+A
A-

مثقّفون يشيدون بمشروع "كلمة" للترجمة ودوره في إثراء المشهد الثقافي العربي

أكّد كتّاب ومثقفون أن مشروع "كلمة" للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي، يمثّل مبادرة رائدة في عالم الثقافة والنشر في العالم العربي، مشيدين بالدور الكبير الذي قام به المشروع منذ انطلاقه في إثراء المشهد الثقافي، وتكريس الدور الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، والعاصمة أبوظبي خصوصاً كمركز عالمي للثقافة والمعرفة والفنون في المنطقة، وتحقيق التواصل والتفاعل بين الثقافات من مختلف أنحاء العالم. كما أعربوا، بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لإطلاق المشروع، عن أمنياتهم له بتحقيق المزيد من النجاح والتميّز، ومواكبة ما تشهده سوق النشر من تطورات سريعة.

تجلٍ مهم

وقال الشاعر والكاتب الإماراتي حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب: "يمثّل مشروع "كلمة" تجليّاً مهمّاً من تجليات المؤسّسة الثقافية عندما تشتغل على الأرض، أعني أنّ دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي، لا يمكن أنّ تشتغل على الأرض إلا عبر مؤسسات وأذرعة، و"كلمة" كانت إنموذجاً مبكّراً لهذا المسعى". مضيفاً: "لا شك أن المشروع يمثل فكرة جدية وطموحة، لكن في المقابل أتمنى أن نتجه إلى ترجمة إبداعنا الخاص إلى اللغات الأخرى، وآمل أن يتم إطلاق مشروع لترجمة أعمال من أدبنا المحلي في المرحلة المقبلة لإيجاد نوع من التوازن بين الترجمة والترجمة العكسية. ولا يفوتني هنا تحية جهود القائمين على مشروع "كلمة" من البداية، وتأكيد ثقتي أن الإدارة الحالية قادرة ليس على تكملة المسيرة فقط وإنما على تحقيق إضافة نوعية كذلك".

من جانبه أشار الدكتور ديفيد هيرش المستشار في مكتبة محمد بن راشد إلى أن "كلمة" من أنجح مشاريع الترجمة في العالم العربي، لما يتميز به من اختيار متميز للعناوين المُترجمة، وتنوع هذه العناوين لتخاطب فئات مختلفة سواء من الكبار أو الصغار، وتنوع موضوعاتها لتشمل مجالات الأدب والعلوم وغيرها من مجالات الإنتاج الفكري. معرباً عن اعتزازه بإنتاج المشروع الذي وصل لما يقرب من ألف عنوان، وهي من الأعمال التي يجب أن تتواجد في كل مكتبة في العالم العربي سواء مكتبة شخصية أو عامة أو أكاديمية.

وبدوره، أكد الدكتور علاء عبد الهادي رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، على ما يتميز به المشروع من دقة عالية في اختيار الأعمال المترجمة سواء على المستوى التاريخي أو الفكري أو الثقافي، فضلاً عن تفرد صناعة الكتب الصادرة عن "كلمة" بمجموعة من المميزات منها فخامة الطباعة ودقّة اختيار المترجم في التخصص الذي يترجم منه.

مساهمة بارزة

وقال الكاتب والشاعر سعيد الصقلاوي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء: "إذا أردنا أن نتكلم عن مشروع "كلمة" نجد أنه يأتي تكملة للمشاريع الثقافية البارزة التي انطلقت في منطقة الخليج، ومن خلال اشتغاله على ترجمة الكتب الأجنبية إلى اللغة العربية، وجسّر الفجوة الثقافية فيما يتعلق بالترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية، وقدم لنا العديد من المراجع والمصادر والكتب التي تناولت شتى مناحي الحضارة الإنسانية، وهي تمثل مساهمة كبيرة في الثقافة العربية والإنسانية، وبشكل شخصي اقتني عدداً كبيراً منها".

ودعا الصقلاوي الدول العربية أن يكون لها مشاريع مشابهة ومكملة لهذا المشروع، لترجمة الثقافة العالمية إلى اللغة العربية لإثراء التطور العلمي والثقافي والحضاري العربي، مشيراً إلى أن مشاريع الترجمة التي بدأت في عهد الخليفة المأمون في الدولة العباسية قد أتت بالتطور للحضارة العربية، وفي العصر الحالي؛ تحرص الدول المعاصرة مثل الصين وألمانيا وكوريا وروسيا واليابان على ترجمة الكتب والمراجع من مختلف لغات العالم إلى لغاتها الخاصة.

وختم حديثه بتوجيه تحية لـ"كلمة" والمشاريع المشابهة والإصدارات الثقافية التي تسعى إلى نقل الحضارة والتثاقف بين الشعوب والأمم وما يُسمى بتفاعل الحضارات وليس صراع الحضارات.

وعبرت الشاعرة الدكتورة نورة المليفي المتخصصة في علم اللغات بجامعة الكويت عن سعادتها بمشروع "كلمة"، والذي يُعد أول مشروع من نوعه في الخليج العربي. وأضافت: "نحن بحاجة إلى العلم وبحاجة إلى الترجمة؛ ولذلك يساهم ما يقوم به المشروع من ترجمة الكتب العالمية إلى اللغة العربية في الاستفادة بما تتضمنه هذه الكتب في جميع المجالات العلمية. أيضاً أتمنى أن نتمكن نحن من ترجمة كتبنا إلى الآخر ليتم التبادل العلمي والثقافي، وأن يبذل القائمون على مشاريع الترجمة جهدهم في سبيل تحقيق الترجمة الناجحة الفعلية التي تخدم البلدان العربية بأكملها، خاصة وأن الترجمة ليست بغريبة على أوطاننا وعلى ثقافتنا العربية؛ ففي عصر هارون الرشيد قام بتشجيع المترجمين وكان يُمنح كل مترجم وزن ما يترجمه من الكتب ذهباً".

تقارب الحضارات

وأشاد الكاتب السعودي إبراهيم الحقيل بالتنوع الذي تتسم به ترجمات مشروع "كلمة"، حيث يقوم على ترجمة مختارات من كتب الثقافات العالمية المختلفة ولا يعتني بفن واحد من فنون المعرفة بل يشمل جميع هذه الفنون، كما يشمل أقطاراً مختلفة من الكرة الأرضية، من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها. وأضاف: "يقوم هذا المشروع الذي يُعد من المشروعات الرائدة في عالم الثقافة العربية، بالعمل على تقارب الحضارات الإنسانية، كما يساعد المثقفين على معرفة بعضهم البعض من خلال الاطلاع على ثقافاتهم المختلفة، والمطلع على المشروع يعجبه دقة الترجمة وحسن الانتقاء والحرص على الإخراج، ولذا يعتبر من المشاريع التي لا يستغني الباحث عنها لأنها تمده بالمعارف التي لا يجب أن ينقطع عنها، سواء المعارف الغربية أو الشرقية القديمة والمعاصرة، ولذلك يحق لنا أن نصف "كلمة" بأنه من المشاريع التي تُكتب بماء الذهب، ولا يفوتنا أن نشكر جميع القائمين عليه لما يبذلونه من جهود مخلصة في سبيل دفع هذا المشروع اليقظ لتقديم ما يزيد عن الألف إصدار، وأدعو لهم بالتوفيق والإعانة، كما أحثّ المثقفين على التزود بهذا الزاد- زاد "كلمة".

ترجمة مدروسة

وقال الكاتب الدكتور محمد المهري من سلطنة عمان: "شُرّفت بمعرفة "كلمة" منذ ما يقرب من 6 سنوات، وكان ذلك خلال زيارة مقر المشروع بأبوظبي، والتعرف على نتاجه العظيم الذي نفخر به كخليجيين وعرب، وبطبيعية الحال أحرص على اقتناء كتب المشروع وهو ما يعود إلى اهتمامي الأدبي، وبشكل عام كمواطن عربي خليجي افتخر بالمشروع الذي نقل الخليج والعرب من عملية ترجمة عشوائية إلى ترجمة مدروسة طالت معظم صنوف العلم والتخصصات. ويعد سابقة لأبوظبي والإمارات اهتمامها بهذا الجانب الذي أغفله كثير من العرب. ونتمنى للمشروع أن يستمر ويُوسع قاعدة عمله من حيث اللغات وصنوف العلم والتواجد في مختلف المعارف، والتطور والتقدم بما يواكب الجديد دائماً، ولا أنسى شكر القائمين على المشروع في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي لما أعطوا من جهد ومال ووقت لإخراجه بهذا الشكل المشرّف لجميع العرب".

وقال الشاعر والباحث العراقي الدكتور شاكر لعيبي: "مشروع "كلمة" في تقديري من أهم المشاريع في الثقافة العربية لسبب رئيس أنه لا يقبل ترجمة إلا من لغتها الأصلية، وهو أمر ممتدح إلى أبعد الحدود، وقد أصدر تحت هذا الشرط عدداً كبيراً من الكتب وصل للألف كتاب في مختلف فروع المعرفة التي تتنوع بين الأدب والثقافة والسياسة والجغرافية، وبالتالي تمثل هذه الإصدارات إضافة معرفية كبيرة للمكتبة العربية بطباعة راقية وتدقيق لغوي وإخراج جديد، وكذلك يحرص المشروع على التوزيع الجيد للكتاب وتوفيره بسعر مناسب، وهي عناصر تمنح المشروع قامة كبيرة، وتجعله من المشاريع الأساسية في الثقافة العربية".

وشدد الكاتب محمود ضمور رئيس رابطة الكتاب الأردنيين على حاجة الدول العربية لمشاريع الترجمة الرائدة مثل مشروع "كلمة" لترجمة الآداب والعلوم ونقل الثقافة الغربية إلى المنطقة العربية، وأضاف: "نحن في أمس الحاجة إلى المشاريع الرائدة التي تعزّز الصلات الثقافية بالعالم الغربي وبكل أنواع الثقافات، ونحن كذلك في حاجة لأن يفهمنا العالم وأن نترجم كتبنا ومؤلفاتنا وثقافاتنا للغرب. وفي نفس الوقت علينا أن نختار من الثقافات الأخرى المفيد في كل المجالات للاستفادة منه، ونتمنى أن تحذو كثير من الدول العربية ومؤسساتها الثقافية حذو دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي ومشروع "كلمة".

من ناحيتها؛ لفتت الشاعر الإماراتية نجاة الظاهري إلى أهمية "كلمة" في هذ الفترة الزمنية في الإمارات خاصة في "عام التسامح"، وقالت: "هذا المشروع يخدم فكرة التسامح وتقبل الآخر والتعايش معه من خلال معرفة ثقافته وفكره وأدبه، ونتمنى أن يتطور إلى لغات مهمشة في العالم وترجمة أدبنا للغات الأخرى".