العدد 3750
الأحد 20 يناير 2019
banner
“الدكتور السميط وزوجته”
الأحد 20 يناير 2019

أكثر ما يأسرني في سيرة الراحل الدكتور عبدالرحمن السميط حديثه عن رفيقة دربه وزوجته، حيث أذكر أنني وقفت مليا أمام موقف معها سرده في إحدى محاضراته، حيث قال إنه في إحدى الليالي العتماء المعتادة في ملاوي، حيث لا كهرباء مساء ولا يضيء الظلام سوى نور القمر، جلس مع زوجته وقد أنهكهما التعب بعد يوم شاق من العمل التطوعي في مساعدة المحتاجين الذين ينقصهم الغذاء والدواء والكثير من أساسيات الحياة، فابتسمت وقالت له: يا عبدالرحمن إذا ما غفر الله لنا ودخلنا الجنة هل سنكون بنفس سعادتنا حاليا؟

حقيقة وجمت كثيرا أمام جملتها فقد اختصرت هذه الرائعة معاني السعادة في تواجدها مع رفيق دربها مخلفة وراءها حياة رغدة وسبل عيش كريم في موطنها، ساعية في ابتغاء وجه الله ومساندة زوجها في عمله التطوعي.

تكثر القصص التي حكاها وسجلت على لسان الدكتور في حمده لله على ما وهبه من نعم ومنها نعمة الزوجة، ومنها أن زوجته ورثت مالا جما فتبرعت به كاملا لوجه الله تعالى ولم يدخل بيتها فلس واحد رغم أنها كانت تملك ثوبين فقط لا غير خاطتهما بيديها، واحد تلبسه وآخر تغسله، ليس لحاجة إنما الزهد في رغد العيش والاعتماد على الكفاف.

كنت على دراية تامة بما قدمه الدكتور السميط من جهد كبير في القارة السمراء لكن دراستي حالات الابتكار الاجتماعي ومنها ما قدمه الدكتور السميط، جعلتني أبحر كثيرا في سيرته ولم يستوقفني إصراره على نشر العلم تطوعا أو هجرة لحياة أقرانه عالية الرفاهية في دولة الكويت الشقيقة، إنما استوقفني كثيرا توفيق رب العالمين له بأن وهبه رفيقة درب ملهمة يستمد منها قوته وإصراره على السعي في مبتغاه.

قد يبدو ما قدمته الزوجة بسيطا في شكله، خصوصا لمن يعيش التجربة، إلا أن قراءة الأحداث واستنباط معانيها استنادا إلى ما عايشه السميط من تجربة يدل حقيقة على معنى العطاء بلا حدود وهو أساس التغيير الحقيقي الذي تسعى له المجتمعات في سبيل ابتكار نمطي قد يحدث فرقا كبيرا نلمسه فيما وصل له عدد كبير من دول القارة السمراء من بناء لمستشفيات وجامعات آخرها جامعة الأمة التي أسسها وافتتحها السميط قبل فترة قصيرة من وفاته.

فكم منا يا ترى تستطيع أن تتخذ من زوجة السميط نموذجا يحتذى به.

 

“أبحرت كثيرا في سيرة الدكتور السميط وما قدمه من جهد كبير في القارة السمراء ورفيقة دربه الملهمة التي استمد منها قوته وإصراره على السعي في مبتغاه”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .