+A
A-

"التمييز" تؤيد إعدام قاتل الشيخ حمود إمام مسجد بن شدة

قضت محكمة التمييز في الطعن المرفوع من المؤذن البنغالي قاتل إمام مسجد بن شدة الشيخ عبدالجليل حمود، برفضه وتأييد الحكم المطعون فيه، والقاضي بإعدام الجاني جزاء لما اقترفه من جرم.

وكانت قد حكمت محكمة الاستئناف العليا الجنائية في وقت سابق، وبإجماع آراء أعضائها بتأييد عقوبة الإعدام الصادرة على المؤذن البنغالي، كما أيدت حبس صديقه الذي عاونه في إخفاء الجثة لمدة سنة واحدة، وأمرت بإبعادهما نهائيا عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة المقضي بها، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة.

وتتمثل تفاصيل القضية فيما اعترف به القاتل أنه بدأ بالتخطيط لعملية القتل، إذ استدرج الإمام بعد أداء صلاة الفجر وطلب منه مساعدته بتصليح أحد الأنوار المتعطلة بالقرب من خزانة الأحذية، وبالفعل وبحسن نية من الإمام توجه للمكان بقصد تصليح الإنارة، وفي تلك الأثناء استغل وضعه في وقت سابق لقطعة حديدية بمكان الخزانة وباغت بها المجني عليه، حيث تعمد ضربه بها عدة مرات مركزا على رأسه وكتفيه، حتى سقط مضرجا بدمائه، واعتقد حينها أنه مات، إلا أنه عندما لاحظ أنه لا زال يتنفس أجهز عليه بواسطة سكين وعمد إلى شق بطن المجني عليه من الجنبين حتى يتيقن من وفاته.

وأفاد القاتل أنه على معرفة سابقة بوجود شرايين وأوردة مهمة بتلك المنطقة، وأنه إذا تم قطعها تحدث الوفاة مباشرة على حد اعترافه؛ وذلك لأنه كان يعمل في ذبح الأضاحي في بلاده.

وأوضح أن أسباب وبواعث ارتكابه لجريمته أنه يعمل في المسجد بصفته مؤذنا ومشرفا ومنظفا، كما ويسكن في غرفة ملحقة بالمسجد مع عائلته، ونظرا إلى أن الراتب الذي يتقاضاه بواقع 200 دينار شهريا غير كاف بالنسبة له فقد استأجر بناية كاملة بمبلغ 700 دينار، وأعاد تأجيرها على عمال من جنسيته بمبلغ 1000 دينار ليتحصل على الفارق لنفسه.

وأضاف أنه كان دائم الانشغال في أعماله الخاصة خارج المسجد، ولذلك فقد كان يتعرض لانتقادات دائمة من المغدور فيه، إذ كان مهملا لنظافة المسجد، وبسبب تلك الانتقادات والشكاوى المستمرة ضده أبلغته إدارة الأوقاف بإنهاء عمله معها وأعطوه مهلة حتى نهاية شهر سبتمبر الجاري؛ وذلك حتى يتمكن من إيجاد فرصة عمل أخرى له.

عند ذلك قرر الانتقام من المجني عليه وظل يفكر بطريقة التخلص منه عبر قتله انتقاما من خسارته لوظيفته، وبالفعل جلب إلى المسجد قطعة حديدية وخبأها في خزانة الأحذية، وتمكن من استدراج الإمام بعد صلاة الفجر إلى مكان تلك القطعة مدعيا عطب أحد الأضواء، وغافل المجني عليه وضربه بالقطعة المذكورة عدة مرات حتى سقط أرضا مضرجا بدمائه.

ولم يكتفي الجاني بما ارتكبت يداه بل عمد إلى انتهاك حرمة جثة المجني عليه، إذ توجه إلى أحد المحلات واشترى ساطورا وأكياس قمامة سوداء اللون و"سطلين" كبيرين وشريط لاصق، تمكن بواسطتهم من تقطيع الجثة إلى عدة قطع وإخفائها بالأكياس و"السطول" بعدما سحبها إلى دورة المياه المخصصة للنساء.

وعمد القاتل إلى قطع البطن إلى نصفين، بعدما قطع رأس المجني عليه، فضلا عن تقطيع الرجلين من الفخذين وقطعه للذراعين، واستخدم الأكياس لوضع كل قطعة في أحدها، وجمع قطع الجثة في ذلك السطلين الكبيرين وأغلقهما بإحكام بواسطة الشريط اللاصق.

ولفت إلى أنه وضع السطلين في مكتب قريب من المسجد وترك المكيف يعمل فيه، إذ أنه بذلك الوقت قد حان وقت صلاة الظهر، حيث رجع للمسجد وأذن بإقامة الصلاة ظهرا وعصرا ولصلاة المغرب والعشاء بإمامته بدلا من المغدور فيه، وفي اليوم التالي أخذ السطلين من المكتب ووضعهما في سيارة أجرة وتوجه بهما إلى منطقة السكراب بالقرب من ألبا، وقبل وصوله للمكان أبلغ المتهم الثاني بضرورة حضوره لمساعدته في إنزال بعض الأغراض هناك فحضر الثاني لمساعدته.

وأفاد أنه بحث عن مكان مناسب للدفن في منطقة جو بداية، إلا أنه وبمساعدة من صديقه رجع لمنطقة السكراب لدفن جريمته بالتراب معتقدا عدم اكتشاف أمره بتلك الطريقة.

لكن ولبشاعة جريمته غير الإنسانية فقد اكتشف أمره أحد العمال بتلك المنطقة إذ شاهدهما وهما يحاولان التخلص من تلك البراميل "السطول"، فاقترب منهما وسألهما عن محتواهما، فادعى له القاتل أنها أسلاك كهربائية مسروقة من مسجد ويريد التخلص منها.

إلا أن شاهد العيان لم يقتنع بإجابته خصوصا وأنه كان يشم رائحة نفاذه وغريبة في المكان مصدرها تلك البراميل، فكرر سؤاله للقاتل، وعندما تغيرت الإجابة مدعيا وجود جثة طفل ويريد دفنها أمسك به الشاهد واستنجد بآخرين متواجدين في المكان، فحاول القاتل الهروب من قبضتهم، ولم يفلح فعرض عليهم مكافأة 100 دينار لتركه يذهب، لكنهم رفضوا ذلك العرض واتصلوا مباشرة بالشرطة التي حضرت فورا وألقت القبض عليهما.

هذا وقد أحالتهما النيابة العامة للمحاكمة على اعتبار أنهما في يومي 4 و 5 أغسطس 2018، أولا: المتهم الأول "الطاعن": حال كونه موظف عام، قتل المجني عليه عمدا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وهو إمام المسجد الذي يعمل به، وذلك حال كون المجني عليه موظفا عاما ووقع عليه هذا الفعل أثناء وبسبب تأديته وظيفته، كما أنه انتهك جثة المجني عليه بأن قام بتقطيعها.

ثانيا: المتهمان الأول والثاني: أخفيا جثة المجني عليه.

ثالثا: المتهم الثاني: علم بوقوع الجريمة وأعان المتهم الأول "الطاعن" على الفرار من وجه القضاء.

وعقب صدور الحكم صرح رئيس نيابة محافظة المحرق حسين خميس، أن النيابة وأثناء نظر الدعوى تقدمت بمرافعة شفوية استعرضت فيها وقائع الجريمة والأدلة القولية والمادية القائمة ضد المتهم، والتي تقطع بارتكابه الجرائم المسندة إليه، والتي تختلف ما بين اعترافات المتهمين وشهادة الشهود فضلا عن تقارير الطب الشرعي والتصوير الأمني ونتائج تقارير المختبر الجنائي بشأن فحص الأدوات المستخدمة في الجريمة والعينات المرفوعة من مكان ارتكاب الواقعة، والتي أكدت احتوائها على آثار تخص المتهم.

فيما أشارت النيابة إلى أن جميع هذه الأدلة لا يداخلها لبس ولا غموض ومن ثم تخلص عن حق إلى إدانة المتهم، وأن ما وقع من المتهم مؤذن المسجد قد جاوزا به مدى شائنا من الإجرام وارتقيا به مرتقى صعبا حينما طالت الجريمة أبلغ القيم وأجل المبادئ وبلغت من البشاعة والغيلة والتوحش قدرا غير مسبوق، فضلا عن الاجتراء على الحرمات والمقدسات بإتيانها في بيت من بيوت الله، وقدمت النيابة مرافعتها مكتوبة طالبة إنزال أقصى العقوبة بالمتهم والقضاء بإعدامه.