العدد 3653
الإثنين 15 أكتوبر 2018
banner
الحياء والإعلام
الإثنين 15 أكتوبر 2018

أشفقت على خطيب الجمعة وهو يعظ فينا ويخطب عن خلق الحياء، وكيف أنه من أفضل الأخلاق وأجلِّها وأعظمها قدرا وأكثرها نفعا، وكيف أنه ما كان في أي أمر إلا زانه وما نزع من أي أمر إلا شانه، لأنني شعرت أن كلام الخطيب لا يخرج عن حدود المسجد الذي يخطب فيه ويفقد كثيرا من وقعه على الجمهور بمجرد أداء الصلاة والخروج من المسجد، بسبب هذا الانفصام الكبير بين المؤسسات التي تقوم بالتنشئة والتوعية في المجتمع وغلبة وفاعلية تأثير جهات أخرى من أخطرها وأهمها الإعلام بقنواته وأساليبه المتعددة وخصوصا المرئية منه.

مؤخرًا شاهدت أحد المذيعين وهو يتقدم لزميلته لخطبتها، ليس من أهلها ولا في بيتها، إنما أثناء تقديم برنامجهم التلفزيوني، فطلب يدها على الهواء مباشرة، وهي بدورها لم تتريث في الرد عليه ولم تطلب مهلة للتفكير في الأمر كما تفعل عادة البنات، ولم تقل له إن مثل هذا الموضوع إنما يعرض على أهلها وولي أمرها ومن ثم عليها من خلاله، وإنما قبلت العرض دون تردد.

وفور أن سمع المذيع موافقة زميلته على عرضه، قام على الفور “بتلبيسها” الدبلة، مخاطبا المشاهدين: “أنا قلت ل... (اسم المذيعة) قدام الدنيا كلها تتجوزيني وهي قبلت العرض بتاعي”، وناصحًا كل شخص بأن يفعل ما يفرحه ويفرح الناس دون تردد.

قد يكون مثل هذا المشهد متفقا عليه مسبقا وقبل الهواء، لكن خطورته تكمن في أنه يصدر للمشاهد قيما سلبية، فالمشاهد لا يعنيه إن كان هناك اتفاق أم لا على هذا السيناريو، إنما يهمه المنتج والسلوك النهائي الذي أمامه وهو يمثل تناقضا صارخًا مع صحيح الدين وهذه هي الخطورة الحقيقية والرسالة المفزعة التي يتم ترويجها وعلى نطاق واسع بين المشاهدين في ظل التأثير الكبير للتلفاز  بين الناس.

صحيح أن هناك مناظر ومشاهد خارجة عن الذوق والأدب والجماليات تمتلئ بها القنوات المختلفة التي تدخل كل البيوت وتؤثر في كل الأعمار، إلا أن خطورة هذا المشهد تتعدى كل ذلك لأنه بمثابة دعوة صريحة لعدم التقيد بالضوابط الدينية وعدم الالتزام بالشرع، وأن يكون الحاكم للسلوكيات “سعادة الإنسان وارتياحه فقط” حتى لو كان ذلك مخالفا للدين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .