العدد 3775
الخميس 14 فبراير 2019
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
“الميثاق”‭ ‬ليس‭ ‬أفقًا‭ ‬واحدًا‭ ‬بل‭ ‬آفاق
الخميس 14 فبراير 2019

أنا رجل مريض بالأمل “لا نتوب عن أحلامنا مهما تكرر انكسارها”، فلابد أن أسدد دَيْني الوطني، وكل الأقساط الوطنية التي عليَّ كمراقب وكناقد محب وسطي يطمح في الرهان على إنارة كل قناديل المشروع الإصلاحي. أحيانا حتى مبضع الجراح يمل جرّاحه ويحن لعطلة رسمية، لكن خياطة جراح الوطن تحتاج فدائيا يستطيع أن يوزع “الجوكليت” ولو في بيت العزاء.

لهذا علينا أن نربي الأمل كطفل صغير، نزّرقه كل فترة بمصل جديد ضد شلل الأطفال، نرش على رقبته البودرة التفاؤلية، نهبه الأرجوحة ولو كان سياج الحديقة ممزقا من رياح السياسة.

هذا ونحن نشهد رقصات الأفاعي في بيوت عزاء المنطقة، وكل الذئاب الإقليمية والدولية وهي تعوي على حدود خريطتنا العربية.

السياسي المحنك لا يدخل في نظرية كسر العظم، بل في عظم الكسر، ويمتلك خصرا سياسيا يتموج حسب الأبواب المتداخلة ضيقا واتساعا.

كما السياسة، الحب له طقوس وحتى العداوة لها طقوس، والمبالغة في كليهما دليل على عدم النضج، ومادمت تحب، فلابد أن تؤدي كل طقوس الحب حتى نهاية المطاف كما يقول محمود درويش في تعريف الحب: “هو أن تجد ألف سيل للرحيل، فتبقى”.

والسؤال، هل هي فلسفة نتشه عن “الإنسان الأعلى” أم هي تلميحات فرويد في قراءة التركيب النفسي في حب الوطن أم هي قصيدة الشاعر الفرنسي رامبو في قصيدته “القارب الثمل” أم هو كإبداعية “الحب في زمن الكوليرا” لغابرييل غارسيا ماركيز؟ كي أختصر عليكم، أنا لست في غيبوبة عاطفية عند الدفاع عن الميثاق، فمنذ تعرفي على “ميثاق العمل الوطني” وأنا أراهن على استمرار تدفق الأمل، رغم غربة الطريق، ولا أعاني من مراهقة سياسية أو غير قارئ لمكيافيللي، وإنما هو رهان بواقعية مقاتلة على تربية الأمل، وعلى عدم انكساره، وكي تكون قويا لابد أن تكون في حالة ذهنية قتالية.

كما الفرح معدي، وكما الحزن معدي كذلك الثقة معدية، وأنا ثقتي أن البحرين رغم بعض الأوجاع تكون أجمل لو أننا قمنا بترميم الذاكرة، وترميم القلعة، وكنسنا كل الطارئين المتوترين طائفيا المنتشرين كالغبار ووضعهم تحت السجادة الوطنية، وراهنا على ناصية المنارات الثلاث: حمد وخليفة وسلمان. لا شيء يغوي في هذه المدينة أو أشد إغواء الا وحدتنا الوطنية!!! هذا هو ملاذي العقلي الذي ارتهن إليه، وأعاود الالتجاء إليه، والاختفاء فيه ساعة شعوري بغربة الانتماء والجغرافيا أو حالة ظهور أعراض أي اكتئاب سياسي على نفسية الأمل الذي أربيه منذ عودتي للوطن في 2002، وأسعى جاهدا لفك الارتباط بيني وبينه وبين أرصفة الغربة، وشوارع الهجير ودموع الاغتراب وخارطة الحزن.

أعلم أننا ننزف من عدة ملفات كوزارات وهيئات مثل الكهرباء والعمل والصحة والتجارة والتأمينات، والنزف الذي نزفه تقرير الرقابة المالية والإدارية يدل على العمق، لكن أيضا أسعى للرهان على شجر الياسمين الخارج من ملف الإسكان، وأراهن على عطر قادم من فسحة أمل، لذلك علينا أن نسعي لفتح النوافد بأكسجين النقد الموضوعي دون رمي الأمل من الشباك بعد تربيته طيلة هذه السنين بحجة نقص الحليب، وقلة لعب الأطفال وتكسر الأراجيح. من فاق في “الميثاق” فاق، ومن نام أو يئس لن يطير في الآفاق، فالميثاق ليس أفقًا واحداً، بل آفاق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية