+A
A-

"أشبال داعش" في الهول.. يتامى وكوارث إنسانية وقنابل

يُنذر مخيم "الهول"، الواقع بريف الحسكة الجنوبي، شمال شرقي سوريا، بمخاطر جديدة، قد تواجهها السلطات المحلية المسيطرة في المنطقة، بعد قضاء قوات سوريا الديمقراطية على تنظيم "داعش" في بلدة الباغوز، آخر معاقله، بالقرب من الحدود مع العراق، الأسبوع الماضي.

ويكتظ المخيم الذي يعج بعشرات الآلاف من زوجات "الدواعش" الذين كانوا يقاتلون في صفوف التنظيم، بآلاف الأطفال بينهم يتامى، بالإضافة لنازحين مدنيين سوريين وعراقيين، فرّوا إزاء المعارك التي خاضها مقاتلو سوريا الديمقراطية في أرياف دير الزور على الحدود السورية ـ العراقية.

وأكدت يلودي شيندلر، وهي متحدّثة رسمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مقر الجمعية الرئيسي بجنيف أن "أعداد النازحين في مخيم الهول مخيفة، حيث وصل عدد النازحين لنحو 74000 شخص".

"البحث عن أقاربهم داخل سوريا وخارجها"

وأضافت في اتصالٍ هاتفي مع "العربية.نت" أن "غالبيتهم أطفال ونساء، وتصل نسبتهم إلى 90% من إجمالي أعداد النازحين في المخيم"، مشيرة إلى"وجود بعض الرجال أيضاً في المخيم، لكن نسبتهم ضئيلة"، على حدّ قولها.

وشددت شيندلز على أن "اللجنة الدولية، لا تميز بين الجهاديات والنازحات المدنيات في المخيم، ويتعاملون معهن معاملة واحدة".

وكشفت عن وجود "آلاف الأطفال في المخيم" بالقول: "نحن نتعامل مع متطلباتهم كأطفالٍ فقط، ولا نركز على جنسياتهم أو إذا ما كانوا يتامى أو مع أهاليهم".

وقالت في هذا السياق إن "اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتشاور مع الإدارة المحلية داخل المخيم والجهات الفاعلة المعنية، تسعى لإيجاد حلول لهؤلاء الأطفال، ومنها إيجاد عائلات مضيفة والبحث عن أقاربهم داخل سوريا وخارجها".

وتابعت "نحاول تقديم المساعدات لهم، فقد تم تسجيل 1292 نازحاً لتقديم المساعدة الطارئة لهم ومن بينهم 848 طفلاً".

وبحسب شيندلر، فإن "النازحين في مخيم الهول، ينحدر غالبيتهم من الجنسيتين السورية والعراقية، بالإضافة لأعداد قليلة من عشرات الجنسيات الأجنبية الأخرى".

وأوضحت أن "سكان المخيم يعانون من نقصٍ في المواد الأساسية كالطعام والشراب وأغطية النوم"، مضيفة أن "اللجنة الدولية تحاول التواصل مع جهاتٍ أخرى لتقديم المساعدة لهم".

وتعتمد اللجنة الدولية على برنامج خاص اسمه "حماية وأمان"، وفقاً للمتحدّثة الرسمية، إذ تلقت اللجنة خلال عامٍ واحد 1661 رسالة من بعض سكان المخيم، من خلال هذا البرنامج، وتمكنت بعد ذلك، من توزيع 655 من هذا الرسائل لأصحابهم وأقاربهم، داخل سوريا وخارجها، بهدف "إعادة الروابط الأسرية"، على حدّ وصفها.

خوف من انتشار الأمراض

من جهتها، قالت ماجدة أمين، وهي موظفة إدارية في مخيم الهول، في اتصالٍ مع "العربية.نت"، "في الواقع، لا يتسع المخيم لأكثر من ثلاثين إلى أربعين ألف شخص كحدٍ أقصى، لكن أعداد النازحين فيه، تجاوزت هذا الرقم بكثير".

وأضافت "نقترب من فصل الصيف، وبقاء أعداد كبيرة من النازحين في خيمةٍ واحدة، سوف يتسبب بانتشار الأمراض، والنازحون جميعاً بحاجة لأبسط الاحتياجات ومنها المطابخ الجماعية".

كما كشفت أن "المعونات الغذائية التي يحصل عليها النازحون من المنظمات الدولية والأممية والمحلية، تحتاج لطهو عبر الغاز، لكن عدد المطابخ في المخيم لا يكفي لذلك. حتى بعض المطابخ المجهّزة تحتاج إلى الغاز، وهذا تقصير من المنظمات"، على حدّ تعبيرها.

وناشدت أمين "المنظمات الدولية والمحلية بتقديم المساعدة لهؤلاء النازحين"، موضّحة بالقول: "بعض هؤلاء النازحون، مرضى، وبحاجة لمشافٍ ونقاطٍ طبية، حتى بعض المستشفيات بمدينة الحسكة، لا تستطيع تلبية احتياجاتهم الطبية نتيجة عددهم الكبير، وكذلك لدينا نقص في عدد سيارات الإسعاف".

وتابعت "لذا طلبنا من منظمة الصحة العالمية، بناء مشفى كبيرا، لكنها لم تلبّ طلبنا هذا إلى الآن".

وأشارت إلى أن "كلّ من يقيم في المخيم هو نازح، حتى لو كان عنصرا في صفوف التنظيم. نحن ننظر إليهم بهذا الشكل".

ويعيش في هذا المخيم الّذي كان مهجوراً لسنوات بعد إقامة لاجئين عراقيين فيه قبل أعوام، الآلاف من "الداعشيات"، برفقة أطفالهن، إلى جانب النازحين السوريين والعراقيين. وتحاول منظمات دولية منها مفوضية اللاجئين والصليب الأحمر الدولي، بالإضافة لمنظمات أخرى محلية منها الهلال الأحمر الكردي، تقديم المساعدة لهم.

ورغم ذلك يعاني الآلاف من نقص في احتياجات الحياة اليومية كالخيم، لاسيما أن الخيمة الواحدة، يضطر العشرات للعيش فيها معاً، بالإضافة لنقص حاد في الأدوية والنقاط الطبيّة، الأمر الّذي أدى لوفاة عشرات الأطفال، وفقاً للجنة الإنقاذ الدولية.

الأطفال اليتامى

وبالإضافة لتحدي تأمين المتطلّبات الحياتية لهؤلاء النازحين، يشكل الأطفال اليتامى، العقبة الأكبر، إذ لا يزال مصيرهم مجهولاً، لاسيما مع رفض معظم الدول الأوروبية إعادتهم، إلى جانب ظاهرة التطرّف لدى الجهاديات.

ويصف مسؤولون أكراد من "الإدارة الذاتية" النازحات الداعشيات بـ "القنابل الموقوتة"، في إشارة منهم، لتصرفاتهن في المخيم والتي برزت من خلال هجومهن على صحافيين ونازحين مدنيين بالسلاح الأبيض قبل أيام.

وفي الوقت ذاته، تحاول بعض منظمات المجتمع المدني في المنطقة، توعية النساء في هذا المخيم، لتحريرهن من فكر التنظيم المتطرّف، ومن أبرز هذه المنظمات، مجلس المرأة السورية في شمال وشرق سوريا.

وترفض معظم حكومات الدول الأوروبية، إعادة أولئك "الداعشيات" إلى بلادهن، وتحاول بعضها سحب الجنسية منهن. وينحدرن جميعاً وفقاً لمسؤولين أكراد، من عشرات الدول الأجنبية. ولم تستعد إلى الآن سوى بضعة دول، بعض مواطنيها، ومنها روسيا وإندونيسيا وكندا والسودان.