العدد 3762
الجمعة 01 فبراير 2019
banner
في‭ ‬الخطيئة‭ ‬الراسخة‭ (‬3‭)‬
الجمعة 01 فبراير 2019

سيمضي وقت قبل أن يُفَسَّر محتوى الجموح الإيراني إلى لعب أدوار إقليمية ودولية أكبر من طاقات وقدرات وإمكانات جمهورية “الولي الفقيه”! وسيمضي وقت آخر قبل أن تُفَسَّر تلك المغالاة في تضخيم الذات عند أهل تلك الجمهورية! وابتعادهم بمسافات طويلة عن بديهيات هذا العالم! والتصاقهم بمدوّنة أوهام خاصة بهم ومحاولة تنفيذها بالقوّة وبآليات وطرق وأساليب و”تنظيمات” وحروب وفِتَنْ مُدمِّرة! ثمّ فحوى اعتقادهم الراسخ بأنهم يحتكرون الصلة بالذات الإلهية! وبأن نسج الصلة بالعالم الخارجي لا يختلف (كثيراً!) عن نسج قطعة سجّاد! وأن توليفة الصبر والإلهيات والمبالغات الذاتية، كافية لإتمام المُراد وتحقيق الإعجاز!

حكى الراحل هاشمي رفسنجاني مرّة عن مدى الوهن الداخلي الإيراني! وعن مدى الاستنزاف الذي تعاني منه “الثورة” المستدامة، وصولاً إلى إعلان “إفلاس” إيران بالمعنيَين المادي المباشِر والسياسي العام، لكن صوته راح هباء وجرّ عليه غضب “المرشد” حتى وفاته، وذلك في كل حال لم يغيّب حقيقة ما قاله خصوصاً أن الغرّ أو الجاهل أو المتجاهل وحده مَن ينكر أن “إنجازات” إيران الخارجية و”فتوحاتها” و”أنوارها” و”اقتدارها” المدّعى إنما بُنِيَت على أكتاف الغير! بحيث أن الأميركيين دمّروا نظام “طالبان” فدخل الإيرانيون وراءهم وشبكوا علاقاتهم مع الأقوام! ودمّر الأميركيون نظام صدام حسين والعراق معه فدخل الإيرانيون خلفهم وشبكوا ما شبكوا من علاقات مذهبية وسلطوية وميليشيوية، وقبل ذلك ابتلي اللبنانيون بحربهم الأهلية ثم بالمواجهات مع إسرائيل ثمّ بتبخير سيادتهم على أيدي السوريين فدخلوا على كل هذا الحُطام وشبكوا ما شبكوا من علاقات، ليس “حزب الله” سوى أبرز وجوهها! حتى في سوريا: لولا الدخول الروسي الصاخب بعد خمس سنوات من القتال لراحت كل “استثمارات” إيران مع الريح!

لم يستطع ذلك “المشروع” أن ينفذ أو أن يدّعي حيثية أو قدرة في أي موقع “سوي” أو “طبيعي” حيث الدولة المركزية قائمة ومتأهّبة، من البحرين إلى الكويت إلى السعودية إلى مصر وبعض دول المغرب العربي، حتى في “الموضوع” الفلسطيني الأثير عندها لم تستطع تحرير شبر واحد من الأرض المحتلة، و”الإمارة” التي قامت في غزة بُنيت على أرض حرّرها ياسر عرفات بالمفاوضات، مثلما أمكنه إنتاج الوضعية القائمة في الضفة الغربية!

...ومع ذلك، تصمّ الآذان صيحات “الانتصارات” و”الإنجازات” و”الفتوحات” الصادرة عن إيران وأهل محورها في نواحينا! وستتصاعد وتيرتها في الآتي من الأيام للتغطية على تيقّن أصحابها بأن المرحلة العكسية بدأت! وأن السياسات الماضية انتهت! وأن هناك في “المنطقة العربية” والخارج الدولي مَن قرّر شيئاً آخر مختلفاً جذرياً عمّا سلف! وينطلق من اعتبار “المواجهة مصيرية”، وليس أقلّ من ذلك!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .