+A
A-

44 عاماً على حرب لبنان.. أتتكرر المأساة؟!

44 عاماً مرّت على الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في 13 أبريل/نيسان 1975 وراح ضحيتها 150 ألف قتيل و300 ألف جريح ومعوق و17 ألف مفقود، فضلا عن هجرة أكثر من مليون شخص، وخسائر مادية فاقت 100 مليار دولار.

44 عاماً على حرب دموية وصراع معقّد استمر نحو 15 سنة ولا تزال تسكن بمآسيها وصورها المؤلمة، ذكرى وعِبرة في أعماق الذاكرة الجماعية للبنانيين التي تعج بالكثير من الألم.

لم تكن حرب واحدة بل حرب بمتاريس كثيرة. لم تكن إسلامية ـ مسيحية فحسب، بل دارت أيضا بين المسلمين بعضهم ضد بعض، كذلك بين المسيحين ضد المسيحيين وقطّعت أوصال المناطق اللبنانية وقسّمت اللبنانيين وحوّلتهم من أخوة في الوطن إلى أعداء يتناحرون في ما بينهم.

ويُمكن إيجاز هذه الأسباب في وجود عوامل اقتصادية اجتماعية طبقية ناتجة عن انتشار الفقر والعوز، إلى جانب العوامل السياسية والطائفية جسّدها انقسام بين مطالب المسلمين والمسيحيين، وعوامل خارجية محورها قضية المقاومة الفلسطينية والكفاح المسلّح وخطر التوطين.

"بعضهم لم يتعلم"

وتعليقاً على تلك الذكرى الكابوس، رأى الاستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور عصام خليفة في حديث لـ"العربية.نت" "أن بعض اللبنانيين تعلّموا من هذه الذكرى الأليمة، إلا أن البعض الآخر وللأسف مستعد لتكرارها، بدليل أنهم يتهيّئون للدخول في دورة عنف جديدة".

وشدد على "أهمية وضع مناهج تربوية جديدة تؤرّخ ما حصل بطريقة علمية كي تأخذ الأجيال العبرة مما حصل فلا تُكرر المآسي".

كما دعا إلى "ضرورة تنمية مفهوم المواطنة من أجل تخطّي الانقسامات المذهبية".

الابتعاد عن سياسة الأحلاف والمحاور

إلى ذلك، تحدّث خليفة عن وسائل عدة على اللبنانيين اعتمادها كي لا يُعيدوا تجربة 13 أبريل 1975، أوّلها أهمية الحوار، ثم الابتعاد عن سياسة المحاور والأحلاف الإقليمية والدولية التي كانت من الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب، ووضع مصلحة لبنان فوق كل المصالح".

ولفت إلى "ضرورة قيام دولة القانون والمؤسسات التي تحمي حقوق المواطنين والجماعات".

حرب من نوع آخر

كما اعتبر "أن الحرب الاقتصادية وجه آخر من العنف وهي أكثر قساوةً ومرارة، قائلاً: "برأيي أن الجوع سيكون عنوان المرحلة الآتية على اللبنانيين، وهي من أقسى الحروب وأشدّها".

ونبّه إلى "أن الدول الخارجية التي تلعب على حبل التناقضات اللبنانية الداخلية قد تجد من الثروة النفطية التي يستعد لبنان لاستخراجها من البحر، وسيلة لإشعال شرارة الحرب مجدداً من أجل تأمين مصالحها".

وبالتزامن مع انطلاق الحرب على الفساد الذي ينخر جسم الدولة اللبنانية ومؤسساتها، دعا خليفة إلى "وقف مزاريب الهدر وشدّ الأحزمة للسير في سياسة تقشّفية لا تمس بحقوق اللبنانيين، خاصة ذوي المداخيل المحدودة".

وتحوّل شهر نيسان من كل عام إلى محطة للاحتفال بالذكرى، حيث تقام احتفالات في العاصمة بيروت تحت شعار "تنذكر وما تنعاد".

محارب قديم.. واستعداد لتكرارها!

من جهته، يتحدّث جورج باعتزاز وفخر، عن تلك المرحلة التي دافعنا بها عن وطننا وأرضنا، لكن عند وصفه "بالمقاتل" ينتفض رافضاً استخدام هذا التعبير وإنما المدافع، لأن برأيه غرباء تلك المرحلة (في إشارة إلى مقاتلين فلسطينيين) فرضوا علينا حرباً لم نكن نريدها"، وقال "لبنان في تلك المرحلة كان أشبه بمبنى يحرسه حارس أمين (الجيش اللبناني)، لكن هذا الحارس تلكأ عن القيام بمهامه في حماية المبنى لأسباب داخلية وخارجية، فتحرّكنا للدفاع عن أنفسنا إلى أن استعاد الحارس دوره بعد انتهاء الحرب".

واعتبر جورج "أن الفلسطينيين لعبوا دوراً رئيسياً في تأجيج حرب العام 1975، لأنهم كانوا يريدون لبنان وطناً بديلاً لهم،" وجزم "بأنه مستعد للدفاع مرّة ثانية عن وطنه وأرضه ومجتمعه إذا تقاعس الحارس مجدداً عن القيام بدور، فالشعب الذي لديه كرامة يهبّ للدفاع عن نفسه".

وعمّا إذا كان يتخوّف من تكرار تجربة العام 1975، استبعد ذلك، لأنه لدينا اليوم حدّ أدنى من الجيش، وكلنا اليوم وراء هذا الجيش لدعمه وتقوية قدراته من أجل بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية ومنع أي تسلل إليها قد يُعيدنا لا سمح الله إلى تلك المآساة". وشدد على "أن لا بديل عن الجيش، فهو حامي الأرض والشعب".

ولم يوافق جورج الذي تنقّل على الجبهات بين مناطق لبنانية عدّة، قول عصام خليفة أن الجوع سيكون عنوان المرحلة الاتية على اللبنانيين، وهي من أقسى الحروب وأشدّها"، فبرأيه "الجوع لن يُشعل حرباً جديدة وإنما قد يُطلق "ثورة جياع" وتولّد فوضى، مجدداً التأكيد على "ضرورة أن يقوم الجيش اللبناني بدوره على أكمل وجه لمنع تجربة الحرب".