العدد 3855
الأحد 05 مايو 2019
banner
محطات‭ ‬في‭ ‬مسيرتنا‭ ‬الوطنية
الأحد 05 مايو 2019

شهدت الساحة الوطنية خلال الأيام القليلة الماضية جملة من المبادرات والتطورات التي برزت عناوين مضيئة في مسيرتنا التنموية وعلى طريق التطور والازدهار تحت قيادتنا الرشيدة، التي تسعى دائمًا إلى ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار وقواعد العدالة ودولة القانون في البلاد، وإلى تعزيز أواصر اللحمة الوطنية ووحدة الصف وتحقيق حياة كريمة للمواطنين، في إطار “الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة والتسامح والتعايش بين أفراد المجتمع”.

على رأس هذه العناوين جاء الأمر الملكي السامي الذي أصدره صاحب الجلالة الملك المفدى بتثبيت جنسية 551 محكومًا صدرت بحقهم أحكام بإسقاط الجنسية، والذي سبقه التوجيه الملكي السامي للتطبيق الفعال لأحكام قانون العقوبات البديلة؛ ليؤكد أن جلالة الملك سيبقى الوالد الحنون والعين الساهرة على التطبيق الدقيق والمنصف للعدالة في ظلال العفو والصفح والتسامح، وإفساح المجال للمخطئ والمسيء للعودة إلى جادة الصواب وإلى حضن وطن يعبق بدفء الحب والحلم والحكمة والروية، وتمكينه من المساهمة في بناء مستقبل بلاده والإحساس بقيم الانتماء الوطني.

إن هذه المبادرات السامية من جلالة الملك حفظه الله جاءت لتؤكد أيضًا أن روح العدالة المجتمعية والقيم الإنسانية ستبقى راسخة في وجدان هذا الوطن قيادة وشعبًا. وقد كانت ردود الفعل تجاه هذه المبادرات النبيلة على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية أكثر من إيجابية وداعمة، مشيدة، في الوقت نفسه ومثمنة لعمق أبعادها ومعانيها.

ولكن، وهل كانت مجرد صدفة؟ إذ بعد أيام قليلة معدودات من هذه المبادرات المباركة ارتفع من بين أكوام الظلمة صوت نشاز يهدف إلى افتعال أزمة عندما أصدر مقتدى الصدر، وهو لابس عمامته السوداء ومتلحفًا بعباءته الدينية، بيانًا فيه إقحام وزج مقصودين وغير مبررين باسم البحرين وقيادتها وفيه تطاول وإساءة وتدخل سافر في شؤوننا الداخلية في خرق واضح لمعايير العلاقات الدولية وقواعد حسن الجوار.

إنني لا أميل إلى الرأي الذي يقول إن مقتدى الصدر شخص تافه جاهل أحمق متهور، بل على العكس من ذلك، إنني أرى إنه شخص يفهم ويعرف ما يريد، ويخطط لما يريد، وهو من الأشخاص الذين لا يستطيعون العيش والبقاء والتحليق إلا في أجواء الأزمات والتوتر والفتن، وفي رأي فإنه أراد من تصريحه تحقيق هدفين، الأول أنه وجد نفسه في الآونة الأخيرة، في عزلة تامة وتهميش وتعتيم في خضم الحراك القائم الآن بين دول الخليج العربية ممثلة في الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية والعراق الشقيق؛ بهدف مد الجسور وتنقية العلاقات ومساعدة الشعب العراقي على تخطي الصعاب والاختناقات التي يواجهها، مقتدى الصدر وجد نفسه خارج الملعب وهو لذلك، وبهذه الشطحات، يبحث عن دور ووسيلة للوقوف على خشبة المسرح، حتى وإن كانت تلك الوسيلة محاولة تقويض هذه المساعي وتخريب وإجهاض أية جهود تبذل للتقارب بين الدول العربية والعراق من دون أن يكون هو المستفيد الأول.

الهدف الثاني هو تعكير صفو الأجواء في البحرين ومحاولة شق الصف والإخلال بسلامة النسيج الاجتماعي وتقويض الأمن والاستقرار وبث الفرقة وقرع طبول الفتن الطائفية فيها.

إلا أن رد فعل المجتمع البحريني في وجه ذلك التجني وتلك المحاولات كانت معاكسة لما أراده وابتغاه مقتدى الصدر، وانطلقت من قاعدة الهرم الاجتماعي إلى قمته، فقد هبت مختلف الفعاليات الشعبية والبرلمانية والرسمية وتحرك المجتمع بكل قواه ومكوناته وأطيافه في تسابق ملحوظ للتنديد والشجب والاستنكار والاحتجاج، رافضًا محاولات التدخل في شؤوننا الداخلية مؤكدًا سلامة ومتانة النسيج الاجتماعي وعمق قيم الإخاء والترابط والتلاحم، والحرص على استتباب الأمن والاستقرار والالتفاف حول القيادة للحفاظ على سلامة الوطن ووحدة الصف.

وقبل بضعة أسابيع انتقلت إلى رحمة الله العزيز القدير وإلى جوار ربها المغفور لها بإذن الله تعالى شقيقة رئيس الوزراء الموقر صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله، وكان من بين أبرز المواسين والمعزين سماحة السيد عبدالله الغريفي، تلك الخطوة التي كان لها أطيب الأثر في نفوس الجميع. وكعادة سموه فقد بادر برد الزيارة وقام في الأسبوع الماضي بزيارة مجلس سماحة السيد عبدالله الغريفي للتعبير عن شكره وتقديره.

وجاءت تلك الزيارة موفقة من حيث التوقيت، إذ تزامنت مع الزوبعة التي أثارها مقتدى الصدر فكانت كالرد الملجم على محاولات شق الصف. وقد انتهز سموه هذه المناسبة ليعلن بأعلى صوته بأن المجتمع البحريني سيبقى عصي على الفرقة والانقسام، وأن البحرين بقيادة جلالة الملك وطن للجميع في إطار مبادئ المساواة والمواطنة والوحدة الوطنية، مؤكدًا سموه ما يجمع أبناء شعب البحرين من روح الأخوة والتماسك والوحدة.

وعند محطة أخرى على طريق مسيرتنا الوطنية والتنموية، وهي محطة لا تقل وزنًا أو أهمية عن المحطات التي ذكرناها، وتأتي في إطار الحفاظ على الأمن والاستقرار وتوفير المزيد من المتطلبات الأساس اللازمة لحياة كريمة للمواطن، فقد أمر صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر بمضاعفة قيمة المساعدات الاجتماعية التي تصرف لمستحقي الضمان الاجتماعي ومستحقي مخصصات الإعاقة، ضمن جهود الدولة الهادفة إلى تخفيف الأعباء المعيشة على الأسر محدودة الدخل وعدم تحميلها أعباء إضافية، هذه المحطة تستحق وقفة متأنية لإعطائها حقها من البحث والتمحيص.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .