+A
A-

معرض العين للكتاب يستكشف واقع القصة الإماراتية

تحت رعاية  الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، تواصلت أمس فعاليات الدورة العاشرة من معرض العين للكتاب الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، من 23 سبتمبر إلى 2 أكتوبر، في مركز العين للمؤتمرات.

وأقيمت أمس جلسة حوارية بعنوان "القصة الإماراتية، استشراف مستقبل السرد" مع القاصة شيماء المرزوقي، وأدار الحوار الكاتب الدكتور محمد بن جرش، تناولت مدى تأثير العولمة في السرد والعمل الإبداعي الإماراتي، والتحديات الحالية والمستقبلية التي تواجهها القصة الإماراتية، ومدى إسهام ورش الكتابة الإبداعية في تجويد الأعمال الأدبية كماً وكيفاً، وركزت الندوة على أدب الطفل في الإمارات، وآليات التوفيق السردي والإبداعي بين الثيمات الثلاث: "الطفولة والكتابة والأمومة"، وعلاقة السرد بالقضايا الراهنة والموضوعات المحلية.

وفِي مستهل الندوة أشار الدكتور محمد بن جرش أنّ "الكثير من النصوص الأدبية تتجاوز ذاتية الكاتب وعوالمه الداخلية لتكون نافذة يطل معها القرّاء على عالم أوسع، حيث نتعرف إلى حياة شعوب أخرى في مراحل مختلفة من تاريخها، وتعطينا فكرة عن حياة تلك الشعوب، وعن قيمها، وعاداتها، وأنماط حياتها اليومية، وهي بذلك تقربنا من مجتمعات لم نكن نعرف عنها سوى بعض المعلومات الجافة ذات الطابع التوثيقي المحض، وفي الإمارات سعت الكثير من الأعمال الأدبية إلى النهل من الواقع المحلي، خاصة في النتاج الروائي والقصصي، وهو ما يعكس وعيا مهما لدى الكاتب الإماراتي بواقعه المحلي، وبعلاقة الأدب عموما بذاكرة الشعب وهويته، ولكن أيضا لا يكفي تعاطي الكاتب مع قضية محلية ليكون نصه الأدبي قادرًا على تكوين ذلك الجسر المطلوب بين ذاكرة الشعب والقارئ، فالنص الأدبي هو أولاً وأخيراً عمل إبداعي، أي أنّ الإبداع فيه هو الأساس، لذلك فإن التصدي لسرد ذاكرة الشعب، أي شعب، أدبياً وجمالياً، يتطلب من المبدع تطوير أدواته، لتكون على المستوى الذي يليق بذاكرة شعبه، وليكون قادرًا على ملامسة الآخر، ما يجعل نصه الأدبي عملاً إبداعياً مهماً، ووثيقة متعددة الأبعاد والفضاءات لذاكرة الشعب في الآن نفسه".

أما الكاتبة شيماء المرزوقي فاعتبرت أنّ القصة "قد تكون واحدة من أشهر الأصناف الأدبية التي تمت الكتابة فيها منذ حقب طويلة في تاريخ الإنسان، وقد تكون القصة أكثر وهجاً في كثير من الحضارات من الشعر.. وفي بعض الأمم والشعوب قد تكون القصة مرادفة للشعر.. قلما تجد أمة من الأمم أو شعبا من شعوب الأرض أو أي حضارة إلا وتجد عندها كنزاً وموروثاً قصصياً كبير جداً، من الإغريق إلى اليونان وما بعدهم وصلتنا الكثير من القصص التي تُحكى بمثابة الأساطير والخرافات"،  ورأت الكاتبة أنّ العرب كان لديهم موروث كبير في مجال القصة ولم يهتموا بالشعر وحسب، ولعل أكبر دلالة على هذا الأمر ما ورد في القرآن الكريم من القصص عن الأمم السابقة، فخاطب الله سبحانه وتعالى الناس فيها بطريقة قصصية، وذلك لتلائم الناس وتجذبهم وتتماشى مع طبائعهم في حب الاستماع إلى القصص والأخبار والحكايات وما الذي حدث للأمم السابقة، وتراثنا الأدبي حافل بالقصص إذ نبعت القصة من حاجات إنسانية وكانت تعقد المجالس التي تحفل بحكايات الرواة في جلسات السمر".

وأكّدت الكاتبة أنّ تمازجاً بين الحضارات يحدث اليوم بفضل المعلوماتية والترجمة وشبكة الانترنت ووسائل الاتصال والتقنيات الحديثة، وهذا التمازج واطلاع العرب على ثقافات وموروثات أمم وشعوب أخرى ساهم في تطور القصة العربية والسرد الإماراتي وحداثة عناصره من حبكة وشخصيات وحوار وتشويق، مشيرةً إلى أنّ استشراف مستقبل السرد هو هاجس تحوّل إلى ما يشبه العلم، له مبادئه وله طرقه وله الأسس التي يمكن البناء عليها والحكم، ولا يمكن محاولة التنبؤ بالمستقبل دون أن تكون هناك أرضية قوية واضحة يمكن الانطلاق منها. وفيما يتعلق بالأدب والقصة في الإمارات فترى الكاتبة أنه خلال العقد القادم ستتصدر الإمارات الهرم العربي أو على مستوى الشرق الأوسط في مجال دعم القراءة والتأليف والكتابة، في ظل الدعم المتنامي الذي يأتي من أعلى الهرم السياسي في البلد وصولاً إلى الوزارات والهيئات، ولن نجد وزارة أو هيئة في دولة الإمارات إلا ولديها هم معرفي ولديها برامجها الثقافية وتشجع إقامة الندوات والورش المعرفية، وهذا واقع نعيشه ونراه، ويعكس هذا الأمر العدد المتنامي لدور النشر في الإمارات، والتسارع المضطرد لحركة التأليف والكتابة.

وختمت الكاتبة بالإشارة أن الحراك الثقافي والأدبي في الإمارات مستمر وينمو، وبالتالي لن تكون القصة في معزل عن هذا التوجه والحراك بل إنها تتقدم وتكتسب مساحات أكبر، سواء في شكلها المعتاد أو كرواية، وستكثر المنجزات في الكتابة السردية ولن يبقى إلا الأسماء التي تعبت على أعمالها وحرصت أن تكون بوهج كبير وعلى درجة عالية من التميز، وبالتالي فإن نظرتنا للواقع وللعصر الراهن تعني أن القصة الإماراتية سيكون لها حضور على مستوى العالم قريباً، لسبب بسيط آخر هو أن الإمارات تحقق عدة منجزات في مجالات أخرى إضافة إلى ما تحظى به الحركة الأدبية من تشجيع ودعم من حكومتنا الرشيدة، إلى جانب الاندماج بين مختلف الثقافات والتداخل والنهوض في مختلف مجالات التنمية في بلادنا، التطور في المجال الطبي وفي مجال العلوم وفي مجال الفضاء والتطور في مجال الرياضة والألعاب الرياضية المختلفة والحضور المؤثر على الساحات الدولية، ومن المستحيل أن تكون الساحة الأدبية في معزل عن مثل هذا الحراك لأنه حراك اجتماعي كامل سينعكس حتماً على مُخرجات العملية الإبداعية في الأدب والقصة والسرد.

وخُتتم يوم أمس فعالياته بالعرض الموسيقي "جاز وجاز" موسيقاي من دبي من تقديم مؤسسة "ماي ميوسك هيد"، والتي استطاعت أن تجذب زوار المعرض للاستمتاع إلى أداء الفنانين صوتاً وعزفاً.