العدد 3854
السبت 04 مايو 2019
banner
التنمية المستدامة أم النمو الاقتصادي؟
السبت 04 مايو 2019

في تصريح ملفت للغاية أدلى به منذ أيام الدكتور محمود محيي الدين، النائب الأول ‏لرئيس البنك الدولي قال خلاله إن الأهم من تحقيق معدلات النمو في الدول العربية ‏تحقيق أهداف التنمية المستدامة! التصريح لفت انتباهي بشدة لدرجة أنني تابعت ‏بشغف قراءة باقي الخبر الذي يدلل بقوة على موالاة هذه الجهات الدولية الاهتمام الجل ‏بهذا الأمر، أو هذا المصطلح “التنمية المستدامة”، لدرجة تفضيله على النمو الاقتصادي ‏للدول والذي نعتبره معيار التقدم حاليا بين الأمم من النواحي الاقتصادية.‏

في باقي الخبر يشرح الدكتور محيي الدين في نقاط مختصرة ما يجب على الدول ‏العربية اتخاذه من إجراءات متتابعة ومتوازية، تشمل 3 محاور وهي اتباع سياسات ‏لدفع حركة النمو وزيادة التشغيل‎، زيادة الإنفاق الاستثماري في مجال التعليم، الرعاية ‏الصحية، ورقمنة الاقتصاد، وأخيرا توطين التنمية، وهذا يحتاج إلى بنية أساسية ‏ضخمة على مستوى القرى والمراكز، وعلى صعيد المحافظات‎.‎

‏السؤال الذي دار بذهني وربما دار بذهن القراء الكرام الآن، لماذا ذكر الرجل وهو ‏على هذا القدر من العلم والمسؤولية وسبق له أن تولى مناصب وزارية اقتصادية ‏واستثمارية في بلاده، وقال إن التنمية المستدامة أهم من النمو الاقتصادي؟ باختصار شديد لأن التنمية المستدامة كما عرفتها الأمم المتحدة “خطة لتحقيق ‏مستقبل أفضل وأكثر أمنا ورخاء للجميع، وتتصدى من خلال أهداف مرصودة ‏للتحديات العالمية ‏التي نواجهها، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالفقر وعدم المساواة ‏والمناخ وتدهور البيئة ‏والازدهار والسلام والعدالة... وغيرها”.‏

لذا فإن الرجل بما لديه من خبرة يدرك جيدا أن التنمية المستدامة لنا ولأجيال ‏مديدة بعدنا، ولكن النمو لنا فقط، لذا فالعالم بات أبعد نظرا في أولوياته بتأمين المستقبل ‏قبل الحاضر، والحياة لأحفادنا من قبلنا، وهذا لا ينفي إهمال الحاضر في واقع الأمر، ‏لأنه لا مستقبل بلا حاضر جيد.‏

البنك الدولي في تقرير منذ أيام أيضا قال إن الدول العربية تحتاج نحو 230 مليار ‏دولار استثمارات سنويا لتحقيق الاستدامة في التنمية الاقتصادية‎، وهو رقم كبير طبعا ‏يحتاج إبداعا في الخطط واستغلال الموارد للوصول إليه، الدول العربية توفر من هذه ‏الاستثمارات نحو 130 مليار دولار ما يعني وجود عجز في ‏الاستثمارات المطلوبة ‏بقيمة 100 مليار دولار، ‏وأعطى البنك على لسان نائب الرئيس الأول “وصفة سريعة” ‏تشمل المزيد من الاهتمام بجذب الاستثمارات المباشرة، مراعاة العدالة في توزيع ‏الدخول.

كما نصح بأهمية رقمنة الاقتصادات العربية والاعتماد على التكنولوجيا وقواعد البيانات ‏والشبكات ‏والذكاء الاصطناعي وتوطين التنمية، وأخيرا حل مشكلة البطالة‎.‎

في حقيقة الأمر لتحقيق التنمية المستدامة على المستوى العربي فإن الأمر يتطلب وعيا ‏وجهدا، والوعي أن يتحدث الإعلام والناس عن هذا المصطلح وأولوياته وأهدافه ‏ومبتغاه، وهو ما نحاول من خلال هذا الجهد البسيط إلقاء الضوء عليه.

“التنمية المستدامة لنا ولأجيال ‏مديدة بعدنا، لذا بات العالم أبعد نظرا في أولوياته بتأمين المستقبل ‏قبل الحاضر”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية