+A
A-

رياضي إيراني لظريف: أي "نحن" تقصد.. الناس أم الحكومة؟

غالباً ما تثير تصريحات المسؤولين الإيرانيين سخرية وغضب المواطنين في ما يخص حقيقة الأوضاع في بلادهم، وهذا يشمل الفنانين والرياضيين الذين لا يتورعون عن إبداء آرائهم و"تدخلهم في عالم السياسة" أحياناً.

ففي آخر رد فعل على تصريح مسؤول إيراني، انتقد لاعب كرة القدم الشهير، علي كريمي، تصريحات وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، الأخيرة، قائلاً: "دكتور، أي "نحن" تقصد حينما تقول "نحن نتعرض للضغوط؟ نحن الناس أم نحن الحكومة".

وكان ظريف قد صرح في وقت سابق: "نحن نفتخر لتعرضنا للضغوط من أجل فلسطين. نفتخر (لدعمنا) للمقاومة في العراق وسوريا ولبنان".

وأثارت انتقادات كريمي، الملقب بمارادونا آسيا، سخط النظام ورموزه، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامئي، الذي قال إن "البعض يستفيد من أمن البلاد في العمل والفن والرياضة والدراسة، لكن بعض هؤلاء ينكرون الملح، ولا يقدرون تضحيات القوات العسكرية".

ويعد كريمي الأكثر شعبية بين الإيرانيين في مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما "إنستغرام"، وله أربعة ملايين متابع. وقد أثارت انتقاداته ردود فعل كثيرة، أشاد فيها المستخدمون بموقفه، معربين عن تأييدهم الكامل له.

"لست أنت من يتعرض للضغوط"

وفي السياق نفسه، انتقد رياضيون إيرانيون آخرون تصريحات ظريف، مرحبين بموقف كريمي. وكان أبرزهم وريا غفوري، لاعب فريق استقلال طهران، الذي رد بدوره على ظريف قائلاً: "يا سيد ظريف الذي تتفاخر بأنك تتعرض لضغوط من أجل فلسطين ولبنان واليمن وسوريا، لست أنت من يتعرض للضغوط وإنما الناس العاديون".

ونقلت وسائل إعلام إيرانية تقارير عن استدعاء غفوري إلى وزارة الرياضة بعد بث تسجيلات تصريحاته على التلفزيون. ولم يعرف سبب الاستدعاء، غير أن مصادر ذكرت أن الوزارة طلبت من الرياضيين عدم التعليق "العاطفي" على القضايا السياسية.

تضامناً مع غفوري

ولغفوري أكثر من 700 ألف متابع على "إنستغرام"، أكثر شبكات التواصل الاجتماعي شعبية في إيران.

كما أعلن عدد من لاعبي كرة القدم الإيرانيين تضامنهم مع غفوري، إذ أيد هداف المنتخب الإيراني، علي رضا جهانبخش، ما قاله غفوري: "الإنسان الحقيقي لا يأبى قول الحقيقة". وهتف مشجعو فريق استقلال باسم غفوري مطلقين حملة "وريا ليس وحيداً" عبر موقع "تويتر".

وهذه ليست المرة الأولى التي يعرب فيها هذان اللاعبان المثيران للجدل عن آرائهما حول ما يجري في بلادهما التي تواجه مشاكل اقتصادية وسياسية كبيرة.

فخلال مباراة كرة القدم التي جرت بين إيران وكوريا الشمالية عام 2009 في نطاق تصفيات مونديال جنوب إفريقيا، حمل لاعبون شارات خضراء في معصمهم تعبيراً عن مساندتهم للحركة الخضراء وزعيمها مير حسين موسوي. وبعد هذا الحادث الذي شاهده ملايين الإيرانيين على شاشات التلفزة، تم إبعاد أربعة لاعبين من المنتخب الوطني، كان من بينهم علي كريمي.

إيران وتدخلاتها في المنطقة

ويعيد السجال الأخير بين اللاعبين الإيرانيين ووزير الخارجية إلى الواجهة قضية الدور الإقليمي لطهران وتدخلاتها في شؤون المنطقة وما يسببه ذلك من استياء شعبي داخل إيران.

كذلك رفع المتظاهرون خلال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في مختلف أنحاء إيران العام الماضي، شعارات تندد بالسياسة الخارجية لبلادهم وإنفاقها الأموال على حلفائها الإقليميين، متجاهلة أوضاعهم المعيشية الصعبة والفقر والحرمان في البلاد.

ومع تغلغل إيران المتزايد في سوريا ودعمها العسكري والمالي للنظام السوري والميليشيات التابعة لها، بات شعار "اتركوا سوريا، وفكروا بحالنا" من الشعارات الرئيسية التي يرددها المحتجون في مختلف أنحاء إيران.

ويرى مراقبون أن الجدل الأخير بين النظام والرياضيين يفضح مجدداً ماهية الخطاب الشعبوي لطهران، ويكشف عمق أزمة الثقة بين المسؤولين الإيرانيين والمواطن العادي.