+A
A-

مصالحات فردية في "الركبان".. عبر تجار مواد غذائية!

تحت ضغوط الشتاء القارس وبرودته، يضطر بعض سكان مخيم الركبان من النازحين السوريين إلى اللجوء لتسوياتٍ فردية مع النظام السوري، تمكنهم من العودة لمدنهم وقراهم التي فرّوا منها نتيجة المعارك العسكرية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.

وتعد الظروف المعيشية الصعبة التي يصفها سكان المخيم بـ"الكارثية" من أبرز الأسباب التي تدفعهم لطرق أبواب النظام من جديد، بعدما انقطعت بهم السبل في الصحراء على المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، حيث لا فرص للعمل ولا أمل في غدٍ أفضل، كما يصف بعضهم.

وعلى غير عادة النظام، لا تتم تسوية أوضاع الراغبين بالعودة إلى مناطقه من مخيم الركبان، من خلال رجالاته بشكلٍ رسمي هذه المرة، بل من خلال التجار الذين يأتون لبيع منتجاتهم الغذائية وغيرها لسكان المخيم، وفق ما أفاد مصدر عسكري من المعارضة السورية المسلحة العاملة في المنطقة.

وأكد العقيد مهند الطلاع، الناطق الرسمي باسم "جيش المغاوير" الذي تدعمه واشنطن في المنطقة 55 والتي تقع فيها قاعدة التنف العسكرية، أن "بعض المدنيين قاموا بمصالحة مع النظام وعادوا لمناطقه".

وقال الطلاع في اتصال هاتفي مع "العربية.نت" إن "هذه المصالحات تتم من خلال بعض تجار المواد الغذائية، الذين يأتون إلى المخيم"، مضيفاً أن "هناك معتمدين منهم، يأخذون معهم أوراق من يرغبون بالعودة من المخيم باتجاه مناطق النظام".

ونفى "وجود مكتب للمصالحة في المخيم"، مشيراً في الوقت عينه إلى أن "لا أحد من عناصر المعارضة في هذه المنطقة قد عاد لمناطق النظام".

اعتقالات رغم التسويات

وعلى الرغم من تلك التسويات فإن بعض من عادوا من سكان المخيم تعرضوا بالفعل للاعتقال من قبل قوات النظام.

وشدد الطلاع على أنه "قد تم فرز بعضهم للخدمة الإلزامية التي يفرضها نظام الأسد".

من جهته، قال أحد سكان المخيم، إن "قريبين له قد عادا لمناطق النظام، ولكنهما اعتقلا بتهمة القتال في صفوف تنظيم داعش ".

وأضاف "في الواقع، هما مدنيان وكانا يعملان في سوق الماشية قبل عودتهما لمناطق النظام"، مشيراً إلى أن "جاره كان يعمل حلاقاً في المخيم، ورغم ذلك تم اعتقاله بعد تسوية وضعه وعودته لمناطق النظام".

وبحسب شهادات عدد من أهالي مخيم الركبان الذي دخلته أولى قوافل المساعدات الإنسانية من قبل الأمم المتحدة أوائل تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، فإن "العودة لمناطق النظام غير مضمونة بعدم الاعتقال".

ويربط السكان عودة بعضهم بـ "يأسهم من ظروفهم المعيشية في المخيم"، إذ يقيم نحو أكثر من 50 ألف نازحٍ في خيمٍ متواضعة، غالبيتها مهترئة وسط برودة الشتاء ودرجات الحرارة المنخفضة التي تجتاح المنطقة منذ بداية العام الجاري، والتي تسببت بوفاة 13 طفلاً في المخيم لم يبلغوا عامهم الأول.

ويطالب غالبية السكان بـ"نقلهم إلى مكانٍ أفضل"، وهم يشكون قلّة المواد الغذائية ومستلزمات التدفئة الضرورية لفصل الشتاء، بالإضافة للأدوية وحليب الأطفال، إلى جانب غلاء أسعارها عند توافر بعض هذه السلع.

إلى ذلك، كشف الصحافي سعيد سيف في اتصال مع "العربية.نت" أن "آخر مجموعة عادت من المخيم لم يتجاوز عدد أفرادها 50 شخصاً".

كما أشار إلى أن "اجتماعا عقد في المخيم قبل مدة قصيرة، ضم مقربين من قوات الأسد".

وبحسب سيف، فإن "الهدف من هذا الاجتماع كان الترويج لعودة الأمان لمناطق النظام، في محاولة من المجتمعين لإقناع بعض النازحين بالعودة إلى بيوتهم التي تركوها سابقاً".

ووفق معلوماتٍ حصلت عليها "العربية.نت"، فإن آخر دفعة من النازحين الذين عادوا لبيوتهم، كانوا من ريف حمص الشرقي، وغالبيتهم من عائلة واحدة".

وأشارت مصادر في ذات السياق إلى أن "بعضهم تعرضوا لتحقيقات أمنية، كما أن بعض الشبان منهم أرغموا على الالتحاق بالجيش السوري بعد اعتقالهم".

وكذلك يوجّه النظام تهماً مختلفة لبعض العائدين من المخيم لمناطقه، ومن أبرزها الانضمام لصفوف المعارضة المسلحة، إضافة لتنظيم "داعش"، وفق مصادر عسكرية من المنطقة 55، شددت على أن "هذا الأمر يقف عائقاً أمام عودة النازحين لبيوتهم".