+A
A-

هل يساهم وضع حد أدنى للأجور في تحسين ظروف الموظفين؟

قال صندوق النقد الدولي في دراسة حديثة إنه على الرغم من أن الحد الأدنى للأجور قد يساهم في تحسين مستوى الموظفين والعمال، إلا أن هناك 3 إشكاليات قد تحول دون تحقيق هذا الهدف، منها ما هو مرتبط بمستوى الأجر، وتطبيق القانون الخاص به، وإشكالية تتعلق بأصحاب الأعمال والشركات.

وذكر الصندوق أن أغلب دول العالم لديها قانون يحدد الحد الأدنى للأجور. ويختلف الوضع من دولة إلى أخرى، فبعض الدول مثل فرنسا تضع حدا أدنى ثابتا للأجور في كافة القطاعات الاقتصادية، فيما تحدد بعض الدول حدا أدنى يختلف باختلاف القطاع وطبيعة العمل.

وتضع الحكومات الحد الأدنى للأجور وتغيره بشكل دوري بعد التشاور مع اتحادات النقابات العمالية والمستثمرين.

وتشير الدراسة إلى أن الحد الأدنى للأجور في كولومبيا يعد الأكبر كنسبة مئوية من متوسط أجر العامل بدوام كامل، إذ تصل إلى نحو 58%، تليها نيوزيلندا بنسبة 53%، ثم فرنسا بنسبة 50%، وكوستاريكا بنسبة 48%، وشيلي بنفس النسبة تقريبا، وسلوفينيا بنسبة 47%، فيما تصل النسبة في الولايات المتحدة إلى 25%.

ورغم أن قوانين الحد الأدنى للأجور تساهم في تحقيق العدالة الاقتصادية وتحسين رفاهية العمال وتقلص من عدم التكافؤ، وتحفز الشمول المجتمعي، إلا أن بعض الدول لا تطبق هذا القانون حيث يعتبر "حبرا على ورق"، خاصة في الدول التي يساهم فيها "اقتصاد الظل" بنسبة كبيرة من اقتصاد البلاد، وفي هذه الدول يعطي أصحاب العمل الأجور للعمال بطرق غير رسمية "من تحت الترابيزة" على حد تعبير صندوق النقد، ويُطلق عليها "الرواتب في المظاريف"، مشيرة إلى أن الهدف من ذلك هو التهرب من الضرائب، والمميزات القانونية للموظفين.

أصحاب العمل

وأيضا في الدول التي يحترم فيها أصحاب العمل القوانين، فإن المكاسب الإضافية للعمال يواجهها الكثير من النفقات المتعلقة بضرائب العمل والاستقطاعات الخاصة بالأمان الوظيفي، وهو ما يقلص من إنفاق العمال في بيوتهم.

وذكرت الدراسة أن بعض أصحاب العمل يعوضون الزيادة في الأجور الناتجة عن وضع الحد الأدنى للأجور عبر تخفيض الامتيازات الأخرى أو تسريح العمال لتقليص النفقات.

وأشارت إلى أن أثر وضع حد أدنى للأجور في سوق تنافسي فوق المستوى السائد بالسوق سيكون ضارا، إذ ستمتنع بعض الشركات عند دفع الرواتب، وستقوم بتسريح العمال. وعلى الجانب الآخر، في حال عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور في سوق غير تنافسي، فإن الشركات التي تحتكر السوق، قد تدفع رواتب أقل من المفترض أن تدفعه في حال وجود منافسين لها. وفي هذه الحالة يرى تقرير صندوق النقد أن وضع حد للأجور قد يساهم في رفع دخل العمال دون أن يؤثر ذلك على حجم التوظيف.

وفي ظل الجدل الدائر حول الحد الأدنى للأجور، ترى الدراسة أن هناك إجماعا متزايدا على أن وضع حد أدنى للأجور عند مستوى معتدل، سيكون تأثيره السلبي على معدلات التوظيف محدودا.

التكلفة

وذكر التقرير أن أحدث الدراسات استنتجت أنه لا يوجد تغيير تقريبا من زيادة الحد الأدنى للأجور على تراجع معدلات التوظيف، موضحة أن الحد الأدنى للأجور لا يمثل سوى جزء صغير من إجمالي تكاليف صاحب العمل، حتى تتمكن الشركات من استيعاب الزيادة بطرق متنوعة بخلاف خفض الرواتب.

المستوى المناسب

وقال التقرير إن هناك شبه تأكيد على أن وضع حد أدنى للأجور يفيد أغلب الموظفين، فيما قد يضر بأصحاب الرواتب المرتفعة.

وأوضح التقرير أن الدراسات تشير إلى أن المستوى المناسب للحد الأدنى للجور يتراوح بين 25 و50% من متوسط الرواتب السائدة في الدولة. وأشار إلى أن السياسات الخاصة بوضع الحد الأدنى للأجور يجب أن تتماشى مع مستوى نمو الأجور في الدولة الذي يتوافق مع مستوى الإنتاجية في كل بلد.