+A
A-

طبعة جديدة من كتاب صوت الرّشاد

أصدرت دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي طبعة جديدة من كتاب "صوت الرّشاد: أدبيات سنع القهوة في دولة الإمارات العربية المتحدة" للباحثة الإماراتية غاية خلفان سعيد الظاهري، ويأتي هذا الكتاب ضمن مشروع "إصدارات" بإدارة النشر في قطاع دار الكتب، والمعني بنشر  المؤلفات المتعلقة بتراث وتاريخ دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي.

تحتفي الباحثة في هذا الكتاب بالقهوة صاحبة السّيرة والمسيرة في التّراث العربيّ الثّقافيّ الممتدّ في جذوره عبر العصور الموغلة في القدم عابرةً إلى المستقبل بالرّحيق والأريج.

ينطلق الكتاب من المكانة المتميزة للقهوة في الثقافة العربية والإماراتية، فلا يوجد ما هو أفخر في الضّيافة الإماراتية الأصيلة من فنجان قهوة مزج بالهيل والزّعفران. والقهوة عند العرب عنوان للأصالة والكرم في عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم الماديّ والمعنويّ العميق المرتبط بالإنسان العربيّ في حلّه وترحاله، وغناه وفقره، وأفراحه وأتراحه.

ويأخذ الكتاب بيد القارئ للتعرف على مسيرة القهوة التاريخيّة المدوّنة وعالمها وطقوسها منذ بداية معرفة العرب بها، وذلك منذ أن تعرّف عليها صوفية اليمن في موطنها الأصلي إثيوبيا، والذين يعود لهم الفضل في احتضان ثمار البنّ ونشر شراب القهوة إلى العالم، حسبما جاء في أقدم توثيق مدوّن لذلك الحدث في مخطوط عثر عليه في طور سيناء المصرية، كتبه الشّيخ شهاب الدّين أحمد عبد الغفار المالكي، ويعود تاريخ ذلك المخطوط إلى عام 902 ه/ الموافق 1497 م، ومازال محفوظاً في مكتبة بطرسبورغ في روسيا. ويتوقف الكتاب أمام الاحتفاء بالقهوة الإماراتية والذي تُوج باعتراف من منظمة "اليونسكو" في ديسمبر2015 ، لتزف أدبيات سنع القهوة في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للمنظمة.

وتؤكد الباحثة في كتابها أنّ شعب دولة الإمارات لديه الكثير الغني والمتنوع؛ ليقدّمه إلى العالم في رحلة التقدم والازدهار. وإن كنا نريد أن نشارك العالم ثقافتنا فلا بد من الانفتاح على جميع الثقافات، وتسليط الضوء على أدبيات سنع القهوة الذي هو جزء لا يتجزأ من الثقافة التراثية لمجتمع الإمارات، يقدّم فنجان القهوة ممزوجاً بقيم الكرم والضيافة النابعة من مكارم الأخلاق العربية الأصيلة تحيةً وسلاماً إلى العالم،و من خلال الجهود المتواصلة والهادفة، من قبل قيادة الدولة الرشيدة لإعلاء شأن الثقافة والموروث الشعبي الإماراتي في جميع المحافل الدولية، فهذا الموروث يعد معيناً لا ينضب في ترسيخ معاني الولاء والانتماء لهذا الوطن. توضّح الباحثة -عبر فصول الكتاب التي امتدت على 247 صفحة من القطع الكبير- أنّ طرح سنع القهوة في السّياق الثقّافي للمجتمع هو تعبير عن نمط سلوكي متجذر في الحياة اليومية، محملاً بالعادات والتّقاليد التي ما زالت راسخةً وسائدةً في المجتمع، الذي رفع مكانة القهوة وجعلها في مصاف مذاهب الأعراف الرّاقية، وأصبحت ترمز إلى الكثير من المعاني التي تزخر بها الآداب والممارسات الاجتماعية لكرم الضيافة، والتي تتناسب مع سحر الشرق ورومنسيته التي تمجّد خصال الكرم والإباء والشّجاعة، وذلك الكم الهائل من الرموز التي تمجد سمو الأخلاق والفضائل التي اكتسبها الإنسان في محيطه الجغرافي الفسيح الذي احتضن الكثير من المبادئ السّامية، التي لا تحتمل أي خلل أو تهاون قد يشكّل إساءةً تجاه الضّيف والمضيف، فذلك يعدّ مساساً بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة.