العدد 3780
الثلاثاء 19 فبراير 2019
banner
المعركة الآيديولوجية القادمة
الثلاثاء 19 فبراير 2019

يبدو أن النظام الدولي لن يهدأ أو أنه يراد له ألا يهدأ أبدا رغم ما شهده على مر العقود الماضية من تنوع في أشكاله وتغير في المتحكمين فيه والقابضين على أموره وتلاشي بعض أقطابه وتراجع رموزه، لكن تكاد سمة “الصراع” تكون الباقية والملازمة لمن يتحكم في هذا النظام، وكأن عليه واجبا بأن يخلق طرفًا ثانيا ليتظاهر بأنه ينافسه ويحاول حرمانه من بعض مزاياه أو يحول دون الوصول لأهدافه بما يستدعي محاربته ومحاولة إضعافه.

فرغم ما يتراءى لنا من صراع اقتصادي وتنافس تجاري بين الصين وأميركا، إلا أن أجهزة الاستخبارات الأميركية في تقريرها السنوي خرجت بتوصيف جديد عندما اعتبرت أن العلاقات مع الصين عبارة عن مواجهة آيديولوجية عالمية لن تحتويها اتفاقيات تجارية ولا حملة لوقف استحواذ الصين على أسرار التكنولوجيا مثلما تتهمها واشنطن، محذرة من أن الصين تسعى لإشاعة “رأسمالية مستبدة” في مواجهة الليبرالية الديمقراطية للغرب.

هنا مكمن الخطورة، فالتنافس والصراع المادي يختلف في طبيعته عن الصراع الفكري والآيديولوجي، فإذا كان الأول لا يمنع وجود علاقات بين المتنافسين مهما انخفضت أو ارتفعت درجتها، فإن الثاني ينذر بالابتعاد بين الطرفين والعزلة بينهما، وإذا كان الأول يدفع إلى التحرك والنشاط من أجل كسب الصراع بتحقيق المزيد من الأرباح وإقامة المزيد من الأسواق والعلاقات، فإن الثاني يدفع أكثر إلى التحرك للإضرار بالطرف الآخر والتركيز على كل ما يؤذي هذا الطرف.

في فترة سابقة، وبعد الانتصار في “المعركة” ضد الشيوعية، حاولت بعض الأقلام الغربية صناعة الخوف وإثارة الذعر من “الإسلام” كخطر قائم وقادم على الليبرالية الغربية وقيمها ومبادئها وكثر الحديث عن الصدام المتوقع بين الحضارات، إلا أن هذه الفكرة لم تجد النجاح الكافي مع ازدياد الفجوة بين العالم الإسلامي والغرب في معظم جوانب الحياة. ولكن الموضوع سيختلف كثيرا في حالة الصين التي تسير بخطى متسارعة وواسعة نحو التفوق ما يجعلها نموذجًا جديرًا بأن يكون منافسًا للغرب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .