العدد 3773
الثلاثاء 12 فبراير 2019
banner
إيران... القصة تعيد نفسها أم ماذا؟ (5)
الثلاثاء 12 فبراير 2019

كانت الجمهورية الدينية ترفض كما كان يبدو وكما صار واضحا، وجود أي طرف أو حزب أو جهة تخالفها الرأي، والأنكى من ذلك أن جميع الأطراف والأحزاب والشخصيات التي أيدت الجمهورية الإسلامية سرعان ما انقلبت الأخيرة عليها واحدة تلو الأخرى، وبدأت تصفيتها أو إقصاءها، وهو ما أكد صواب وجهة نظر المنظمة برفضها القاطع نظرية ولاية الفقيه وتأكيدها أنه لم يحدث أي تغيير!
هناك نقطتان مهمتان لابد من الانتباه لهما وأخذهما بنظر الاعتبار بخصوص تلك الفترة الحساسة، النقطة الأولى أن منظمة مجاهدي خلق ومن خلال نضالها وصراعها المستمر والفعال على مختلف الأصعدة كان لها أكبر دور في تهيئة الرأي العام والواقع الإيراني للثورة والتغيير، ولم يكن هناك أي حزب أو تنظيم له دور وتحرك ومكانة مؤثرة كما كان الحال مع المنظمة، وهذا الأمر كان التيار الديني المتشدد يعرفه جيدا ويبذل كل ما بوسعه لإيجاد صيغة وأسلوب ما للتصدي له، أما النقطة الثانية فهي أن المنظمة ومع رفضها نظرية ولاية الفقيه فإنها لم تباشر في عملية الصراع والمواجهة بل ظلت تسعى لبذل كل المحاولات من أجل الخروج بحل يضمن عدم جر البلاد إلى مواجهات داخلية، لكن كان يبدو واضحا ومن خلال التصريحات والمواقف المتشددة من جانب الخميني وكذلك الاستعدادات والتحوطات الأمنية كلها مهدت لاندلاع الصراع والمواجهة، وبذلك سقط الأمر من يد المنظمة وكان عليها أن تواجه الأمر الواقع ونظام الشاه المعمم.
بقدر ما كانت المواجهة مع نظام الشاه صعبة ومعقدة، فإنها كانت أصعب وأكثر حساسية مع النظام الديني الذي قام باستغلال وتوظيف العامل من أجل القضاء على المنظمة، لكن تبين واضحا أن الأخيرة لم تكن كبقية الأطراف السياسية المعارضة الأخرى، إذ اصطدم النظام الديني بالجدار الصلب الذي سبق أن أرهق سلفه “نظام الشاه” حتى أوصله إلى مرحلة السقوط، ولاريب من أن المواجهة التي استمرت طوال 4 عقود، سعت المنظمة خلالها لكشف وفضح الغطاء الديني المزيف للنظام وأنه لا يهمه أي شيء بقدر ما تهمه مصالحه الضيقة، وطوال تلك العقود والأعوام، كان هناك الكثير من الذين ينتقدون ويسخرون من المنظمة لدخولها في هكذا مواجهة ساخرة “كما كانوا يصفون ذلك”، والذي لابد من ملاحظته جيدا، أنه وخلال هذا الصراع الضاري الدموي كانت هناك قلة تستمع لصوت المنظمة فيما كانت الأغلبية منخدعة ومتوهمة بأطروحات ورؤى النظام. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .