العدد 3765
الإثنين 04 فبراير 2019
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
ومازال لك في القلب ركن يسقط فيه المطر
الإثنين 04 فبراير 2019

أنا رجل مولع باللغة، والأدب، والشعر، والفلسفة وعلم الأنثربولوجيا، فهؤلاء الأطفال هم من أركن إليهم في اللعب عند الهروب من حرائق السياسة.

نظمت الشعر، وأنا في عمر السادسة عشرة، وكنت مولعا بنزار قباني الذي تلقفت أمسيته عندما جاء البحرين في الثمانينات، وكان لي صديق يرسل لي دواوينه عندما كنت أدرس في إيران، إضافة إلى المتنبي والجواهري ودرويش.

وكنت في فترة الابتدائية في مدرسة الإمام الصادق الابتدائية، ولولعي بالأدب اجتهد في الإلقاء مرتجلا في الطابور الصباحي.

كبرت معي اللغة وكبرت معها، وظل الشعر يتسامر معي ليلا على ضوء القمر، ويحتسي معي القهوة في الصباح. نهج البلاغة كان إنجيلي في الإمساك بناصية الكلمات، ومازال هو سر توازني في فهم توازنات الحياة.

وكنت إلى كل ذلك مهووسا بتنس الطاولة، وأجيدها باحتراف ولي ميداليات ذهبية فيها، وكنت مولعا بالفاشن، وفتحت محلا في المنامة وصممت عدة قطع، وعرضتها بفرنسا إلا أن ((الربيع العربي)) إلتهم بعض متابعاتي التي بدأت أعود إليها متفرغا بشغف بما في ذلك رسم الكاريكاتير الساخر.

وعندي عين قناص في اصطياد قطع الديكور. ليست نرجسية، ولكن الله أمرنا أن نتلهى بالجمال، أنا أقدس الجمال بكل ألوانه ويغويني.

كل هذه الخامة كانت متوفرة إلى أن خطفتني السياسة، وزنزانة التأدلج السياسي. أتذكر أني في عمر الواحد والعشرين كتبت قصيدة غزل بدايتها:

لو آن للعين بأن تكتبا وللرموش السود أن تطنبا

قالت الحب له وحده ذنبا أتى أو جاءني مذنبا

يا سيدي، خط الهوى محنة ما سلم الخلُ به صاحبا

نمت على أهذابه ليلة أسكرت فيها النجم والكوكبا

بنيت قصرا فوق أجفانه فاق قصور المُلْك فوق الربى

ونظمت أبياتا في الفلسطيني الثائر:

اسكر بلادك من دماك فإنما أرض بلا دم تزول وتذهبُ

وكن الفتى يهوى الحياة كريمة بسلاح همته يصول ويرعب، واترك حياة الخانعين فإنها عيش الضعيف وعيشها لا يطلب

واختر حساما للطريق فإنه نعم الرفيق لثاثر يتغرب، وإذا الشعوب تمردت لخلاصها نطق الحديد وجرحها يتصبب

إن العظيم وإن تحطم سيفه يرنو إلى قمم الكفاح ويطلب

عاشوا بعيدا عن ديار أحبة فعن الطلول تشردوا وتغربوا

بؤساء عاشوا والضمير محلق بالكبرياء متيم ومعذب

وقام تلفزيون البحرين مشكورا بتوثيق كل هذه السيرة في برنامج ((بروفايل)) خاص سلط الضوء فيه على الشعر، ولعب تنس الطاولة والديكور ورسم الكاريكاتير إلى أمور كثيرة وهو موجود باليوتيوب.

كشخص مهووس بالثقافة تنقلت بين صالونات الفكر والثقافة والفلسفة وأكثر وجودي بأوروبا أذهب منقبا عن الفلسفة والتاريخ، وكل علوم الأنثروبولوجيا، لكن كان الشعر محطتي التي تخفف عليَّ وجع الواقع، إلا أني الآن أكثرت من الاهتمام في علم البرمجة اللغوية وعلم الطاقة وكل حلمي أن أتفرغ لإتقان اللغة الفرنسية والإسبانية وهذا طموحي القادم.

مع الجمال يجب أن تكون كثعلب الغابة لا تريح ولا تستريح. قناعتي أن الشِعر، الجمال، الرومانسيّة، الحُب.. هي ما تجعلنا نبقى على قيد الحياة.

لقت القصيدة التي نشرت في جلالة الملك بمناسبة عيد ميلاده المجيد صدى كبيرا في الشارع البحريني، وجاءني عدد كبير من الاتصالات تتساءل عني كشاعر وعن هل ثمة ديوان مستقبلي؟

وأقول: هذه القصيدة ما هي إلا قصيدة من عدة قصائد سكبتها بين يدي جلالته كرسالة حب وتقدير، وإن لم أنشرها في الصحافة لكي أوصل رسالة تقدير لجلالته بأنه سيبقى له في القلب ركن يسقط فيه المطر. فأنا رجل أعرف لغة الوفاء، وتقدير الكبار.

وهنا أقول فيه بيت شعر من قصيدة طويلة نظمتها قبل أشهر وأرسلتها لجلالته

إن كان بالتيجان يزهو حاكمٌ أنت الذي تزهو به التيجانُ

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .