مع كل تقرير سنوي جديد يصدر من ديوان الرقابة المالية والإدارية ينتابنا شعور بالفزع والترقب لما سيظهره من مخالفات وتجاوزات مالية وإدارية، في الآن نفسه وللأسف في بداية صدوره “تجلس الناس وتفلله”، ثم يركن على جنب مع أن له أهمية مصيرية بالنسبة للبحرين.

وفي نسخته الخامسة عشرة، أظهر التقرير استمرار هدر أموال الشعب والتلاعب برزقه دون حق وتأصل التجاوزات الإدارية وتكرارها في عدد ليس قليلا من مؤسسات الدولة، كل تلك الأمور الخطيرة تجعل شعب البحرين يعيش الهم والغم والقهر والضيق والحسرة لما آلت إليه الأوضاع المرفوضة.

الطامة الكبرى تلك التحذيرات التي تحدث عنها تقرير ديوان الرقابة الجديد بخصوص ارتفاع الدين العام، حيث بلغ 10,7 مليارات دينار في نهاية السنة الماضية أي بنسبة زيادة 98 بالمئة مقارنة بعام 2013، كما ارتفعت نسبة إجمالي الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي من 43 بالمئة في 2013 إلى 83 بالمئة في نهاية العام المنصرم، كل تلك الأرقام المرعبة تأتي على قائمة نمو الناتج المحلي الإجمالي وبالتأكيد هذا أمر في غاية الخطورة وله عواقب اقتصادية وخيمة.

وفي الوقت الذي نشهد فيه عدم استخدام المال العام الاستخدام الأمثل في مواقع حكومية عدة، نرصد التضييق على رزق البحريني ومحاولة سلب مكتسباته من كل صوب وناحية حتى أصبح وأمسى يردد “ما خلوا للسيف مضرب”.

ولدي إحساس قوي بأن هناك تجاوزات مالية وإدارية لربما لم يتم اكتشافها والتوصل إليها، وأرجو أن لا أكون على صواب في ما ذهبت إليه.

الآن أمام دوائر صنع القرار مطلب شعبي كبير لا مفر من تحقيقه كي يطمئن قلب كل مواطن، ألا وهو “آخرالعلاج الكي”، أي الإسراع بنشر أسماء المسؤولين المتجاوزين و”تلّهم” إلى النيابة العامة مهما كانت مسمياتهم الوظيفية ومكانتهم الاجتماعية كي نشعر بأننا في دولة تحارب التجاوزات والمخالفات وتقطعها من “عروجها” وتصحح الأخطاء وتصلح وضع البلد الاقتصادي وتنظف ديرتنا من سراق المال العام.

سبقتنا في هذا الشأن المهم دول شقيقة وصديقة خرجت بنتائج ناجحة عاد نفعها الكبير على شعوبها، وسبق أن قلنا هذا الكلام عندما صدر التقرير الأول، أما غير ذلك فلن يغير شيئا وسيبقى الحال على ما هو عليه وستتواصل التجاوزات وتتكرر وتتضخم سنويا إلى ما لا نهاية. وعساكم عالقوة.