العدد 3850
الثلاثاء 30 أبريل 2019
banner
تحرير‭ ‬الفاو‭ ‬وثأر‭ ‬إيران‭ ‬المؤجل‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ (‬1‭)‬
الثلاثاء 30 أبريل 2019

استذكر العراقيون قبل أيام الذكرى الـ31 لتحرير مدينة الفاو من الاحتلال الإيراني لأراضيها، والذي دام لعامين خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، ففي الساعات الأولى لفجر يوم 17 أبريل من عام 1988، شنّت القوات العراقية هجوماً كاسحاً، حققت بموجبه تقدماً سريعاً وتفوقا ميدانياً أدى إلى استعادة الفاو، وهو ما ساهم في الإخلال بالتوازن الاستراتيجي للقوات الإيرانية على طول الجبهة، اضطرت القيادة الإيرانية بموجبه فيما بعد إلى القبول بوقف إطلاق النار.

يومها تجَرّع الخميني أول وأقوى جرعات السم الذي أجبره صاغراً على وقف الحرب بعد أشهر من نفس العام، ويومها تلقى مشروع تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية الظلامية ضربة قاصمة لن تنساهـا إيران، إلا إذا سقطت الدولة الظلامية، أو إذا انتقمت لذلك اليوم بتدمير العـراق وإسقاطه من الخريطة وتحويله إلى ولاية تابعة لهـا، وما يحدث اليوم في العراق، في جزء منه، هو انتقام وثأر لتلك الأيام والأحداث، وفي جزئه الآخر تحصيل حاصل لمحاولة إعادة أمجاد امبراطورية بائدة أكل عليها الدهر وشرب بعناوين دينية وطائفية.

لا يختلف اثنان على أن النصر في معركة تحرير الفاو تحقق أولاً بسَواعد ودِماء وهِمّة وتضحيات العراقيين، جميع العراقيين، فقد سالت على أرضها واختلطت دماء عباس وهيوا ومروان وحنا، يوم كانوا يتشاركون جميعا سواتر جبهات القتال وخنادقها، يجمعهم هدف وطني واحد، ولا تفرقهم الانتماءات الفرعية المختلفة، لكن ما كان لهذا النصر أن يتحقق لو لم تقف خلفه إرادة دولية، عربية وغربية، كانت تريد للحرب أن تنتهي، ولو لم يحظ العراق يومها بدعم حلفائه من الدول الشقيقة والصديقة. فقد تسربت حينها أخبار، لم يؤكدها كما لم ينفها أحد بأن الولايات المتحدة الأميركية قد زودت العراق، بشكل مباشر أو عبر وسيط، بصور أقمار صناعية توضح مواقع تمركز القوات الإيرانية، هذا بالإضافة إلى ما ذكر عن دور المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع المصري آنذاك، الذي عرف بخبرته العسكرية الواسعة، في تزويد القيادة العراقية التي كانت تربطه بها علاقة خاصة بالمعلومات اللوجستية وتقديم المشورة لها حول الخطط والتوقيتات المتعلقة بالعملية.

يقول المثل “ليس هناك دخان من دون نار” لذا حتى لو لم تصح كل هذه الأخبار، إلا أنه في نفس الوقت لا يمكن أن تكون جميعها غير صحيحة، وإن صحت فهي بكل الأحوال ليست عيباً ولا سُبّة، بل على العكس، إذ ما كان للحلفاء مثلاً أن ينتصروا في الحرب العالمية الثانية لو لم يتعاونوا مع بعضهم ويتشاركوا المعلومات، وقد تجَسّدهذا الأمر مثلاً بصورة جلية في عملية نبتون التي قامت بها قوات أميركية وكندية وبريطانية لتحرير شواطئ النورماندي الفرنسية ومجمل الأراضي الأوروبية من الاحتلال النازي. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية