+A
A-

"تشابه الأسماء مع الدواعش".. مأساة يواجهها شباب العراق

أن يتم توقيف شخص من قبل القوات الأمنية بسبب "اسمه" قد يكون صادماً، لكن في العراق أصبحت هذه المشكلة ظاهرة تسبب معوقات كبيرة للكثير من الأشخاص، لمجرد تشابه أسمائهم مع أسماء الأفراد الذين كانوا ينتمون لتنظيم داعش أو مطلوبين آخرين، وخاصة في المحافظات الغربية.

محمد عبد الله الدليمي، أحد المعنفين من قبل السلطات الأمنية الذي تم توقيفه لأكثر من 48 ساعة من دون تحقيق، وذلك بتهمة تشابه اسمه مع إرهابي مطلوب للقضاء العراقي.

محمد الذي يبلغ من العمر 29 عاما روى لـ"العربية.نت"، جزءاً من معاناته مع هذه القضية التي أصبحت لازمة معه عند مراجعته لأي دائرة حكومية، كونهم يطلبون ورقة عدم المحكومية في كل مراجعة.

وأوضح الدليمي، أنه تم اعتقاله في إحدى السيطرات الأمنية في مساء أحد أيام مارس/آذار الماضي، وقد تم اقتياده بالقوة إلى مركز شرطة المدينة، لانتزاع اعتراف لم يكن يعلم شيئاً عن خلفياته.

وأضاف الدليمي، أنه قد شاهد العشرات من أهالي مدينته كانوا على قيد التوقيف للسبب ذاته، مبيناً أن أغلبهم كانوا أبرياء ولم يتم إثبات أي تهمة ضدهم، مشيراً إلى وجود حالات تعذيب ضد عدد من الموقوفين الذين كانوا في المركز ذاته.

وتابع الدليمي: إنه وبعد مضي عدة أيام، تم إطلاق سراحه بالكفالة، حاملاً معه الاستفسارات الأمنية لإثبات براءته من التهم الموجهة ضده من الدوائر الأمنية الخمس (استخبارات الجيش، استخبارات الشرطة، جهاز المخابرات، جهاز الأمن الوطني، وقيادة شرطة المحافظة)، ثم مراجعة المحكمة من أجل الحصول على قرار عدم المحكومية.

غير مطلوب ولكن..

أما حول ما إذا كانت هذه الإجراءات هي نهاية معاناتهم، بيّن الدليمي، أنه مع إكمال جميع الإجراءات اللازمة وصدور قرار المحكمة الذي ينص "بأنني غير مطلوب في الوقت الحالي"، لكن ما زالت مسألة ذهابه إلى بغداد تشكل له أعقد المشاكل، بسبب الإجراءات الروتينية القاسية في السيطرات الأمنية لدخول العاصمة.

الدليمي الذي قرر أن يغادر البلاد نتيجة هذا التعسف، واجهته مشكلة معقدة أخرى، إذ ورغم قرار المحكمة ببراءته، إلا أن مديرية الجواز وجنسية محافظته تمتنع عن تمديد جواز سفره النافذ، لذات السبب الذي أضحى كشبح يطارد محمد والعشرات من الشباب الذين بحسبه، يقضون أعواما في السجون بسبب تشابه الأسماء.

عدم وجود قاعدة بيانات

وأشارت تقارير المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، إلى أن هناك نحو 60 ألف متهم بالإرهاب صدرت بحقهم أحكام قضائية، بينهم العشرات ممن لم تتمكن السلطات من القبض عليهم، وبسبب عدم وجود قاعدة بيانات كاملة عنهم، فقد تم توزيع أسمائهم الثلاثية على السيطرات من أجل محاكمتهم.

وفي هذا الإطار قال النائب عن تحالف القرار العراقي، مقدام محمد إن 60% من الموقوفين في مراكز شرطة المحافظة هم بسبب قضية تشابه الأسماء، مبيناً أن هناك المئات في السجون بسبب مجرم واحد.

وأشار إلى أنه ليس من العدل والإنصاف إيداع المئات في السجن بسبب مجرم واحد، في ظل الأذى والمعاناة التي يتعرض لها المواطن من فقدان مصدر رزقه وعائلته والضرر النفسي والاجتماعي للفرد والعائلة، داعياً وزير الداخلية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية والايعاز إلى جميع نقاط التفتيش ووكالات الاستخبارات والمعلومات الوطنية إلى استخدام الاسم الرباعي واللقب، وكذلك استخدام اسم الأم لكف الأذى عن المواطنين الأبرياء وتجنيبهم معاناة الاعتقال والاحتجاز وما يترتب عليه من أضرار نفسية واجتماعية لاحقة.

ابتزاز ذوو المتهمين

ويؤكد مسؤولون محليون في الموصل أن نحو 2500 شخص في المدينة يعانون من مسألة تشابه الأسماء، وقد استحصل بعضهم على قرار قضائي باسمه واسم والدته وأنه ليس الشخص المطلوب من قبل المحاكم العراقية، والآخرون لا يخرجون من منطقتهم إلا للضرورة القصوى.

ووفقاً لمصدر أمني في مدينة الموصل فإن هذه الظاهرة عادت اليوم مجدداً للموصل وكذلك باقي مدن العراق، مشيراً إلى وجود أشخاص فاسدين في وزارتي الداخلية والدفاع، وكذلك دائرة الجنسية المكلفة بحسم معلومات المتهمين، يقومون بابتزاز المواطن قبال قضيته.

وأوضح المصدر أن ذوي المتهم يجبرون على دفع مبالغ مالية كبيرة تصل إلى نحو 1000 دولار، للتسريع باستخراج ما يثبت براءة أبنائهم، ولضمان عدم الاعتداء لإجباره على الاعتراف.