+A
A-

زايد وضع حجر الأساس لإعلام فاعل يرتكز على قاعدة تؤمن بالتعددية الثقافية

تحت عنوان «صورة الإمارات في الإعلام»، انطلقت أمس فعاليات منتدى الاتحاد الثالث عشر، بمشاركة كوكبة من الباحثين والكُتاب والمفكرين. وتمحورت زوايا النقاش حول ثلاث جلسات رئيسة، أولاها، عن «ملامح صورة الدولة في الإعلام بمرحلتي التأسيس والتنمية»، وثانيتها، «صورة الإمارات في الإعلام خلال مرحلة التمكين»، والجلسة الثالثة تم تخصيصها لآليات الرد الإعلامي على حملات التشويه. وعلى ضوء هذه البنود.
وبما أننا في «عام زايد»، الذي خصصته قيادتنا الرشيدة للاحتفاء بذكرى مرور 100 عام على ميلاد القائد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ركز المتحدثون في أوراق عملهم على صورة الشيخ زايد في الإعلام العربي والدولي، وكيف قدّم الإعلام الدور الذي لعبته الدولة في الدفاع عن الحقوق العربية وضمان الاستقرار الدولي، ورفض التطرف والإرهاب، والتصدي لحملات التشويه، وتضمنت فقرات المنتدى فيديو يرصد اهتمام المغفور له الشيخ زايد بالإعلام، وتدشينه مؤسسات إعلامية، منها جريدة «الاتحاد»، التي واكبت حلم الراحل الكبير في مشروعه الوحدوي..
توصية محمد بن زايد
في البداية عرض المنتدى فيديو يتضمن جانباً من كلمة ألقاها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل.. يحث فيها الشباب على جعل سلوكهم أثناء تواجدهم في الخارج يعكس حبهم لوطنهم الإمارات، وأن يصبحوا سفراء لبلادهم، وأن يكونوا بسلوكهم ونجاحاتهم جزءاً من صناعة الصورة الطيبة لإمارات الخير في الخارج.
وفي مستهل فعاليات المنتدى، قدّم سعادة الدكتور علي بن تميم، مدير عام أبوظبي للإعلام، ورقة رحّب في بدايتها بالمشاركين في المنتدى، مشيراً إلى أن فعاليات منتدى الاتحاد الثالث عشر تناقش صورة الإمارات في الإعلام، في غمرة الاحتفال بـ«عام زايد»، ويرى سعادته أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وعى الدور الاستراتيجي للإعلام فظل يصبو إلى بناء إعلام يكون صوت المواطن، ويكون جامعة مفتوحة تتولّى التثقيف والتنوير وتعزز الانتماء للدولة الوطنية، وظل رحمه الله، يشدد على الدور الاستراتيجي الأساسي للإعلام في حياة المجتمعات من خلال النقل الموضوعي للأخبار والمعلومات والوقائع بهدف التأثير في العقل والوجدان.
إعلام القدوة
وأكد ابن تميم، أن الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وضع حجر الأساس لإعلام فاعل يرتكز على قاعدة تؤمن بالتعددية الثقافية وتقف ضد أحادية الرؤية، لهذا كان من الطبيعي أن يدافع الإعلام عن الحق والخير والجمال ويحارب الإرهاب والتطرف والتعصب الأعمى، ومن الواجب كذلك أن يتولّى الإعلام الدفاع عن الوطن وسيادته. ويمكن القول إنّ منظور الشيخ زايد فيما يخص الإعلام كان يرتكز على نشر الوعي الثقافي وتقديم النماذج الإيجابية التي تبني الشخصية، وتصنع القدوة، وتشعر الأمة بالقوة وتبيّن لها ما ينير واقعها ويبصّرها بطريقها، ويتطلب ذلك أن تتضافر المنصات الإعلامية لمحاربة الوعي المزيف والعمل على نشر الوعي الثقافي.
وأضاف سعادته، أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت منذ أن أرسى دعائمها الراحل الكبير الشيخ زايد مع الآباء المؤسسين، ولا تزال كذلك إلى اليوم منارة في نصرة مبادئ الحق والخير والسلام والاعتدال في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.. من هنا- يقول ابن تميم- تأتي أهمية هذا المنتدى الذي سيلقي أضواء كاشفة على صورة الإمارات المشرقة في أبعادها المختلفة، بوصفها نموذجاً رائداً في التنمية المستدامة وراعية للانفتاح والتعددية الثقافية والتسامح،راجياً أن يصل هذا المنتدى إلى بناء محتوى يساعدنا في أبوظبي للإعلام لبناء تصور استراتيجي يسهم في الارتقاء بهذه الصورة على شتى الصعد.
وقدم حمد الكعبي رئيس تحرير «صحيفة الاتحاد» ورقة أكد فيها أن  المنتدى السنوي لـ«الاتحاد»، في دورته الثالثة عشرة، صار مناسبة عزيزة تتجدد في مثل هذه الأيام، من كل عام، لتجديد أرقى صور الوِدِّ والعَهْدِ، والتواصل والتكامل والالتقاء الفكري والإعلامي، بين أسرة «الاتحاد» وقرائها مع نُخبة النُّخبة من المفكرين والإعلاميين وقادة الرأي العرب.
وقال الكعبي: «لن يفوتني أيضاً انتهاز هذه الفرصة العزيزة لتجديد الشكر لكم مرة أخرى ومرات، على دوركم الكبير في تحويل صفحات «الاتحاد» إلى منبر للتبصير والتنوير في الساحة العربية، وملتقى لتسليط الأضواء الكاشفة على كل قضايا المنطقة والعالم، من زاوية نظر مهنية وعقلانية، وبما يعزِّز روح التعايش والتعارف والسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة، بعيداً عن إسفاف وإرجاف الإعلام غير المهني.
وأضاف الكعبي: استمراراً للخط المستنير الذي دَرَج عليه منتدى «الاتحاد» السنوي، في اختيار موضوعاته ومحاور جلساته وديباجاته، وسيْراً على ذات النهج الفكري والمهني البنَّاء، الذي يربط الجهد الإعلامي الوطني الملتزم بقضايا المجتمع وأهداف الأجندة الوطنية الرامية لنشر قيم الحق والخير والجمال في الوطن وفي كل مكان، يأتي موضوع هذه الدورة الثالثة عشرة عن: «صورة الإمارات في الإعلام العربي والعالمي»، وهو موضوع راهن، ويكتسي أهميته البالغة من ضرورة المواكبة الإعلامية لقصة صعود دولتنا الفتية على المسْرحين الإقليمي والعالمي.
إعلام يستجيب للتحديات
وحسب الكعبي، كان الإعلام يوصف عادة في التعبيرات الكلاسيكية الدارجة بأنه هو «السلطة الرابعة»، ولكن مع ثورة الاتصال الكبرى التي يشهدها زمننا هذا، وبعد كل هذه المياه التي جرت تحت الجسر، بات دور وحضور الإعلام يتجاوز ذلك التوصيف بكثير، فإنْ لم يكن هو «السلطة الأولى»، فقد صارت قدرته على التأثير والتنوير، وفي بعض الحالات التغرير والتدمير، فوق كل ما كان يتصوره المفكرون والمنظرون الإعلاميون في الأجيال السابقة.
وأضاف الكعبي: لا شك في أن كل هذا يفرض اليوم إعادة مساءلة دور الإعلام، وطريقة الاستجابة الملائمة للتحديات التي تطرحها أشكالُه الجديدة، ورصد كيفية انعكاس صورة الوطن في الإعلام الإقليمي والدولي، والطرق الكفيلة بتعظيم القوة الناعمة للدولة، ودواعي التفاعُل -والتفاؤُل- مع الإعلام العربي والدولي المهني الملتزم، لإعادة التأكيد على مواثيق شرف المهنة الإعلامية نفسها، وخدمة مصالح مجتمعاتنا العربية، ورد دعاية ودعاوى الإعلام المعادي، وما يروّجه من خطاب عنف وكراهية.. وأعرب الكعبي عن تمنياته لأعمال المنتدى بالنجاح والتوفيق وتحقيق كل الأهداف النبيلة التي نلتقي من أجلها على المودة والمحبة، دفاعاً عن شرف المهنة وأمانة الكلمة، وإعلاءً لقيم الحق والخير والجمال.
تكريم «العريمي»
وشهدت فعاليات المنتدى تكريم راشد صالح العريمي رئيس تحرير الاتحاد الأسبق، لما قدمه من أدوار إيجابية ومساهمات وجهود مخلصة ورؤى سديدة ساهمت طوال السنوات الماضية في تعزيز استمرارية منتدى الاتحاد الذي صار اليوم منصة رائدة، ومن أهم المنتديات السياسية في المنطقة.. وخصصت النسخة الثالثة عشرة للمنتدى فقرة تكريم المشاركين المنتظمين منذ المنتدى منذ نسخته الأولى عام 2006، فهؤلاء الكتاب حرصوا رغم انشغالاتهم وأجنداتهم المزدحمة أكاديمياً وصحفياً، وحتى رغم بُعد المسافات التي يقطعها بعضهم، على حضور جميع النسخ السابقة من المنتدى، مؤمنين برسالتهم وبأهمية دورهم التنويري، ولا تزال مشاركتهم قوة دافعة لنجاح هذه المناسبة السنوية التي تعزز الدور التنويري للصحيفة.
الجلسة الأولى.. استثنائية زايد جعلت الإعلام مشاركاً في صناعة حدث تاريخي
سلطت الجلسة الأولى التي أدارها حمد الكعبي، رئيس تحرير «الاتحاد»، الضوء ضمن 3 أوراق، أولاها للأكاديمي اللبناني الدكتور رضوان السيد، وحملت عنوان «زايد في الإعلام العربي والدولي خلال مرحلتي التأسيس والتنمية»، ثم ورقة الكاتب والباحث الإماراتي الدكتور عبدالله جمعة الحاج عن «الإعلام ودور الإمارات في الدفاع عن الحقوق العربية وضمان الاستقرار الدولي»، والورقة الثالثة كانت للأكاديمي الإماراتي المتخصص في الإعلام د. حسن قايد الصبيحي وحملت عنوان «إدراك المؤسس أهمية الإعلام في تدشين دولة الاتحاد وتعزيز مسيرة التنمية».
تحت عنوان «زايد في الإعلام العربي والدولي خلال مرحلتي التأسيس والتنمية»، أكد د. رضوان السيد، أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة اللبنانية في ورقته، أن الدولة الاتحادية التي أقامها المغفور له الشيخ زايد على الحكمة، وبعد النظر والأخلاق في التعامل مع الداخل والخارج، هي تجربة نجاح مازال يتعاظم بالإنجاز، وصنع الجديد والتقدم في المجالات الداخلية والعربية والعالمية.
استنتج السيد، في ورقته، أن القراءة في مضامين الصحف لحظة تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة تشير إلى أن الدولة قامت على وعي وهمة وإرادة وإصرار الشيخ زايد، وإدراكه للضرورات التاريخية والحاضرة.. وقد جرى الاتحاد بسلاسة، ومن دون استئثار أو إرغام.الدولة الاتحادية التي أقامها الشيخ زايد وإخوانه حكام الإمارات حفظها الجيلان اللاحقان من الشيوخ، ومن المواطنين على الأسس ذاتها وعلى الإنجازات المتزايدة.
وحسب السيد، كان أنصار تدشين الدولة الاتحادية يبذلون جهوداً لإيضاح مشروعهم لدى الصحف العربية والأجنبية، وبدأ الاهتمام الحقيقي بمشروع الدولة الاتحادية في الظهور بالصحف العربية، بعد الاجتماع الذي حضره المغفور لهما الشيخ زايد، والشيخ راشد في دبي يوم 18 فبراير 1968، وخلال الاجتماع تم الاتفاق على إقامة اتحاد بين أبوظبي ودبي، ويشير د. رضوان إلى أن الاجتماع الثاني جرى في دبي أيضاً مع الإمارات الخمس الأخرى التي وافقت على إقامة اتحاد الإمارات العربية المتحدة. ولدى د. رضوان قناعة بأن التفكير في الدولة الاتحادية كان نابعاً من وعي الشيخ زايد القوي بضرورات الاستقلال، وأن يكون ذلك بقوة تدشين الدولة الاتحادية، مُفنداً ما ورد في دراسات تاريخية اعتبرت أن إعلان البريطانيين عام 1968 نيتهم الانسحاب من شرق السويس بحلول آخر عام 1971، هو الذي أدى إلى التفكير في الدولة الاتحادية.
إعلام الإمارات...سرعة التطور
وفي ورقته المعنونة بـ «إدراك المؤسس لأهمية الإعلام في تدشين دولة الاتحاد وتعزيز مسيرة التنمية»، استنتج الكاتب والأكاديمي الإماراتي د. حسن قايد الصبيحي، في ورقته أن الإعلام في الإمارات أحد إفرازات الدولة الحديثة التي وضع دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومضى على نهجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
ورقة الصبيحي تخرج بخلاصة مفادها أن الإعلام أحرز نجاحات وقفزات مهنية، وقام بأدوار تتحلى بالمسؤولية الاجتماعية، سواء بالدعوة للتطوير والتنمية والتمهيد لهما، وبات أحد أهم قواعد الانطلاقة الحضارية للإمارات. وتؤكد الورقة أن جهوداً مضنية بذلها المؤسسون لتأسيس إعلام ملتزم بقضايا الوطن، كما أن الإعلام الإماراتي امتاز عن المسارات الإعلامية العربية الأخرى في البيئة الخليجية وغير الخليجية في كونه بدأ متواضعاً جداً، لكنه اجتاز المسافة الفاصلة بين النشأة والازدهار بسرعة فائقة وبسلاسة ويسر لا مثيل لهما في التجارب الإعلامية العربية الأخرى.
وقدم الصبيحي قراءة في إحدى وثائق «مركز الوثائق البريطانية» تتضمن رسالة من المندوب السامي إلى وزارة الخارجية البريطانية، تقول: إن زايد يتمتع بروح مرحة، وذو شخصية قوية تتسم بصفات الكرم والعطاء، وفي كل تعاملاته كان ميالاً إلى اختيار العروض الأقل تكلفة في اتفاقيات المشاركة في تنمية الدول، وتجنب العروض ذات التكاليف الباهظة على بلاده.
إعلام يخدم الدولة والمجتمع
وفي ورقته المعنونة بـ «الإعلام ودور الإمارات في الدفاع عن الحقوق العربية وضمان الاستقرار الدولي»، أكد الكاتب والباحث الإماراتي الدكتور عبدالله جمعة الحاج أن الإعلام الإماراتي بعيد عن التهويل والتضليل والمبالغة، ويميل إلى ممارسة النقد الهادف بأساليب رصينة تخدم الدولة والمجتمع.
وتقدم ورقة الحاج خلاصات منها أن الإعلام الإماراتي بعيد عن الفكر المتطرف، وطوّر لنفسه على مدى الخمسين عاماً أو أكثر، أنماطاً فريدة خاصة به من الحرية والتنوع والقدرة على إيصال الأفكار الإيجابية عن الدولة، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. وأن الصورة التي يرسمها الإعلام الإماراتي، وعلى الصعيد الداخلي، أن الإمارات، دولة ومجتمعاً، مدركة وواعية ومهتمة بالمخاطر المحيطة بها، خاصة تلك الآتية من فئات ضالة تتبنى أفكاراً مستوردة من الخارج تتمثل في جماعات التطرف والعنف.
سمات الإعلام الإماراتي
ويرى الحاج في ورقته أن أدوار الإمارات الخارجية مرت بثلاث مراحل، الأولى بدأت عام 1971 وانتهت عام 1980. الثانية من 1981 إلى 1990، والثالثة: بدأت عام 1991 ومستمرة حتى الآن. خلال المرحلة الأولى، ركّز الإعلام على نجاح الدولة في الحفاظ على استقلالها وسلامة أراضيها وشعبها من المخاطر كافة، وركز الإعلام على ابتعاد الدولة عن الاستقطابات العالمية والمحاور الأيديولوجية والتكتلات السياسية والعسكرية. في المرحلة الثانية- حسب ورقة الحاج- اندلعت الثورة في إيران ونشبت الحرب العراقية- الإيرانية انتهاء بغزو العراق للكويت في 2 أغسطس 1990، ثم حرب تحرير الكويت، وفي هذه المرحلة اتضحت صورة الإمارات في الإعلام عبر جهود امتدت لتصل إلى زوايا محيطها الخليجي والعربي والإقليمي بيد ممدودة بالخير إلى الجميع.
وأثناء الغزو العراقي للكويت، تمحورت صورة الإمارات في الإعلام، حول الرفض التام للغزو جملة وتفصيلاً، وأن الاحتلال الغاشم انتهاك لحرمة وسيادة دولة خليجية شقيقة ومستقلة. وعن أزمة إقليم كوسوفو التي اندلعت عام 1993، كانت الإمارات من أولى الدول التي تدخلت بفعالية، وكان تدخلها إنسانياً وليس عسكرياً.