+A
A-

"هيومن رايتس" تتدخل وتندد بسحب جنسية عشيرة الغفران القطرية

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأحد، إن قرار قطر بسحب الجنسية تعسفا من أسر من عشيرة الغفران، ترك بعض أفراد العشيرة من دون جنسية بعد 20 سنة وحرمهم من حقوق أساسية.

وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "لا يزال العديد من أفراد عشيرة الغفران عديمي الجنسية محرومين من الانتصاف اليوم. ينبغي للحكومة القطرية إنهاء معاناة أولئك الذين بلا جنسية فورا، وأن تمنحهم هم ومن حصلوا منذ ذلك الحين على جنسيات أخرى، مسارا واضحا نحو استعادة جنسيتهم القطرية".

يعتبر أفراد عشيرة الغفران عديمو الجنسية محرومين من حقوقهم في العمل والصحة، التعليم، الزواج، التملك، وحرية التنقل، بدون وثائق هوية سارية، ويواجهون قيودا على فتح الحسابات المصرفية والحصول على رخص القيادة ويتعرضون للاعتقال التعسفي.

والمقيمون منهم في قطر محرومون أيضا من مجموعة من المزايا الحكومية المتاحة للمواطنين القطريين، كالوظائف الحكومية، ودعم الغذاء والطاقة، والرعاية الصحية المجانية.

9 أفراد من عشيرة الغفران

هذا وقابلت منظمة هيومن رايتس ووتش 9 أفراد من 3 عائلات بلا جنسية من عشيرة الغفران يعيشون في قطر، وشخص آخر من عائلة رابعة يعيش في السعودية. تضم العائلات مجتمعة 28 فردا عديمي الجنسية.

قال 4 آخرون قابلناهم، 2 منهم يعيشان في قطر، إنهم أصبحوا مواطنين سعوديين بعد 8 إلى 10 سنوات من سحب قطر لجنسيتهم.

وطلب معظم الذين قابلناهم "هيومن رايتس"، إخفاء هويتهم خوفا من الانتقام. واعتُمدت أسماء مستعارة لجميع الأشخاص لحماية خصوصيتهم وأمنهم.

وصف رجل عمره (56 عاما)، سُحبت جنسيته هو وأطفاله الخمسة في 2004، أثر ذلك: "ليس لدي أي ممتلكات باسمي، لا بيت، لا دخل، لا بطاقة صحية، ولا يمكنني حتى فتح حساب مصرفي، كما لو أنه لا وجود لي. عندما أمرض، [بدلا من الذهاب إلى الطبيب أو المستشفى] أتناول مسكنا للألم لا يحتاج لوصفة طبية وأتمنى التحسن".

وعشيرة الغفران هي فرع من قبيلة آل مُرَّة شبه البدوية، المنتشرة في منطقة الخليج وتُعتبر من أكبر القبائل في قطر.

في حين أعادت قطر الجنسية إلى العديد من الآلاف من أفراد عشيرة الغفران الذين سُحبت منهم جنسياتهم تعسفيا بدءا من 1996، لا تزال بعض العائلات تفتقر إلى مسار واضح لاستعادة جنسيتها.

قطر لا ترد على رسالة من هيومن رايتس

وراسلت هيومن رايتس ووتش وزارة الداخلية القطرية في 29 أبريل/نيسان 2019 للإعراب عن قلقها بشأن وضع عشيرة الغفران. لم تتم الإجابة عن الرسالة حتى وقت إعداد هذا التقرير.

أكدت الحكومة القطرية أن أولئك الذين سُحبت جنسيتهم يحملون جنسية ثانية، فيما يحظر قانون الجنسية القطري ازدواج الجنسية، لكن العديد من ممثلي عشيرة أخبروا هيومن رايتس ووتش أنهم يعتقدون أن هذا الإجراء كان بمثابة عقاب جماعي بسبب مشاركة بعض أفراد العشيرة في انقلاب 1996 الفاشل ضد الأمير آنذاك حمد آل ثاني، الذي أطاح بوالده، خليفة آل ثاني، قبلها بعام.

ونفى كل من قابلتهم "هيومن رايتس ووتش" امتلاكهم جنسية ثانية عندما سُحبت جنسيتهم القطرية.

لم يتلق أي منهم أي اتصال رسمي أو مكتوب يوضح سبب سحب جنسيتهم أو يمنحهم فرصة للطعن. كلهم، بما في ذلك أولئك الذين عادوا إلى قطر بعد أزمة الخليج في حزيران/يونيو 2017، قالوا إنهم إما هربوا، أو رُحلوا، أو مُنعوا من العودة إلى قطر بعد سحب جنسيتهم.

قالوا إنهم استقروا لعدة سنوات في السعودية، أو الإمارات، أو الكويت كأشخاص عديمي الجنسية. أظهر جميعهم وثائق تثبت أنهم كانوا مواطنين قطريين.

بينما تؤكد الحكومة القطرية أن من لم تُعد إليهم الجنسية هم مواطنون سعوديون، بينما قالت العائلات الثلاث التي تمت مقابلتها في قطر من عديمي الجنسية إن الحكومة لم تسمح لها بالطعن في ذلك.

وقالت العائلات إنها تواصلت مع وزارة الداخلية ولجنة حقوق الإنسان والديوان الأميري عدة مرات في محاولة لاستعادة الجنسية.

وقالت فقيه: "ينبغي للحكومة القطرية إنشاء نظام يتسم بالشفافية وفي حينه لمراجعة مطالبات أفراد عشيرة الغفران بالجنسية. على قطر متابعة الخطوات الإيجابية التي اتخذتها مؤخرا في المصادقة على معاهدات حقوق الإنسان الأساسية والتأكد من احترام الحقوق المنصوص عليها فيها".

هذا ويُجري "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" استعراضه الثالث لسجل قطر الحقوقي في إطار "الاستعراض الدوري الشامل" (الاستعراض) يتم في 15 مايو/أيار في جنيف.

وخلال العامين الماضيين، ناشد نشطاء من الغفران مجلس حقوق الإنسان لمساعدتهم في استعادة الحقوق المفقودة لعشيرتهم.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، طُرحت القضية في ورقة مشتركة مقدَّمة إلى الاستعراض من "الحملة العالمية من أجل حقوق المساواة في الجنسية" و"معهد عديمي الجنسية والإدماج" و"مركز تفعيل الحقوق".

"كل شيء مرتبط بالجنسية"

وقال رامي (33 عاما)، الذي كان في العاشرة من عمره فقط عندما سحبت السلطات القطرية الجنسية منه ومن أسرته المكونة من 9 أفراد في ذلك الوقت: "كل شيء في هذا العالم مرتبط بالجنسية، لكن بالنسبة لنا، كل شيء مرتبط بصدَقة الآخرين".

وقال جميع من قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم اعتمدوا على مساعدات أشخاص متعاطفين مع وضعهم لتغطية احتياجاتهم الأساسية، نظرا لافتقارهم لوثائق هوية سارية واضطرارهم للإقامة في دول خليجية أخرى، لم يتمكنوا من الحفاظ على دخل ثابت وكافحوا ليعيشوا حياة كريمة.

وقالت 3 أسر عديمة الجنسية إن كل المنازل التي سكنوها منذ سحب الجنسية تبرعت لهم بها جمعيات خيرية أو أقاربهم. لم يتمكن أي من الأطفال الذين سُحبت جنسيتهم قبل سن 18 عاما من مواصلة التعليم العالي، أو الحصول على عمل مُجد، أو الزواج وتأسيس أسرة. قال رامي: "نحن نعيش في معاناة لأننا عديمو الجنسية، إذا بقينا هكذا، فلن يكون لنا مستقبل".

وثائق وبطاقات منتهية الصلاحية

وتعتبر الوثيقة التعريفية الوحيدة لدى العديد من الذين قابلتهم المنظمة الدولية كانت جوازات السفر وبطاقات هوية وبطاقات صحية قطرية منتهية الصلاحية؛ وفي بعض الحالات، مجرد نسخ عنها.

وبالنسبة للجيل الأصغر، هذه الوثائق نادرا ما تُفيدهم لأن صورهم عليها التُقطت عندما كانوا أطفالا صغارا أو مراهقين.

والذين وُلدوا بعد سحب جنسية أسرهم لا يمتلكون إلا شهادات ميلاد من دول خليجية مختلفة، الكثير منها تُبيّن جنسيات الوالدين كقطريين. وتُشير شهادة الميلاد القطرية لطفلة إلى أن والديها "ليسا قطريين"، وبلا جنسية أخرى.

يحمل العديد من عديمي الجنسية المقيمين في قطر وثائق متنوعة أصدرتها الحكومة مؤخرا والتي تشير إلى جنسيتهم كقطريين، مما يدل على التباس وضعهم القانوني حتى داخل الدوائر الحكومية.

حرمان المرأة القطرية

لا تزال المرأة القطرية محرومة من منح الجنسية لأولادها أو زوجها. في 2018، أصدرت قطر قانونا جديدا للإقامة الدائمة الذي يسمح لأطفال وأزواج القطريات المتزوجات من غير القطريين بالحصول على الإقامة الدائمة. مع ذلك، في حالتين موثّقتين سُحبت جنسية الأب، لكن الأم احتفظت بجنسيتها، ولم يُسمح للأطفال بالاستفادة من القانون.

وقالت "نجمة"، والدة رامي القطرية: "عندما سمعنا بالقانون، أملنا تحسن الأمور. لكن مسؤولي وزارة الداخلية لم يسمحوا لي بتقديم طلب للإقامة الدائمة لأطفالي، لأنهم قالوا إنهم قطريون بالفعل".

وقال رامي إنه عندما ألح عليهم، طلب منهم المسؤولون الاتصال بالوزارة بخصوص جوازاتهم الملغاة بدل الإقامات.

رفض طلب للإقامة القانونية في قطر

الوضع مماثل بالنسبة للقادرين على الحصول على جنسية ثانية، حيث قال شخصان عادا للإقامة في قطر بعد الحصول على الجنسية السعودية إن مسؤولي وزارة الداخلية منعوهما من تقديم طلب للحصول على الإقامة القانونية في قطر كمواطنين من دول مجلس التعاون الخليجي.

وقال عبدالرحمن (34 عاما)، الذي عاد إلى قطر مع زوجته وطفليه في العام الذي حصل فيه على الجنسية السعودية: "في مرحلة ما، بعد سنوات من وجودنا في قطر، ومنعنا من استعادة حقوقنا، حاولت الحصول على تصاريح إقامة صادرة لنا كمواطنين سعوديين في قطر. وزارة الداخلية رفضت طلباتنا، قائلين أنتم قطريون، كيف نمنحكم تصاريح إقامة؟".

أنور (40 عاما)، الذي انتهت صلاحية جنسيته السعودية في قطر، يرفض تجديدها خوفا من فقدان فرصة استعادة جنسيته القطرية يوما ما، وقال "الحصول على الجنسية السعودية كان ببساطة محاولة للسعي لحياة كريمة. لا أكثر ولا أقل. لم أرغب بمغادرة قطر، أريد البقاء في بلدي ... حياتي في قطر الآن عبارة عن معاناة. أتمنى أن أعمل. أتمنى أن أتزوج. لكن ليس لدي أي وثائق هوية سارية اليوم. كل شيء يتطلب علاقات".

حرمان وخوف من الاعتقال

وقال ناشطان من الغفران يقيمان خارج قطر ويحملان جنسية ثانية، إنهما لم يحاولا العودة منذ انتهاء صلاحية جوازات سفرهما القطرية لخشيتهما أن يُقبض عليهما بسبب نشاطهما. قال أحدهما: "طوال 22 عاما، حُرمت من زيارة والدتي، وإخوتي، وأقاربي في وطني".

لا يزال بعض الأشخاص عديمي الجنسية بدون سبب واضح يفسر التمييز بينهم وبين من استعادوا جنسيتهم.

وقال جميع عديمي الجنسية الذين قابلناهم إن لديهم أفرادا من عائلاتهم استعادوا جنسياتهم، بينما قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي لعام 2010 إن الذين استعادوا جنسيتهم واجهوا صعوبات في الحصول على استحقاقات الإسكان والعمل.

وقال نشطاء من الغفران إنه نظرا إلى نقص الشفافية المرتبط بسياسة قطر لإعادة الجنسية، فإن الخوف والشك ينتشران في مجتمعهم. قالت إحدى النساء: "أولئك الذين استعادوا جنسياتهم يخشون مثلنا التحدث بصراحة، لأنهم يخشون فقدانها ثانية".

علاقات وأشخاص متعاطفون

يتطلب التسجيل في المدارس الحكومية المجانية والمدارس الخاصة والدولية في قطر وثائق هوية صالحة، وقالت العائلات التي قابلتها "هيومن رايتس" إنه كان عليهم الاعتماد على العلاقات والأشخاص المتعاطفين، ومنهم مديرو المدارس المدركون لمحنتهم، لتسجيل أطفالهم.

لم يستطع أي ممن سُحبت جنسيتهم قبل بلوغهم الثامنة عشرة متابعة التعليم العالي حتى لو كان بإمكان عائلاتهم دفع الرسوم الدولية الأعلى.

وقال حمزة (20 عاما)، الذي يعتبر أن عجزه عن مواصلة تعليمه العالي كان أكبر ضربة لمعنوياته منذ سحب جنسيته "حاولت أن أتسجل في جامعة قطر، وقُبلت، ولكن رُفضت في المرحلة النهائية نظرا لانتهاء صلاحية جميع أوراقي الثبوتية".

حاول رامي أيضا تقديم طلب إلى جامعة قطر، التي تقدم منحا دراسية لأبناء القطريات غير المواطنين.

وقال إنه عندما أخبرهم أنه لا يملك أي وثائق هوية سارية، طلبت منه إدارة الجامعة الحصول على موافقة وزارة الداخلية: "تواصلنا عدة مرات مع وزارة الداخلية، بخصوص التعليم العالي، والتوظيف، وحتى الإقامة القانونية كأبناء وبنات القطريات، لكننا لم نتلق بعد موافقة".

معاناة مستمرة.. لا وظيفة ولا عمل

بموجب القانون القطري، يُسمح فقط بتوظيف من لديهم إقامة قانونية أو المواطنون.

وقال شقيق رامي نجيب (30 عاما): "لا أحد منا لديه وظيفة، قد أجد عملا، وقد أُقبل، لكن بمجرد معرفتهم أنه ليس لديّ وثائق سارية، ستقرر الشركات عدم توظيفي".

ولاء (26 عاما)، وأختها دانا"(22 عاما)، هما المعيلتان الرئيسيتان لعائلتهما المكونة من 11 فردا. أنشأتا شركة استيراد عبر الإنترنت بمساعدة أقاربهما الذين احتفظوا بالجنسية القطرية.

وقالت دانا: "لم أتخرج، لا يمكنني العمل في أي شيء آخر غير في الخفاء. مع ذلك، أنا مجبرة على الاعتماد على عماتي وأعمامي. جميع الإجراءات والطلبات التي تتطلب موافقة الحكومة تجري بأسمائهم".

استخدام بطاقات صحية للأقارب

توفر قطر رعاية صحية مجانية أو مدعومة بشكل كبير لمواطنيها والمقيمين القانونيين، لكن يجب عليهم تقديم طلب للحصول على بطاقات صحية للاستفادة من الخدمات.

وقال جميع الأشخاص العشرة عديمي الجنسية الذين قابلتهم هيومن رايتس إنهم عانوا للحصول على الرعاية الصحية لأنهم لم يكن لديهم بطاقات هوية صالحة.

وقال أفراد من جميع الأسر الثلاث عديمي الجنسية والمقيمين في قطر، إنهم اضطروا إلى استخدام البطاقات الصحية لأقارب أو أصدقاء للحصول على العلاج الضروري في المستشفيات الحكومية أو إلى دفع رسوم أعلى في المستشفيات والعيادات الخاصة.

وقالت بشرى (49 عاما)، إنه حتى بالنسبة إلى الرعاية الصحية الأولية، تطلب المستشفيات دائما بطاقات هوية سارية.

وقالت عن ابنتها الصغرى: "بعد 6 أشهر من ولادتها لم نتمكن من تلقيحها أو تأمين أي خدمات صحية أخرى لها. أحاول عادة ارتداء النقاب، وآخذ البطاقة الصحية لابنة عمي وأحاول معالجة طفلتي بهذه الطريقة"، في الثانية من عمرها، لم تحصل ابنتها بعد على اللقاحات الأساسية.

وقال جميع الأشخاص الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش إنها عانوا أيضا للحصول على الرعاية الصحية عندما كانوا يعيشون بلا جنسية في دول خليجية أخرى.

الحرية في التنقل.. "لم يسبق لنا رؤية طائرة"

تقييد الحق في السفر هو الشكوى الرئيسية لدى من قابلتهم هيومن رايتس ووتش. وقال رامي إن التجول داخل قطر يُعد صعبا لأنه لم يتمكن هو وإخوته من الحصول على رخص القيادة دون وثيقة تعريفية سارية. "بعضنا لم يسبق له رؤية طائرة من الداخل".

وقال حارث (29 عاما) شقيق رامي: "عندما توقفنا شرطة المرور ويكتشفون أنه ليس لدينا رخص قيادة أو بطاقات هوية، يرسلوننا لأقرب مركز شرطة ولا يمكننا الخروج إلا بكفالة".

إضافة إلى انتهاك حرية الأفراد في التنقل، بما في ذلك حقهم بمغادرة أي بلد، فإن الوصول غير الموثوق والمقيّد إلى وثائق السفر قد يؤدي إلى انتهاك حق الأفراد في الصحة، بما فيه الحق في طلب العلاج الطبي، وحقهم في الحرية الدينية، بما في ذلك الحج.

وسحبت السلطات القطرية جنسية عنان (58 عاما) وإخوتها في 2004. كانت تعيش بالفعل في المنطقة الشرقية في السعودية مع زوجها وأطفالها، الذين سُحبت جنسيتهم في 1996 حسبما قالت، بينما تمكن زوجها وأطفالها من الحصول على الجنسية السعودية في 2005، ولا يزال طلبها قيد الانتظار.. وقالت "لا يمكنني مغادرة السعودية، أصعب شيء عندي هو عجزي عن زيارة عائلتي في قطر. أفتقد زيارة لوطني، أفتقد الوكرة، الريان، الكورنيش، البحر. فاتني حفل زفاف ابن أخي والعديد من المناسبات العائلية الأخرى، هناك بعض الأحباء الذين لم أرهم منذ اليوم الذي سُحبت فيه جنسيتي".

حرمان من ممتلكاتهم في قطر

حُرم العديد من أفراد عشيرة الغفران – ممن انتهى بهم المطاف منفيين نتيجة لحرمانهم التعسفي من جنسيتهم – من ممتلكاتهم، بما في ذلك منازلهم في قطر.

وقال عبد العزيز (34 عاما) إن عائلته جُردت من جنسيتها في 1996 وأُجبرت على مغادرة قطر في 2002: "في 2005 أو 2006، وبعد مغادرتنا لقطر، أُجبر والدي على بيع المنزل وإلا سيواجه احتمال مصادرة الحكومة له. اتصل مسؤولو وزارة الداخلية بأعمامي في قطر وأخبروهم بذلك". هذا ويعيش عبد العزيز الآن في السعودية.

تعيش كل من العائلات الثلاث التي قابلتها "هيومن رايتس" في قطر في منازل تبرعت بها جمعيات خيرية أو أقاربهم ممن يحتفظون بجنسيتهم القطرية.

وأشاروا إلى أنهم يواجهون قيودا على شراء العقارات وامتلاكها، وفتح حسابات مصرفية، وحتى شراء شرائح الهاتف الخلوي وخطوط الهاتف والإنترنت.

بعد فترة وجيزة من عودتهم إلى قطر، قالت والدة رامي، التي استعادت جنسيتها قبل بضع سنوات، إنها عادت إلى منزل أسرتها القديم لمعاينته لتكتشف أن السلطات سلمته إلى أسرة أخرى.

تعيش أسرة رامي الآن في منزل تبرع به أخوالهم: "لا نريد الاعتماد على الآخرين. نريد أن نكون قادرين على العيش في منزلنا ووطننا بكرامة".

الحق في الزواج

يواجه الأفراد عديمو جنسية من عشيرة الغفران صعوبات في الزواج لأسباب اجتماعية وإدارية، إذ يتطلب تسجيل الزواج نسخة من جواز سفر سارٍ أو تصريح إقامة، وشهادة الميلاد.

وقال عمر: "لديّ ابنة حاولت تزويجها لرجل كويتي، لكن رُفض الزواج لأنها لا تحمل وثائق هوية صالحة".

وقالت والدة رامي إنهم حتى لو تمكّنوا من تجاوز المتطلبات البيروقراطية، بدون جنسية، سيبقى أطفالها متضررين: "كعائلة مؤلفة من 12 شخصا، نعيش بلا دخل ثابت. من سيتزوج من عائلة لا قدرة لديها حتى على جني المال؟".

تراوحت أعمار 16 شخصا ممن تمت مراجعة حالاتهم بين 18 و35 عاما. لم يكن أحد منهم متزوجا.

سحب الجنسية بقرار أميري

يسمح قانونا الجنسية في قطر، الأول لعام 1961 (ملغى الآن) والثاني لعام 2005، بسحب الجنسية بقرار أميري دون أي حق في الاستئناف. يحدد كلا القانونين 5 أسباب يمكن على أساسها سحب الجنسية، منها اكتساب جنسية أخرى.

يسمح قانون 2005 الذي وقّعه الأمير في أكتوبر/تشرين الأول 2005- أي بعد عام من بدء السلطات القطرية بسحب جنسية غالبية أعضاء الغفران بحسب تقارير - بإعادة الجنسية بقرار أميري عندما يتجنس شخص بجنسية دول أخرى "إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك". تنص المادة 7 أيضا على أنه يجوز رد الجنسية لمن "يثبت أنه من أصول قطرية ويشترط لذلك ما يلي: (1) توطنه في قطر مدة 3 سنوات متصلة على الأقل؛ (2) أن يكون له وسيلة مشروعة للرزق تكفي لسد حاجته، و(3) أن يكون محمود السيرة، حسن السمعة".

يشكل ذلك ظروفا غير عادلة بعد القرار التعسفي بإلغاء الجنسية. يميّز قانون قطر لعام 2005 أيضا ضد المواطنين المتجنسين، وينص على أنه "لا يجوز التسوية بين من اكتسب الجنسية القطرية وبين قطري، بالنسبة لحق شغل الوظائف العامة أو العمل عموما، قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ كسبه الجنسية. ولا يكون لمن اكتسب الجنسية القطرية حق الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في هيئة تشريعية". تنص المادة 15 على أنه لا يكون لمن رُدت إليه الجنسية القطرية "حق الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية قبل انقضاء 10 سنوات على الأقل من تاريخ رد الجنسية إليه".

قطر ليست طرفا في "اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية" و"اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية". ولا تذكر قوانينها المتعلقة بالجنسية شيئا عن إلغاء الجنسية عندما يُترك ذلك الشخص بلا جنسية. ينبغي لقطر المصادقة على كلتا الاتفاقيتين.

"القانون الدولي لحقوق الإنسان"

تنص المادة 15 من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" على أن لكل شخص الحق في جنسية وأنه لا يجوز حرمان أي شخص من هذا الحق تعسفا.

تعترف "اتفاقية حقوق الطفل"، التي صادقت عليها قطر في أبريل/نيسان 1995، بحق الطفل في التسجيل فور ولادته، وفي اكتساب جنسية، "لا سيما حيثما يعتبر الطفل عديم الجنسية" (المادة 7)، وإذا "حرم أي طفل بطريقة غير شرعية" من هويته، فيجب "الإسراع" بإعادة إثبات هويته (المادة 8). تحظر الاتفاقية التمييز (المادة 2)، بما في ذلك في التعليم، وتُلزم البلدان بإتاحة التعليم العالي للجميع وفقا لقدراتها (المادة 28).

كما ينص "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" (العهد الدولي)، الذي صادقت عليه قطر في مايو/أيار 2018 على الحق في العمل والصحة والتعليم. جوانب هذه الحقوق محمية أيضا بموجب اتفاقية حقوق الطفل، و"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، و"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري".

وتعتبر العديد من هذه الحقوق محمية أيضا في "الميثاق العربي لحقوق الإنسان" المحدث، والذي صادقت عليه قطر في 2013.

كما يحمي "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الذي صادقت عليه قطر في مايو/أيار 2018، الحق في الزواج وتأسيس أسرة، والحق في عدم التعرض للاحتجاز التعسفي.

تنص المادة 12 من هذا العهد على أنه "لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده"، وأن "لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده". في 1999، قررت "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان"، وهي الهيئة الأممية المرجعية التي تتولى تفسير العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن "نطاق عبارة "بلده" أوسع من مفهوم "بلد جنسيته"، وأنه ينطبق على الأشخاص الذين جُردوا من جنسيتهم، في انتهاك للقانون الدولي.

يضيف التعليق العام رقم 27 للجنة المعنية بحقوق الإنسان أن هذه الأحكام لا تنطبق فقط على المواطنين، بل تشمل الذين تربطهم روابط قوية ببلد معين. كما تحدد أن "الحق في مغادرة بلد ما يجب أن يشمل الحق في الحصول على وثائق السفر اللازمة".

من المعايير الدولية الأساسية أنه لا يُعاقب على جريمة إلا الأشخاص المسؤولون عنها، وفقا لقوانين واضحة تحدد الجرائم، وبعد محاكمة عادلة لتحديد الذنب الفردي.

أسر كاملة من عشيرة الغفران بدون جنسية

في 1996، قال نشطاء وأفراد عشيرة الغفران إن السلطات القطرية شرعت في تجريد أسر بأكملها تنتمي إلى عشيرة الغفران من جنسيتها دون إجراءات قانونية أو فرصة للطعن. بحسب تقارير إعلامية وتقارير وزارة الخارجية الأميركية واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، جردت الحكومة في 2004 ما بين 5 آلاف إلى 6 آلاف شخص من جنسيتهم القطرية.

بحسب أحد التقديرات قد يصل هذا العدد إلى 10 آلاف. فقد بعضهم على الفور وظيفته، ولم يعد في إمكان آخرين، مع مرور الوقت، شغل وظائف أو امتلاك عقارات، ولم يتمكنوا هم وعائلاتهم من الحصول على ميزات حكومية. اُعتقل بعضهم ورُحّلوا وألغيت جوازاتهم. أما الآخرون الذين كانوا خارج البلاد فقد مُنعوا من الدخول. ولجأ الكثيرون منهم إلى السعودية ودول خليجية أخرى.

هذا وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في 5 أغسطس/آب 2008 إن نحو 5.700 شخص استعادوا جنسياتهم، مشيراً إلى أنهم يشكلون 95% ممن جردوا من جنسياتهم. بينما يعارض نشطاء من الغفران هذا الادعاء، قائلين إن اللجنة أحصت فقط أولئك الذين ألغيت جنسياتهم في 2004، متجاهلة من ألغيت جنسياتهم في وقت سابق.

في تقاريرها السنوية بين 2008 و2014، ذكرت اللجنة تلقيها 233 شكوى تتعلق بسحب الجنسية واستعادتها. كما ذكرت تلقيها شكاوى مماثلة بين 2015 و2017 من دون تحديد عددها. لم يذكر أي من التقارير عدد الشكاوى التي تم حلها.