العدد 3730
الإثنين 31 ديسمبر 2018
banner
تعديلات قانون العمل تؤكد الالتزام بالمعايير الدولية وحفظ حقوق العمال
الإثنين 31 ديسمبر 2018

تعد – بحق - القوانين مظهراً من مظاهر تقدم الدول ورقيها، وتعكس سمو حضارتها ومنجزاتها الإنسانية، وخلاصة تجربتها في إدارة الحكم الرشيد ومدى سعيها نحو تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع.وشهدت مملكة البحرين منذ تدشين المشروع الإصلاحي الشامل لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، طفرة نوعية على مستوى التشريعات التي غطت مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بدء من قمة الهرم القانوني المتمثل في دستور مملكة البحرين الصادر عام 2001، وما تلاه من قوانين عكست روح المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وشكلت مرتكزاً أساسياً داعماً لبناء دولة عصرية متقدمة مستندة إلى منظومة تشريعية رصينة، وبمشاركة شعبية واسعة عبر ممثليهم في المؤسسة التشريعية، والمجالس البلدية ومجالس الإدارات التي يمثل فيها العمال وأصحاب الأعمال.

ويأتي المرسوم بقانون رقم (59) لسنة 2018، بتعديل بعض أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 36 لسنة 2012، الذي صدر عن عاهل البلاد مؤخراً، استكمالاً لمنظومة التشريعات العمالية التي تواكب المستجدات على الصعيد العمالي وتعزز المكتسبات العمالية التي تحققت في العهد الزاهر، كما أنها تغطي جوانب مهمة تحتاج إلى مزيد من الوضوح والتطور التشريعي الناتج عن التجربة والممارسة، وتعزز العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة، سيما وأن التعديل الأخير ينطوي على أبعاد إنسانية وأخلاقية تدعم منظومة وأسس حقوق الإنسان فرداً وجماعة.

وتضمن المرسوم بقانون رقم (59) لسنة 2018 آنف الذكر مجموعة من التعديلات الجوهرية، وذلك بإضافة بعض الأحكام التي تدعم استقرار علاقات العمل في منشآت القطاع الأهلي. ومن هذه التعديلات:

وفي إطار تقرير مبدأ الشفافية والمحافظة على حقوق العمال، فقد تضمنت المادة (46) بعد تعديلها بموجب المرسوم بقانون حكماً يقضي بإلزام صاحب العمل بتحويل أجور عماله إلى البنوك والمؤسسات المالية المعتمدة في المواعيد المحددة، الأمر الذي يشكل نقلة نوعية تحمي حقوق العامل المشروعة المنصوص عليها في عقد العمل المبرم بينه وبين صاحب العمل.

إن وجود نظام حماية الأجور يعد مظلة قانونية مهمة تصون حقوق العمال وتعزز الثقة بين أطراف الإنتاج، مما يشجع على استقرار علاقات العمل ويحفظ المكتسبات المتحققة لكلا الطرفين.

ويجدر التنويه إلى أن مخالفة صاحب العمل الالتزام بتحويل أجور عماله إلى البنوك في المواعيد المحددة يعرضه لتوقيع عقوبة جنائية تتمثل في الغرامة التي لا تقل عن 200 دينار ولا تزيد عن 500 دينار وتتعدد العقوبة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة (المادة 188 من قانون العمل).

ومن بين التعديلات الجوهرية التي تضمنها المرسوم بقانون، النص على حظر التمييز بين العمال بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، ويسري هذا الحظر على جميع العمال بما فيهم خدم المنازل ومن في حكمهم.

إن النص على حظر التمييز بين العمال بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ضمن نصوص قانون العمل، يعكس الرغبة الصادقة لالتزام البحرين بأحكام الدستور ومعايير العمل الدولية وما تأخذ به الدول المتقدمة في هذا الشأن.

ويعاقب صاحب العمل أو من يمثله الذي يخالف حظر التمييز المذكور بالعقوبة الواردة بالمادة (185) من قانون العمل في القطاع الأهلي والمتمثلة في الغرامة التي لا تقل عن 200 دينار ولا تزيد عن 500 دينار.

وفي إطار تعزيز بيئة العمل السليمة والآمنة التي تضمن الحماية الشخصية للعمال، تضمنت التعديلات الواردة بالمرسوم بقانون، حكماً يقضي بتجريم التحرش الجنسي ضد العمال أياً كان مصدره في بيئة العمل، حيث يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز 100 دينار كل عامل أثناء العمل أو بسببه تحرش جنسياً بأحد العاملين معه سواء بالإشارة أو القول أو الفعل أو بأية وسيلة أخرى، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد عن ألف دينار إذا وقعت جريمة التحرش من صاحب العمل أو من يمثله. وأخيراً، فإن البحرين في إطار سعيها الدائم لتفعيل الحقوق التي كرسها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وانطلاقها من ثوابتها الحضارية ومرتكزات الدولة المدنية، تسعى على الدوام لمراجعة تشريعاتها الوطنية في المجالات العمالية المختلفة، وذلك حتى تكون متلائمة مع معايير العمل الدولية وما تأخذ به الدول المتقدمة، وانسجاماً مع مبادئ تعزيز حقوق الإنسان في البحرين، إضافة إلى مواكبة القوانين العمالية للتطورات المحلية والإقليمية والدولية التي تتطلب المراجعة المعمقة للقوانين العمالية لمسايرة هذه التطورات، مما يكرس المحافظة على حقوق العمال وصونها على نحو يحقق العدالة الاجتماعية في المجتمع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .