+A
A-

الصيف على الأبواب: لا لهلع الأمراض الجلدية

يقول مثل شعبي "لو الصيف الو إم.. بتبكي عليه!". ولعلّ معظم اللبنانيين يرددونه متى أفرج هذا الفصل عن يديه موّدعاً، هم الذين ينتظرون حلوله للقيام بمشاريع ترفيهية تنشلهم من روتين الأيام وضجرها ومتاعبها، وطبعاً يكون ارتياد الشاطىء والتمتع بالشمس، على رأس القائمة. لكن، بحر لبنان ملوّث. هذه حقيقة مرّة توجع قلوب سكّان هذا البلد المتكئ على "المتوسط" وتقلقهم لا سيّما في ظلّ موجة الأخبار والإشاعات التي تتحدث عن الإصابة بأمراض جلدية جرّاء السباحة في هذه المياه. العام الماضي، سيطر الخوف على المواطنين بسبب ما تمّ تداوله من صور لأشخاص مصابين بأضرار جلدية ورُبط هذا الأمر بارتياد الشاطئ الملوّث. فأين الحقيقة؟ وماذا عن كلّ ما يرتبط بالاستعداد لفصل الصيف من ناحية الجلد والحفاظ على بشرة صحيّة؟ وهل حقاً من أشخاص محرومين من ترف البحر، أو بالتحديد، من "نعمة" الشمس؟!

بحسب طبيب الأمراض الجلدية والتجميلية مارتان مرعي، "فإن الحديث عن الإصابة بأمراض جلدية من جرّاء السباحة في البحر الملوّث، أمرٌ مبالغ به"، يقول في حديث لـ "لبنان24" إن التلوّث قد يتسبب بأمراض داخلية في الجسم، لكن بالنسبة إلى الجلد فالأضرار تتمثل بظهور الثآليل (التواليل) (هي عدوى فيروسية) بخاصة عند الأشخاص الذين يسيرون حفاة القدمين، والفطريات.

ويوضح أنّ هذه المشاكل الجلدية سببها المياه، وليس الشمس طبعاً، لكن هذا لا يعني أنها بريئة كلياً، فهي أيضاً قد تضرّ بالجلد، والأضرار ممكن أن تكون خطيرة.
وقبل الغوص في سلبيات التعرّض للشمس، يروق لدكتور مرعي التطرّق إلى منافعها وفوائدها، فهي تمدّ الجسم بفيتامين د الذي يحمي من الالتهابات ويخفف من ضغط الدم ويقوي العضلات ويحسّن من أداء الدماغ، وقد يحمي من الأمراض السرطانية".

علاوة على ذلك، فإن الشمس هي بمثابة دواء ينصح به الأطباء والاختصاصيون لعلاج بعض الأمراض الجلدية مثل الصدفية والبهاق والإكزيما، بحسب د. مرعي.

احذروا سرطان الجلد

وكما سبق وذكر، فإنّ هذا الكوكب المشعّ ليس صديقاً وفياً في كلّ الأوقات، ولا يمكن أن يكون ضيفاً دائماً في حياة الفرد. في الحقيقة، لم يعد خافياً على أحد أن التعرّض لأشعة الشمس بكثرة دونه مخاطر وأضرار متنوّعة. يشرح مرعي أنّ الخطر الأهم يتمثل بالإصابة بسرطان الجلد، علماً أنّ ثمة أشخاصاً أكثر عرضة من غيرهم، ومنهم الذين يملكون الكثير من الشامات (الوحمات) على أجسادهم، وذوو البشرة الفاتحة. الحروق بمختلف درجاتها هي أيضاً قد تنجم من الشمس، وهذا ما يتطلب علاجاً وتدخلاً طبياً.

ومن المعروف أنّ الشمس تُفقد الجلد ليونته وبالتالي تؤدي إلى شيخوخة مبكرة. ويلفت د. مرعي أيضاً إلى أنّ للشمس تأثيراً سلبياً محتملاً على "الفيلر"، لكن ليس على "البوتوكس" بالمقدار نفسه.

وكذلك ضربة الشمس

وخارج إطار الأذى التي قد يتعرّض له الجلد تحديداً بسبب أشعة الشمس، فثمة أيضاً مخاطر صحية أخرى يمكن أن تظهر، مثل جفاف الجسم وما يسمّى بـ "ضربة الشمس" والإصابة بفيروسات ومنها السحايا.

وعلى حدّ ما يقال، فإن الوقاية أفضل من قنطار علاج. لذلك يدعو الطبيب إلى التقيّد بالإرشادات التي باتت معروفة وعلى رأسها استخدام الكريمات الواقية من الشمس على ألا تكون تحت 50%. ويشدد على ضرورة إعادة وضع تلك الكريمات كلّ ساعتين لأن مفعولها يزول حتى لو كانت مقاومة للمياه، مع الإشارة إلى أن للحوامل كريمات الوقاية الخاصة بها، وللأطفال أيضاً.

ومن المهم، بحسب مرعي، الإكثار من شرب المياه، ووضع نظارات شمسية وقبعة مبللة على الرأس، ويفضّل الجلوس تحت مظلة شمسية، علماً أن الأطفال معرضون أكثر للتضرر من أشعة الشمس لذلك يجب عدم الاستلشاق.

الأهم بحسب الطبيب هو أن يتمّ التعرّض للشمس بشكل تدريجي تفادياً للحروق والمضاعفات الأخرى.

ويتحدث مرعي عن بعض الأدوية والمكملات الغذائية التي تحتوي على عناصر وفيتامينات من شأنها حماية الجسم من الشمس والحؤول دون تعرّضه للحروق، لكنه ينصح بعدم تناولها من دون استشارة الطبيب.

وعمّا إذا كان استعمال الزيوت التي تساعد على تسمير البشرة يضرّ بالجلد، يقول د. مرعي إنه يتخوّف من أن يؤدي ذلك إلى حروق حتى لو كانت الزيوت طبيعية.

نصائح ضرورية

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الشمس متهمة بتطوير أمراض جلدية معنية (عدا عن السرطان)، يوضح مرعي أنها حتماً تفاقم عدداً من الأمراض والمشاكل الجلدية. للأسف، ثمة أشخاصٌ محكوم عليهم بمعاداة الأشعة الشمسية، أو في أفضل الأحوال الحذر منها، حتى لو كانوا من عشاقها!

يقول:"على الأشخاص الذين يخضعون إلى علاجات ضدّ بعض الأمراض الجلدية تجنّب الشمس قدر المستطاع، فمن ناحية قد تفاقم الأشعة المرض الجلدي نفسه، ومن ناحية أخرى تتفاعل الكريمات والعلاجات معها بطريقة سلبية وتقوم بردود فعل عكسية".

مثلاً، على النساء اللواتي يتعالجن ضدّ الكلف أو اللواتي يستخدمن الليزر لإزالة الشعر أو لأي هدف آخر، تجنّب الشمس. ثمة أمراض أخرى تفاقمها الشمس، ومنها على سبيل الذكر: الوردية (rosacea )، الذئبة (lupus)، علماً أنّ الشمس قد تؤدي إلى ظهور ما يُعرف بـ "سرطان الخلايا القاعدية" (Basal-cell carcinoma) وتتمثل أعراضه بظهور بقع حمراء وتزداد سماكة الجلد وتظهر الندوب.

ويلفت مرعي أيضاً إلى العلاجات التي يُفضّل تجنب الشمس لدى اتباعها وتشمل استهلاك دواء ال roaccutane و doxycycline على سبيل المثال.

ويختم مرعي بالإشارة إلى ضرورة التعامل مع الشمس بشكل ذكيّ ومدروس بغية الإفادة منها وتجنب مخاطرها، موضحاً أنّ "الجسم يقوم يتخزين الأشعة عاماً بعد عام، ولكل فرد طاقة استيعاب مختلفة عن الآخر تبعاً لعدد من العوامل البيولوجية ونوع البشرة ولونها، وعندما يصبح هذا المخزون فائضاً يتمظهر ذلك من خلال بقع بيضاء على الساقين، ولا يمكن التخلّص منها رغم أنها غير مؤذية".

إنها إشارة، ولو متأخرة، على أنّ الفرد قد استهلك الكثير من الشمس وبات عليه توخي الحذر. لذلك، فإن القاعدة الذهبية تتمثل بالوقاية منذ مراحل عمرية مبكرة كي لا تصبح في يوم ما من المحرّمات أو من المحاذير!