+A
A-

كل ما تريد معرفته عن سيناريوهات بريطانيا ومصير "بريكست"

تترقب الأوساط السياسية والاقتصادية تصويت البرلمان البريطاني، مساء الثلاثاء، على الاتفاق الموقع بين الحكومة وقادة الاتحاد الأوروبي، وسط انفتاح كامل على كافة السيناريوهات.

وأبدى الأوروبيون في تصريحات الاثنين تشددهم في حال رفض البرلمان البريطاني الاتفاق الموقع مع الحكومة البريطانية.

ويتمسك الاتحاد الأوروبي بموقفه الرافض للتفاوض مجددا على شروط جديدة للاتفاق في حال رفض البريطانيون الاتفاق الموقع خلال شهر نوفمبر الماضي.

وقالت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي الاثنين، إنه في حال عدم تحقيق "بريكست" سنكون قد قوضنا ديمقراطيتنا، في إشارة إلى نتائج الاستفتاء الشعبي على بريكست.

ويعج مشهد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي بتعقيدات كثيرة، مع تصميم زعيم المعارضة البريطاني جيريمي كوربين بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيكون "كارثيا"، وإنه سيحبذ في هذه الحالة التوصل لاتفاق على إجراء استفتاء ثان.

وأضاف أنه سيتقدم باقتراح لإجراء تصويت على سحب الثقة من الحكومة "قريبا" إذا قوبل اتفاق رئيسة الوزراء تيريزا ماي للخروج بالرفض في البرلمان اليوم الثلاثاء وفقا لما تذهب إليه معظم التوقعات.

عمرو عبده الشريك المؤسس لأكاديمية ماركت تريدر الأميركية لأسواق المال، يرى أن التحدي الأصعب الذي قد تواجهه ماي أن يتم التصويت على سحب الثقة من الحكومة، وهذا يحتاج إلى أن يقوم زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن بتقديم الطلب على تصويت سحب الثقة من الحكومة في البرلمان.

كل هذا يحدث داخل بريطانيا وساعة الأوروبيين تعمل من دون توقف ولا تمهلهم لتجميع أمرهم، سواء سحبت الثقة من ماي أو لم تسحب، أو تغيرت الحكومة أو حتى تمت الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة.

تعقيدات أخرى من نوع آخر تواجهها بريطانيا واتفاق بريكست، ولكن هذه المرة على الساحة الدولية، إذ من المطلوب ليصبح الاتفاق نهائيا أن يتم التصويت من 27 برلمانا أوروبيا، وأن يوافقوا على الخطة، وتوجد بلدان في أوروبا تريد أخذ تنازلات، سواء من الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا، مثل إسبانيا التي تريد تنازلات تتعلق بجبل طارق، أو إيطاليا التي تعارض الاتفاق لمساومة المفوضية الأوروبية حول موضوع الموازنة التي ترفضها المفوضية، وبالتالي فإن تصفية الحسابات قد تكون عائقا كبيرا في طريق طلاق بريطانيا.

عمرو عبده يرى أن أشكال العلاقة بين دول احتفظت ببعض الميزات وانضمت للاتحاد الأوروبي ليست جديدة، حيث يوجد 3 أشكال مقرة بالفعل، إلا أنه وفي حالة بريطانيا كلها تواجه مصاعب سواء محليا أو على مستوى الاتحاد الأوروبي.

الشكل الأول هو Soft Brexit، أو ما يسمى "بريكست هادئ"، وسيكون اتفاقا مثل ذلك المبرم مع سويسرا ويسمى اختصارا EFTA، وهذا مستبعد لأنه يعطي سويسرا مساحة كبيرة للالتفاف على النظم والتشريعات.

وبحسب هذا الاتفاق فإن هذه الدول تخضع بشكل شبه كامل للنظم الرقابية الأوروبية، ولكنها ستكون غير مؤثرة في القوانين الأوروبية، وهذا ما قد يرفضه البريطانيون، وهذا الاتفاق يسمح بأن تكون الدول داخل الاتحاد وأن تحتفظ بعملتها.

الشكل الثاني هو EEA، والذي يشمل 3 دول هي النرويج وآيسلندا وإمارة أوروبية أخرى صغيرة هي "ليشتن تاين".

والمشكلة في هذين الاتفاقين أنهما لا يسمحان بحدود مرنة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، وهذه من أكبر المعوقات التي تقف أمام بريكست حاليا، وحتى لو رضيت أوروبا بذلك فلن يرضى الداخل في بريطانيا بهذه الاتفاقيات.

الشكل الثالث الخاص بكندا هو CETA والذي استغرق نحو 7 سنوات لإنجازه على الرغم من دفء العلاقة مع كندا، بالإضافة إلى أن 10% فقط من صادراتها تذهب إلى أوروبا.

وتختلف حالة مفاوضات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي في شيئين أساسيين: الأول أن العلاقة مع أوروبا تشهد توترا بسبب عملية الانفصال، والأمر الثاني أن 43% من صادراتها تذهب إلى دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فالاتفاق مع أوروبا وفقا لـ CETA قد يستغرق في حال قبله الطرفان ضعف المدة التي استغرقها الاتفاق مع كند والتي قد تصل إلى 14 سنة.

ومع التطورات الأخيرة الحاصلة وكل هذه التعقيدات يبرز احتمالان: الأول أن لا يتم اتفاق ما ينتج عنه "هارد بريكست"، ويعمل الطرفان وفقا لقوانين منظمة التجارة العالمية، وهذه القوانين عقيمة، حيث لم تحدث منذ التسعينات، ونمط الاقتصاد تغير، وعلى سبيل المثال لم تكن هناك "غوغل" و"أمازون".

والثاني، بحسب عمرو عبده أن يتراجع البريطانيون ويقوموا بعمل استفتاء ثان، وهو أفضل سيناريو، ولكنه أيضا مستبعد، لأن الحزب الوحيد الذي نادى بذلك وهم "الديمقراطيون الأحرار" خسروا في الانتخابات، وبالتالي فالسياسيون يقرأون الاستفتاءات التي تتم ونتيجتها بما لا يؤثر على أحزابهم أو مستقبلهم السياسي.

وفيما يبدو أن الفرصة سانحة الآن لرئيس الوزراء البريطاني سابقا توني بلير لأنه متزعم مجموعة عقلانية تقول إن الشعب البريطاني سمع حقائق كثيرة عن بريكست ومن حقه أخذ الفرصة بعد كل ما عرفه ليقرر مصير بريكست، وقد أعطت المحكمة العليا الأوروبية الضوء الأخضر لذلك.