+A
A-

رفات تفتح مواجع لبنانيين.. أين المعتقلون في سوريا؟

في خضم السجال بين القوى السياسية اللبنانية بشأن تفعيل قنوات التواصل مع حكومة النظام السوري من أجل حل أزمة النازحين السوريين بتأمين عودتهم إلى المناطق الآمنة في سوريا، يسأل أهالي المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية عن مصير أبنائهم ومعاناتهم المستمرة منذ 29 عاماً.

ولعل ما فتح جرح أهالي المعتقلين خبر تسلّم الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي عبر الوسيط الروسي رفات الجندي الإسرائيلي زخاريا باومل، الذي قتل خلال معركة سلطان يعقوب في سهل البقاع اللبناني قرب الحدود السورية عام 1982. إذ كيف تكشف سوريا عن رفات جندي تابع لدولة عدوة في حين أن مئات المعتقلين التابعين لدولة شقيقة غير معروف حتى الآن ويرفض النظام في سوريا الاعتراف بوجودهم.

وفي هذا السياق، كشف رئيس "حركة التغيير"، المحامي إيلي محفوض في مؤتمر صحافي عقده الأحد عن تسليمه كتابا إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر اللبناني بشخص رئيسها، تضمن ملفا حول قضية المعتقلين في السجون السورية وإرفاق كتابه بلوائح اسمية وتفاصيل عن ظروف الاعتقال والاحتجاز القسري، مطالباً "بأن تبادر لإرسال لجنة تحقيق وتقصي إلى الأراضي السورية بحثا عن مصير مئات من اللبنانيين الذين اعتقلتهم القوات السورية قبل سنوات طويلة خلال الحرب اللبنانية".

622 معتقلا

واستطاعت بعض الجمعيات والمنظمات المعنية بقضية المفقودين والمخفيين قسراً والمخطوفين في سوريا إجراء إحصاء شبه دقيق عن أعداد اللبنانيين المعتقلين في سوريا بحوالي 622 (ستمئة وإثنين وعشرين) لبنانيا يتوزعون على عدد من السجون والمعتقلات منها: صيدنايا - تدمر - المزة - دمشق - حلب - عدرا - حماة - السويداء - حمص - فرع فلسطين أو كما يسمونه إصطلاحا فرع 235 وهذا المعتقل يقال إن من يدخله يعتبر ميتا".

وحظي الكتاب الذي رفعه المحامي محفوض المناهض للنظام السوري، باهتمام "القوات اللبنانية"، لا سيما بعدما سلّمت سوريا رفات الجندي الإسرائيلي.

مساندة قواتية وراء الكواليس!

وأوضح النائب عن "القوات اللبنانية" في البرلمان اللبناني العميد وهبي قاطيشا لـ"العربية.نت" إلى "أننا كتكتل نيابي ندرس بشكل جدّي مدى فاعلية تبنّينا للكتاب الذي رفعه رئيس "حركة التغيير"، فإما السير به رسمياً وبشكل علني أو من وراء الكواليس عبر ترك الموضوع في عُهدة منظمات دولية تُعنى بهذا الشأن، لأن النظام السوري "سيُعاند" ولن يتجاوب مع مطلب الكشف عن مصيرهم إذا علم أننا نحن من رفعنا الكتاب إلى الصليب الأحمر الدولي".

وأسف "لأن بعض القوى السياسية اللبنانية المناصرة للنظام السوري لا تُكلّف نفسها عناء السؤال عن مصير هؤلاء المعتقلين".

"لا حياء"!

يذكر أن مجلس النواب اللبناني أقر في 12 نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي قانون المفقودين والمخفيين قسراً في لبنان جرّاء الحرب الأهلية في لبنان التي انتهت عام 1990، بعد التصويت عليه مادة مادة بما فيها المادة 37 المتعلقة بمعاقبة المسؤولين عن المفقودين. والمادة 37 تنص على ملاحقة من تسبب أو شارك أو حرّض على الإخفاء.

وفي السياق، طالب قاطيشا الحكومة اللبنانية بتشكيل لجنة رسمية لمتابعة تنفيذ القانون.

وشكّل أهالي المفقودين والمخطوفين لجنة لمتابعة قضيتهم ولرفع الصوت أمام المؤسسات الرسمية والمنظمات الدولية لتسليط الضوء على معاناتهم.

من جهته، أسف رئيس "لجنة المعتقلين السياسيين اللبنانيين المحررين من السجون السورية" علي أبو دهن، عبر "العربية.نت" "لأن هناك قوى سياسية لبنانية تُطالب بعودة التواصل مع سوريا وهمّها حجز مكان لها في ورشة إعادة بناء سوريا في حين أن مصير مئات المعتقلين اللبنانيين لا يزال مجهولاً"، واعتبر "أن الدولة اللبنانية لو عندها بعض "الحياء" لكانت طالبت بالكشف عن مصيرهم منذ سنوات".

عائد من جهنم

واعتقل ابو دهن لمدة 13 عاماً في سوريا أمضى معظمها في سجن تدمر الذي يصفه بالجحيم. وبعد خروجه من السجن عام 2000 ألّف كتابا بعنوان "عائد من جهنهم... ذكريات من تدمر وأخواته" "سرد فيه رحلة عذابه ويومياته التي عاشها خلال "رحلة الموت".

وأكد "أننا اعتُقلنا لأننا ناضلنا وحاربنا ضد "الغزو" السوري للبنان"، وأشار إلى "أن النظام السوري يتبجح بأن لا معتقلين لبنانيين في سجونه وإنما الموجود معتقلون سوريون في لبنان".

وختم أبو دهن بالتأكيد "أنه سيُكمل النضال حتى النهاية، قائلاً "أنا مستعد للموت حتى يُكشف مصير رفاقي المعتقلين، فهذه أقلّ واجباتي تجاههم".