+A
A-

مشروع توسعة مصفاة (بابكو) وجهود تطوير القطاع النفطي بمملكة البحرين

 في إطار السعي المستمر من جانب مملكة البحرين إلى زيادة الإيرادات وتعزيز القدرات في مجال صناعات النفط والغاز، شرعت المملكة في تنفيذ أحد المشروعات الوطنية الكبرى وهو توسعة مصفاة (بابكو)، والتي تهدف إلى رفع الطاقة الإنتاجية في المصفاة إلى 360 ألف برميل يوميا من نحو 267 ألف برميل يوميا.

ويأتي المشروع تنفيذا لتوجيهات اللجنة العليا للثروات الطبيعية والأمن الاقتصادي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله.

ويعد المشروع أحد المشاريع التطويرية المهمة في مجال النفط والغاز التي تجري حاليا، ويشمل بناء وحدة تكسير جديدة، إضافة إلى زيادة طاقة وحدة التكسير الهيدروجيني المعتدلة إلى 70 ألف برميل يوميا، من نحو 54 ألف برميل يوميا.

وينتظر أن يسهم المشروع في إنتاج منتجات نظيفة وذات قيمة مضافة وصديقة للبيئة، ويتوقع الانتهاء منه عام 2021 م، ومن المؤمل أن تؤتي الأرباح التي ستتحقق من المشروع بعد انتهائه مبالغ للشركة القابضة للنفط وترحل إلى ميزانية الدولة كأرباح من القطاع النفطي.

وتبدو أهمية مشروع توسعة المصفاة من عدة أمور، أولها: أنه يعتمد بشكل أساسي على مشروع مد خط أنابيب النفط بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة والذي تم الانتهاء من أعماله مؤخرا ودخل المرحلة التجريبية، مع بدء وصول أول كمية من النفط إلى خزانات مصفاة البحرين بتاريخ 3 أكتوبر 2018، في أعقاب التنفيذ الناجح والآمن لجوانب المشروع وأنشطة ما قبل التدشين على مدار الأسابيع القليلة الماضية.

والمعروف أن خط الأنابيب الجديد سيحل محل خط الأنابيب القديم بطاقة 230 ألف برميل يوميا، مما يمكن شركة نفط البحرين "بابكو" من زيادة طاقة المعالجة في المصفاة إلى 350 ألف برميل يوميا بعد أن كانت تبلغ طاقتها 267 ألف برميل يوميا فقط.

العامل الثاني: نجاح المملكة في توفير التمويل الذاتي للمشروع، حيث تم توقيع اتفاقية مع مؤسسة تيكنيب اف ام سي الأميركية لتزويد الخدمات الهندسية والشرائية والإنشائية للمشروع بـ 4.2 مليار دولار، وبموجبها يقوم كونسورتيوم مكون من مجموعة من الشركات (شركة تيكنيكاس ريونيداس الإسبانية وشركة سامسونج الكورية) باستكمال الأعمال لهذا المشروع الضخم في أوائل العام 2022م.

ويبدو هذا الأمر مهما بالنظر إلى الثقة التي تتمتع بها البنية التحتية لمنظومة صناعة النفط بالبلاد، ما دفع كبرى الشركات العالمية، فضلا عن البنوك والمؤسسات المحلية، للمشاركة في تمويل المشروع والشروع في تنفيذه، حيث تشير تقارير إلى أن الشركة الوطنية استكملت تمويلات بقيمة 6 مليارات دولار لتحديث المصفاة الذي من المتوقع أن تتجاوز تكلفته 5 مليارات دولار، وذلك بعد مخاطبة غالبية البنوك البحرينية والعديد من المؤسسات المالية الأخرى.

ويتوقع أن تبدأ الأعمال الإنشائية للمشروع في النصف الأول من العام 2019م، حيث ينصب التركيز حالياً على الأعمال الهندسة الدقيقة والمشتريات مع وجود 3 فرق مكلفة بالعمل من أجل هذه المهام خارج البحرين في روما وسيول ومدريد.

العامل الثالث: يأتي المشروع ضمن عمليات التوسع في إقامة العديد من المشاريع التطويرية الأخرى في مجال النفط والغاز، وسيوفر عائدات كبيرة تخدم خزينة الدولة وتدعم الاقتصاد الوطني، ناهيك بالطبع عن أنه سيضم العديد من الكوادر البحرينية، سيما الشبابية منها، والتي سيُفتخر بها، وستكون نواة للقياديين العاملين في المجال في المستقبل.

وتنفذ البحرين حاليا عددا من المشاريع التطويرية العملاقة في مجال النفط والغاز، من بينها مشروع مرفأ البحرين للغاز الطبيعي المسال، الذي يتألف من وحدة تخزين عائمة، ومرفأ وحاجز بحري لاستلام الغاز الطبيعي المسال، ومنصة مجاورة لتبخير الغاز المسال ليعود إلى حالته الغازية، وأنابيب تحت الماء لنقل الغاز من المنصة إلى الشاطئ، ومرفق بري لاستلام الغاز، إضافة إلى منشأة برية لإنتاج النيتروجين، وتبلغ قدرته 800 مليون قدم مكعب في اليوم، ومن المرتقب أن يتم الانتهاء منه في الربع الأول من 2019، وسيكون المرفأ مملوكا بنسبة 30% للشركة القابضة للنفط والغاز وبنسبة 70% لتحالف شركات يضم "نيكاي إل جي" و"سامسونغ" ومؤسسة الخليج للاستثمار.

كما تشمل المشروعات التطويرية مشروع إنشاء مصنع للعطريات في البحرين، وتعمل الشركة القابضة للنفط والغاز البحرينية وشركة صناعة الكيماويات البترولية "الكويتية"، على الانتهاء من الدراسات والتصاميم الهندسية الخاصة بالمشروع حاليا، وتشير تقارير إلى أن كلفة المشروع ستكون مناصفة فيما بين الجهتين، بطاقة إنتاجية تبلغ 1.44 مليون طن سنوياً، وبكلفة تصل إلى ملياري دولار.

وتعد هذه الشراكة الثانية في مجال البتروكيماويات بين الكويت والبحرين، وذلك بعد الشراكة الناجحة في شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات بالبحرين والتي تمتلك فيها شركة صناعة الكيماويات البترولية نسبة 33.33%.

ولا يخفى هنا أن تلك المشروعات الكبيرة ذات الاستثمارات الضخمة التي ستوفر فرص عمل عديدة للمواطنين تأتي بالتزامن مع إعلان مملكة البحرين عن أكبر اكتشافاتها النفطية على الإطلاق قبالة سواحلها، حيث تشير التقديرات إلى أنه يحتوي على ما لا يقل عن 80 مليار برميل من النفط الصخري بينما تتراوح احتياطيات الغاز في الحقل الجديد بين 10 تريليونات و20 تريليون قدم مكعبة.