+A
A-

دير الزور.. كيف تواجه القوات الكردية أخطر تحدٍّ لها؟

قال شهود وأفراد من العشائر إن السكان العرب في دير الزور السورية بدأوا أسبوعا ثالثا من الاحتجاجات ضد الحكم الكردي، في أكبر موجة من الاضطرابات التي تجتاح المنطقة الغنية بالنفط منذ أن انتزعت القوات المدعومة من الولايات المتحدة تلك الأراضي من تنظيم داعش قبل نحو 18 شهرا.

وامتدت الاحتجاجات التي اندلعت قبل أسابيع في العديد من البلدات والقرى من البصيرة إلى الشحيل، إلى المناطق الباقية التي توجد بها معظم حقول النفط في الجزء الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية من دير الزور شرقي نهر الفرات.

وتتزايد الاضطرابات في الشهور الأخيرة بين السكان العرب تحت حكم وحدات حماية الشعب الكردية في ظل شكواهم من نقص الخدمات الأساسية والتمييز ضدهم في الإدارات المحلية التي يديرها مسؤولون أكراد.

ووفقا لسكان وشخصيات من العشائر، فإن التجنيد القسري للشباب لحساب قوات سوريا الديمقراطية وكذلك مصير الآلاف من السجناء في سجون الأكراد من أهم نقاط الخلاف.

لا لسرقة النفط

وفي تصريحات للسكان، قال الشيخ عبد اللطيف عكيدات، وهو أحد شيوخ العشائر: "حكمهم القمعي جعل الكثير من الناس تنقلب ضدهم".

واتخذت الاحتجاجات منعطفا عنيفا عندما خرجت حشود غاضبة إلى الشوارع وعطلت طرق قوافل الشاحنات المحملة بالنفط من الحقول القريبة التي تعبر إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

وفي بعض القرى، أطلقت قوات سوريا الديمقراطية النار على المتظاهرين الغاضبين.

وردد المتظاهرون هتاف "لا لسرقة نفطنا!" في بلدة غرانيج، وهي جزء من معقل العشائر العربية السنية سيطرت عليه منذ أكثر من عام قوات سوريا الديمقراطية بقيادة وحدات حماية الشعب.

ولطالما كانت وحدات حماية الشعب تبيع النفط الخام إلى حكومة الأسد، التي تقيم معها علاقات اقتصادية وثيقة. كما تصدر القمح وسلع أخرى عبر عدة معابر بين أراضيهما.

وأثارت زيادة مبيعات النفط للتخفيف من أزمة الوقود التي تواجه دمشق غضب المتظاهرين العرب المحليين، الذين كتبوا على الكثير من اللافتات أن ثرواتهم تتعرض للنهب.

وقال عبد الله عيسى، أحد المتظاهرين من بلدة الطيانة: "نحن محرومون من كل شيء بينما يبيع الأكراد نفطنا لمساعدة النظام وإثراء أنفسهم".

أعلى حقول النفط إنتاجاً

يذكر أن أعلى الحقول إنتاجا في سوريا باتت الآن في أيدي الأكراد منذ أن سيطرت وحدات حماية الشعب على مساحات شاسعة من شمال شرق البلاد بعد انتزاع مدينة الرقة من تنظيم داعش في أواخر عام 2017.

فيما تسيطر حكومة الأسد على المناطق الواقعة غربي نهر الفرات والتي لا تتمتع بموارد نفطية تذكر.

ويقول دبلوماسيون إن واشنطن كثفت في الأسابيع الأخيرة جهودها كذلك لمنع شبكات مهربين من إرسال الشحنات الصغيرة من النفط عبر نهر الفرات إلى التجار الذين يعملون نيابة عن حكومة الأسد.

ولم تعلق قوات سوريا الديمقراطية علنا على أخطر تحد حتى الآن لحكمها لعشرات الآلاف من العرب.

وقال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني، في تصريحات يبدو أنها تشير إلى الاضطرابات، إن مجموعته هي المؤسسة الوحيدة التي نأت بنفسها عن أي شكل من أشكال العنصرية.

ووفقا لمصدرين، فقد استمرت الاحتجاجات بعد أن فشل قادة وحدات حماية الشعب في تقديم تنازلات كبيرة لشخصيات من العشائر تجمعت بدعوة منهم يوم الجمعة الماضي في مدينة عين عيسى.

ومن بين مطالب العرب إنهاء التجنيد القسري، والإفراج عن المحتجزين، ووقف مبيعات النفط من منطقتهم إلى حكومة الأسد،
ويقول محللون إن خطر اتساع نطاق المواجهة يزداد.

وقال فراس علاوي المحلل السياسي من دير الزور: "الاحتجاجات الشعبية باتت أكثر تنظيما واتساعا ومطالبها أعلى سقفا وتتطور تدريجيا إلى ما يشبه انتفاضة شعبية يطالب فيها الأهالي بإدارة مناطقهم وحكمهم بأنفسهم ورفض سيطرة قياديين أكراد على مفاصل الإدارة".

وأضاف "رد فعل قوات سوريا الديمقراطية ومدى استجابتها للمطالب الشعبية سيحدد إن كان سيقود إلى مواجهة أكثر عنفا".