العدد 3758
الإثنين 28 يناير 2019
banner
ما أقصر الطريق لو أردنا الاختصار
الإثنين 28 يناير 2019

إذا ما اطلعت على خريطة العالم التي تصنف على أنها أكثر اقتصادات العالم ابتكاراً في الجانب المعرفي للعام 2019، بحسب ما أصدرته مؤخراً بلومبيرغ، ستكتشف بسهولة بالغة، وبدون إعمال الكثير من المجهودات الخارقة أو إعادة النظر إلى الخريطة مرة تلو مرة؛ ثلاثة أمور في غاية الأهمية.

أول هذه الأمور أن الابتكار في الاقتصاد جعل هذه الدول تتقدم العالم، وتحصد من خلال هذه المبتكرات في شتى مناحي الإنتاج، مئات المليارات، ويكفي أن كوريا الجنوبية التي تتصدر القائمة المشار إليها، كان إجمالي ناتجها 1.63 تريليون دولار، وهي التي كانت بلد الاضطرابات، حتى ثمانينات القرن العشرين، حينما بدأت تضع عجلاتها على سكة التقدم والإنجاز، وذلك بفضل النظام الذي انتهجته البلاد للخروج من الانسدادات المؤدية إلى النهوض، فكان لابد من الديمقراطية.

ثاني هذه الأمور هو أن جودة التعليم، الجودة الحقيقية في عمق التعليم وليس في إحصائياته الكمية، تتماشى تماماً مع هذا النوع من الاقتصاد، فإلى جانب كوريا الجنوبية نرى ألمانيا وفنلندا وسويسرا و”العدو الصهيوني”، وسنغافورة، والقائمة تطول وتقول إن التعليم المعمَّق والمعمِّق للتفكير يمكنه أن يجني أفضل بمراحل مما يجنيه تعليم العدد، والتباهي بالكميات من “الكَتبة” والذين في السنوات الأخيرة نلاحظ أن طائفة كبيرة منهم يحتاجون – بعد التخرج – إلى إعادة اختبار على مستوى محو الأمية، ذلك أن من يحفز المجتمع من خلال مخرجاته على التعليم يريد أن يرى انعكاس ذلك عليه من خلال أبنائه وجيرانه وجميع من سيتعامل معهم في المستقبل، بعكس الذين يريدون إحراق المزيد من بخور الأرقام والجداول التي تنطلي لعدم وجود مفاتيح الأسئلة الحقيقية: إلى أين تسير أوطاننا بهذه النوعيات من المتعلمين؟!

ثالث النظرات إلى هذه الخريطة، سنجد أن الوطن العربي - ما عدا الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى حد ما - وإفريقيا كلها تقريباً ليس لها حظّ في هذا الموضوع الذي يجري الحديث عنه وكأنها غير معنية به، فهي على الخريطة الابتكارية قاعاً صفصفاً تعيد إنتاج الفوارق ما بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .