العدد 3829
الثلاثاء 09 أبريل 2019
banner
جاسيندا وسمعة نيوزيلندا
الثلاثاء 09 أبريل 2019

كانت المجزرة الوحشية التي قام بها أحد غلاة المتطرفين ضد مصلين أبرياء عزل في مدينة كرايست تشيرتش بنيوزيلندا خلال الشهر الماضي والتي أودت بحياة 50 شخصًا كافية بأن تضع هذا البلد في خانة البلدان سيئة السمعة لولا الإدارة الإنسانية لهذه الأزمة من قبل رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، والتي استطاعت تحويل الكثير من الأنظار وإضعاف التركيز على فداحة الجريمة بالحديث عن حسن الإدارة والتعامل مع الأزمة بحس مسؤول ورؤية شاملة لجميع أبناء المجتمع النيوزيلندي دون تفرقة.

استطاعت جاسيندا بسلوكيات بسيطة - من بينها ذهابها لتعزية أهالي الضحايا وإعلانها رفع الأذان والوقوف دقيقتيْ صمت في ذكرى مرور أسبوع على المجزرة المروعة ببلادها وجسدت بصدق صورا مختلفة وراقية من التعاطف ومشاعر التضامن مع مسلمي نيوزيلندا - أن تحظى بإشادة الدول الإسلامية وتخفيف سخط شعوبها جراء هذه المجزرة التي تقشعر لها الأبدان.

فقد كان من الواضح أنها تعاملت حرصا على بلدها ولم تكن تسعى لنيل رضا آخرين خارج حدود أرضها، إلا أن صدقها ونبلها جعلها تحقق من الأهداف ما يفوق توقعاتها، فعندما سئلت عن أسباب ارتدائها الحجاب خلال تعزية أهالي الضحايا وطمأنتهم، قالت أرديرن إنها فعلت ذلك دون التفكير كثيرا في الأمر وإنها لم تكن تتصور أن ارتداءها الحجاب سيبث في نفوسهم كل هذا الشعور بالأمان.

أما النقطة الأهم في حديث جاسيندا فهي تأكيدها أن بث الأمان في نفوس الناس مسؤولية تقع على عاتقها، مشيرة إلى أنها تتألم بشدة عندما يشعر الناس بعدم الأمان وتكون هي المسؤولة عن استعادة هذا الشعور. هنا درس مهم لكل دولة تسعى للحفاظ على سمعتها سواء بين أبنائها أو في محيطها الدولي، فالسمعة الحقيقية هي التي تبنى على شعور الجميع داخل الدولة بالأمن، فهنا سيتحول الجميع لجنود مدافعين عن دولتهم مهما حدث من أزمات ومشكلات، حيث لا تخلو الحياة منها ولكن المهم هو أن يكون هناك شعور بالأمن بمفهومه الشامل الذي يجعل الإنسان مطمئنا في معيشته ومسكنه وبين أهله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية