العدد 3764
الأحد 03 فبراير 2019
banner
المعادلة‭ ‬الصعبة
الأحد 03 فبراير 2019

معادلة صعبة تلك التي شدد خليفة بن سلمان على تجاوزها عندما قام بزيارة مفاجئة إلى غرفة التجارة والصناعة الإثنين الماضي، عنق زجاجة ربما، لكنها معضلة أن يتم فتح أسواق البحرين ليخسر التاجر البحريني، وأن يتم تشجيع الاستثمار الأجنبي، فيذهب الاستثمار الوطني إلى غير رجعة.

الانفتاح مهم، وهو ديدن العالم الباحث عن الاستدامة في النماء، والمواكبة مع المعايير الدولية والقوانين العابرة للقارات، لكن التيقن من جدوى هذا الاستثمار أهم، رغم ذلك اخترقت حدودنا خلال السنوات القليلة الماضية حزمة من التسهيلات التي تمكن العامل الوافد والمستثمر الأجنبي من الحصول بموجبها على إقامة دائمة في البحرين، بل وعلى تراخيص في منتهى الحرية والسلاسة لتأسيس الشركات وإقامة المشروعات من دون كفيل بحريني .

بمرور الوقت وجدنا أن التاجر البحريني يشكو مر الشكوى من منافسة غير متكافئة ولدرجة أن بعض الوافدين قد بدأ في عرض سجلاته للتأجير على المواطن ، بعد أن كان المواطن يسعى إلى الأجنبي كي يؤجر له سجله التجاري بمقابل مجز.

حينذاك قامت الدنيا ولم تقعد، وبدأت غرفة التجارة نفسها في مساعدة الحكومة على سن القوانين التي يتم بموجبها ترحيل الأجانب المستأجرين لسجلات تجارية، صحيح أن الإجراءات لم تتحول إلى واقع على ظهر الأرض، وصحيح أن الانفتاح والتحرر الاقتصاديين قد نفذا من تحت الأبواب الموصدة للدول المحافظة كي تخترق القوانين الوطنية في الصميم، لكن الصحيح أيضا أن اهتمام رئيس الوزراء بالمواطن لم يخفت صوته أبدا ولدرجة أن “رأس الحكمة التي هي مخافة الله” قد تجلت في تصريح سموه الناري وهو يزور غرفة التجارة والصناعة قبل أيام: لا أقبل منافسة البحريني في رزقه.

نحن ندرك أنه لا مفر من الانفتاح على العالم، وأنه لا مناص من فتح الأبواب للمستثمر الأجنبي كي يساهم في مشاريع الاستدامة بالمملكة، لكن في المقابل نحن نحتاج للمستثمر الحقيقي وليس للذين يستخدمون مناخ الانفتاح ويجيرونه لصالحهم فقط ملحقين بذلك أضرارا جسيمة على الاقتصاد.

إن المتتبع للحركة الدءوبة التي جسدتها اجتماعات سمو رئيس الوزراء وهو يرأس مجلس الوزراء الأخير، كذلك وسموه يقوم بزيارة لقبها البعض بالتاريخية للغرفة التجارة يمكنه أن يقف عند محطات عدة نوجزها فيما يلي:

أولا: أن رئيس الوزراء يولي اهتماما بالغا لتحقيق المعادلة الصعبة التي تصب باتجاه المصلحة المجتمعية من خلال عدالة في التعاطي بين هموم المواطن وشجون التاجر.

ثانيا: الضرب بيد من حديد على المتلاعبين بالأسعار مستغلين في ذلك ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الرسوم.

ثالثا: المحافظة على الأمن المجتمعي في توزيعات المساكن وعدم ترك العائلة البحرينية في مهب عادات وتقاليد دخيلة.

رابعا: إن الدولة تولى اهتماما بالغا بآراء النواب في تعديلاتهم الخاصة على برنامج عمل الحكومة.

أخيرا: إن الوطن يواجه تحديات اقتصادية من العيار الثقيل، أهمها كيفية تحقيق المواءمة أو التوازن بين الانفتاح والحماية.

من هنا كان للموقف الاستباقي الذي اتخذه رئيس الوزراء في زيارته لغرفة التجارة والصناعة ببحث تعديل التشريعات التجارية لتكون في مصلحة المواطن والتاجر معا قوة الفعل ورد الفعل، حيث إن المستثمر البحريني أو المستهلك المواطن شأنه في ذلك شأن الآخر الوافد، يبحث عن الربحية والحماية والاستقرار، وأن وطنا من دون أمن وأمان تشريعي من شأنه السقوط في الأرض الرخوة التي تتسبب فيها ميوعة القوانين وسيولة اللوائح وغموض الإجراءات، لذلك كانت صرامة التوجه من سمو الرئيس متجاوزة بكثير حدود المخاوف من أشباح محلقة وهواجس مسيطرة وآمال على المحك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .