العدد 3669
الأربعاء 31 أكتوبر 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
رغبة وكفاءة... معا!
الأربعاء 31 أكتوبر 2018

منذ المراحل الأولية في التعليم، ونحن نتعلم الفرق بين كل من المؤثرات الوراثية، والتربوية؛ فالأولى كما يعلم الجميع مُتعلقة بما نرثه من الآباء، شكلا ومضمونًا؛ أي جسدًا وصفات، أما الثانية؛ فهي ما نكتسبه من هذا المحيط التربوي الصغير في الأسرة؛ ثم المجتمع الكبير من سلوكيات، وممارسات، قد تعزز الجانب الموروث أو ربما تطمسه تمامًا؛ إِنْ لم تكن البيئة مُهيَأة لتنميته أو إخراجه إلى السطح؛ سواء كان إيجابيًا أم سلبيًا.

باختصار؛ لا يمكن أن تُقرر – فجأة – تغيير مسار حياتك، من دون مقدمات، أو استعدادات سابقة! لا يمكن أن تستيقظ من النوم في أحد الصباحات؛ لتقرر أن تسلك طريقًا معينة؛ لم تكن قد خططت لعبورها، أو وضعت خارطة لما قد يعترضك من مصدات أو عقبات! لا تدار الحياة بهذه البساطة الشديدة، أو بشكل اعتباطي متروك كما نقول (على البركة)!

لم تصبح (أنت) مهندسًا، أو طبيبًا أو مدرسًا أو رجل أعمال... من دون بلوغ مراحل من الكدّ، والكدح، والعمل، والعلم، والمعرفة! ولو رغبت في توجيه بوصلتك؛ العملية أو العلمية – لاحقا – فإن من الطبيعي ألّا تخرج عن استعدادك النفسي والجسدي، وبين قوسين (القدراتيّ)، وهو ما يعني أنك ستعمل على بلوغ التأهيل اللازم الذي يعينك على توجيه هذه البوصلة!

هذه المقدمة الطويلة؛ هدفها أن ألفت إلى موضوع المترشحين للعملين النيابي والبلدي هذه الفترة، والعدد شبه الكبير، الذي يحمل في طياته بُعدين؛ أحدهما إيجابي؛ فالمشاركة السياسية دلالة على تحضر المجتمعات، وإيمان بأهمية التغيير أو التطوير، غير أن البُعد الثاني يحمل دلالة معاكسة للأول؛ فهو يكشف – بناء على متابعة وملاحظة – عن غياب التخطيط المسبق، أو الجهوزية لهذا الحِمْل الوطني الكبير!

الكل – نعم – لديه الرغبة والنية الصادقة في العمل على خدمة هذا الوطن ومواطنيه، غير أن الرغبة وحدها لا تكفي، ما لم يعضُدها ويسير معها جنبًا إلى جنب (التمكُّن)، والقدرة على طرح القضايا بثقة وجرأة وقوة تأثير وإقناع! وفي المقابل؛ فإن التمكّن من دون رغبة لا يُكمل المشهد أيضًا؛ فنحن بحاجة إلى كفاءة ونية حقيقية معًا، الواحدة منهما لا تكفي!

وإذْ ذاك؛ فقد لمسنا جهودًا استثنائية من مؤسسات الدولة المعنيّة بالتنمية السياسية للمرشحين؛ على أكثر من صعيد؛ قانونيًا، وسياسيًا، وماليًا، وإعلاميا؛ بل؛ نفسيًا، وهو ما يشي بحرص الدولة على صقل شخصية سياسية قادرة على دخول المعترك، وعلى الرغم من ذلك، وما لم يكن هذا المرشح قابلا مستعدا لهذا الصقل؛ فإن دونه انسحابا بعد انسحاب!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية