بدأت دعوات عدم الإسراف والإكثار من عمليات الشراء غير الضرورية، قبل البدء بتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وهي دعوات ذات دلالات عميقة، تتجه إلى تغيير البوصلة نحو المعايشة مع الضريبة، وليس إيجاد حل جذري للصعوبات المالية التي يواجهها المواطن البحريني.
الواقع، أن هذه الضريبة لا تتناسب مع وضع المواطن البسيط، خصوصاً في هذه المرحلة؛ التي اشتد فيها الوضع المالي سوءاً عما كان عليه، وازدادت متطلبات الحياة المادية اليومية شرها، وعلى المواطن - وفقاً لهذه التداعيات - أن يتكفل بتصريف نفسه، ليس من المهم كيف، وبأية طريقة، المهم أنه أمام إلزام إجباري مفروض عليه فرضاً، لا يمكنه أن يجادل أو يناقش فيه، فما عليه إلا أن يتكيف مع الأمر!
حتى المحاولات التي يقدمها بعض التجار؛ من التكفل بدفع الضريبة لفترات معينة، وما ذهب إليه – مثلاً – تعامل الحكومة مع فواتير الكهرباء والماء بشكل مؤقت، كل هذه المحاولات تعتبر مسكنات مؤقتة، لن تحل المشكل الأساس الذي يتطلب خفض مصروفات الدولة بشكل “متوازن”، وخلق مصادر دخل إضافية بعيدة عن جيب الإنسان العادي البسيط؛ والإجراء الأخير يتطلب سنوات من العمل الجاد والواضح والمتقن حتى يجني ثمار ذلك أبناؤنا مستقبلاً.
كما أن تصريحات البعض وشعارات ضرورة عدم المساس بمكتسبات المواطنين تثير شيئاً من السخرية، وما يتضح على أرض الواقع صراحةً، أن هذا المساس حل بالفعل، بطريقة أو بأخرى، وأن هذه الشعارات أصبحت مجرد كلام غير قابل للتصديق بتاتاً.
الإشكالية الحقيقية أننا لم نستطع تسيير أمورنا المالية طيلة السنوات الماضية، في ظل التراجع الاقتصادي العالمي، وغدونا نجمع الأموال من الناس - حتى البسطاء منهم – لمعالجة تفاقم المشكلة المالية، مع عدم وجود مساعٍ مرئية على أرض الواقع تهدف إلى زيادة إيرادات الدولة غير النفطية.
السؤال الذي يفرض نفسه في كل مرة نأتي فيها على هذا الموضوع، هل ستفي الأموال المتحصلة من ضريبة القيمة المضافة بحل مشكلاتنا المالية في الوقت الذي امتدت فيه أيدينا إلى جيب المواطن، علماً أن ذلك تعدى كونه “تعد على مكتسب”، بل تجاوز ذلك بمراحل!.