+A
A-

قرية "القلعة".. المهجورة برضاها

ثمة مشاعر مفعمة بالشوق تغمر من يتجول في قرية "القلعة" مشيًا على الأقدام.. وتصبح تلك المشاعر ممتزجة برهبة التاريخ حين يلف صرير الريح وحفيف الشجر، وأجمل من ذلك، تلك الذكريات في مجالس وطرقات وحياة أهل القرية الطيبين قبل أن يتركوا تلك المنازل ليستقروا في مشروعهم الإسكاني الجديد والقريب.

على مشارف التلة

على مقربة من القرية، تزهو خضرة البساتين وخيرات ثمارها.. يا له من مشهد رائع حين تقف على مشارف التلة المتصلة بقلعة البحرين التليدة وتشاهد تلك البساتين التي قررت أن تبقى صامدة وتعطي الناس من خيراتها.. ولأن موقع قلعة البحرين من المواقع المسجلة على قائمة التراث العالمي منذ العام 2005، فإن الأهالي يتمنون أن تحيا فكرة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة من جديد، مثمنين جهودها في الحفاظ على تاريخ وتراث البلد، فالقرية المهجورة برضاها يمكن أن تتحول منازلها إلى مشروع تراثي وفكري وثقافي يخدم السياحة، فكل المقومات متوافرة وأولها الإرث التاريخي الذي يصفه الباحث والمؤرخ حسين محمد الجمري في سلسلته :"الدرر المتناثرة في بحوث التراث النادرة" ، بأنها بقعة قريبة من موقع قصر ملك دلمون وكان من بين أسمائها "قرية العجاج"، وفي نهاية القرن التاسع عشر، كانت هذه القرية تتكون من 30 عريشًا يعمل سكانها في الزراعة، وهي مليئة بالحدائق فكان بها أكثر من 1300 نخلة بالإضافة الى أشجار الفواكه المختلفة كالرمان والبرتقال وغيرها.

صغيرة.. لأنها كبيرة!

تسير على الأقدام جهة منزل السيد أمين وبالقرب منه منزل صغير يقال أنه مخصص للبعثة الفرنسية، أما منزل الحاج أحمد والحاج عبدالعزيز حبيل وغيرهما من بيوت القرية ومنها بيت الحاج سلمان هلال والحاج محمد مشيمع فلا يزال في الذاكرة حكايات جميلة عن كرم وطيب أهل القرية.. كبار السن من أهاليها يصفون لوحة لا تزال ماثلة في الذاكرة، ففي بيوت مشيدة من سعف النخيل، عاش أهالي قرية "القلعة" وعملوا في المزارع وبعضهم عمل في مهنة الصيد، وعن صغر مساحة القرية، فإن المعلومة القيمة هنا هي أنه تم إيقاف إصدار أية تراخيص بناء جديدة في الأراضي المحيطة كونها منطقة آثار، وحسب المعلومات المتوفرة، فإن ذلك يعود إلى العام 1966 بعد أن اكتشفت البعثة الدنماركية التي نقبت في الموقع منذ العام 1953 وجود آثار كامنة تحت أرض القرية، فهي الصغيرة الكبيرة بكنوز التاريخ.

لكي تبقى نابضة بالحياة

حين يزور الناس، سواء من المواطنين أم من السواح قلعة البحرين، ويتجولون في عبق التاريخ، تطل القرية الهادئة وتصبح الفرصة ذهبية للتجول في أزقتها وبساتينها، ولعل تحويل المنازل إلى قرية تاريخية مصغرة تحمل سمات تاريخ البحرين، يمثل أمنية للأهالي  لكي تبقى هذه القرية تنبض بالحياة.