+A
A-

الكاتبة عصمت الموسوي تستحضر جوانب من حياة الراحل جاسم مراد

لأنها عرفته عن قرب وشهدت بعض أدواره بحكم عملها في الصحافة، استحضرت الكاتبة عصمت الموسوي جوانب من حياة الراحل جاسم مراد، كونه أحد أعضاء المجلس التأسيسي وساهم في صياغة دستور 1972 وعضو المجلس الوطني ( 1974 – 1975)، وله مسيرته الصحفية الوطنية على مدى خمسين عامًا، لتلقي الضوء على الأدوار التي لعبها بشكل إيجابي في المجتمع البحريني.

وأمام حضور مجلس أمير بن رجب الثقافي مساء الإثنين 11 فبراير 2019، قدمت عصمت رأي مراد في الصحافة كمعوض "نسبي" عن غياب الحياة النيابية في السبعينات والثمانينات والتسعينات، ولرجل حيوي وجريء وشجاع ومبادر وشديد الاندماج بمجتمعه وساع إلى الإصلاح والتغيير كجاسم مراد ، فمن الصعب أن تأخذ منه دوره النيابي والسياسي المؤثر وأن تطلب منه السكوت المطلق، فهو أحد القلائل الذين اجتهدوا وحاولوا بكل الطرق توصيل أفكارهم واختراق طوق الجدار الصلب في مرحلة أمن الدولة والتي انعكست على الصحافة وعلى كل مناحي الحياة.

المخاطر على الوحدة الوطنية

وبحكم تاريخه الطويل وخبرته السياسية وعمله التجاري وقراءاته وأسفاره واتساع شبكة علاقاته وتواصله مع الناس ومتابعته للصحافة اليومية، ألفى الصحفيون البحرينييون أنفسهم أمام رجل وطني وسياسي وحكيم بامتياز،  تمتع بحس عال من المسؤولية الاجتماعية تجاه بلده وأبناء شعبه، حيث آمن مراد  بالفكر الليبرالي وبحرية الصحافة وحرية الدين والمعتقد وبحق البشر في الاختلاف، واعتنق هذه المبادئ وبشر بها في كل المحافل، وحارب وتصدى للانغلاق والتطرف والتعصب وتديين السياسة وتسييس الدين، وكان معارضًا لتأسيس الجمعيات على أسس دينية أو مذهبية وهو أول من نبه إلى مخاطرها على الوحدة الوطنية، ورأى في الصحافة وسيلة لتغيير الشعوب وتطويرها وتحديثها وتأهيلها لدخول الانتخابات ولتقبل كل ما هو جديد، فالشعوب غير الواعية لا يعول عليها في إيصال الأكفاء إلى البرلمان، وقد كان صاحب الرأي الأكثر صراحة ما جعل الصحافة تتحسب له، وفي الغالب تحذف أو تخفف تصريحاته، ولعلنا نلحظ أن مراد تجلى في ذروة انفتاح الصحافة البحرينية بعد انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، فشارك بقوة وبكثافة عبر المقالات والندوات والنقد والتحليل، وكنا نقرأ لجاسم مراد ربما في يوم واحد في أكثر من صحيفة.

متحدث اختار المنحى الليبرالي

وفي حديثها عن تعاطيه مع الصحافة، تقول عصمت أن مراد ينطلق من فكر حر يؤمن بالديموقراطية وحرية التعبير والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة  وسيادة القانون،  ولا ننسى بالطبع تلك التجربة البرلمانية القصيرة التي عاشها في برلمان 73 وما دار فيه من نقاش وما اقترحه وزملاءه من مشاريع قوانين وتشريعات، ووفقا لمؤرخي هذه الفترة من عمر المجلس،  فقد كان جاسم أحد المتحدثين الأساسيين فيه، والذين اختاروا المنحى الليبرالي في مناقشة القضايا الاجتماعية المتعلقة بالتعليم والصحة وتقديم الخدمات وغيرها.

أثره في الصحافة البحرينية

وتختتم بطرح سؤال :"هل أثر جاسم مراد في الصحافة البحرينية؟" لتجيب :"نعم، أثر كثيرًا ليس انطلاقا من المبادئ التي آمن بها فحسب، بل لأنه جاهر بها وبثها وطبقها وكان سابقًا لعصره في طرحها، وعرض نفسه للهجوم من قبل من يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين، وأثر كذلك من خلال انصهاره بهموم مجتمعه، ومن صدقه ومن مساحة الجرأة التي اقتطعها لنفسه وفرضها وكرسها على الجميع دون خوف أو تردد، ومن قلبه الإنساني الكبير، ومن عطائه ومساهماته للمحتاجين، ومن بحثه الدائم عما يفيد وينفع ويصلح المجتمع.