، وتبين حجم الفارق الكبير في عدد أماكن وضع بيض السلاحف، ومن تغير في شكل الشواطئ وتعرضها إلى ما يسمى تآكل الشواطئ وانحسارها في عدة أماكن وارتفاع الأمواج".

وأشار إلى أن الهيئة العامة للبيئة قدمت مقترحا لجلب رمال الصحراء وإلزام المواطنين باستخدامها في عمليات البناء بدلا من رمال الشواطئ وإغلاق هذه الشواطئ وإعلانها محميات طبيعية، وتم تقديم هذا المقترح لرئاسة الوزراء في الحكومة الليبية المؤقتة، لعرضه على وزارة الاقتصاد والمؤسسة الوطنية للتعدين، لكن مع الأسف لم ينظر فيه كغيره من المقترحات".