+A
A-

ورقة هامة في يد الصين قد تستخدمها بالحرب الدائرة مع ترمب

في معرض ردها على قرار الرئيس الأميركي الأخير ببدء تفعيل الزيادة في الرسوم الجمركية، أكدت الصين أن لديها من الأدوات والإجراءات ما يكفي للرد على القرار الأميركي، رغم أنها لم تعلن صراحة عن هذه الأدوات والآليات.

لكن مجلة "POLITICO" الأميركية، تطرقت مؤخراً إلى الجزء الأهم في الحرب التجارية الدائرة بين واشنطن وبكين، حيث فتحت الباب أمام إمكانية لجوء الصين إلى استثماراتها في سندات الخزانة الأميركية واستخدامها كورقة ضغط ربما تكون رابحة في الضغط على الرئيس الأميركي الذي أكد علاقته الوثيقة مع الرئيس الصيني، وأنه على استعداد للتفاوض حول الرسوم الأميركية التي بدأت واشنطن تحصيلها بالفعل منذ يوم الجمعة الماضي.

وتشير بيانات وزارة الخزانة الأميركية إلى أن الصين مازالت تحتفظ بصدارة دول العالم التي تحوز سندات الخزانة الأميركية.

فعلى الرغم من الحرب التجارية بين البلدين، إلا أن بكين رفعت ملكيتها إلى 1.13 تريليون دولار، تشكل نحو 27% من سندات الخزانة الأميركية الحالية، تليها اليابان بنحو 1.07 تريليون، لتمتلكا سويا حوالي 50% من أدوات الدين الحكومية الأميركية.

بكين تمتلك ترسانة مالية ضخمة

ووفقاً للمجلة الأميركية، فإن محللين أكدوا أنه إذا كانت الصين غير راغبة في لعب الكرة بشروط ترمب ، فلن تستطيع فقط الانتقام من خلال فرض تعريفات تعويضية خاصة بها، ولكن لديها أيضا مجموعة من الترسانة المالية المتاحة لها لمعاقبة الولايات المتحدة.

وطرحت المجلة إمكانية أن ترد الصين من خلال التخلص من مقتنياتها الضخمة من ديون الحكومة الأميركية، لافتة إلى أن إغراق السوق بالخزائن من شأنه أن يدفع أسعار السندات الأميركية إلى الانخفاض ويؤدي إلى ارتفاع العوائد.

وهذا من شأنه أن يجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للشركات والمستهلكين في الولايات المتحدة للاقتراض، ما يؤدي بدوره إلى إحباط النمو الاقتصادي في أميركا.

وفي هذا السياق، قال رئيس قسم أبحاث الأسواق العالمية في شرق آسيا في بنك MUFG، كليف تان، إنه من غير المرجح أن تختار الصين تقليص حصصها في سندات الخزانة الأميركية بحدة، لأن ذلك سيضر بمصالحها الخاصة ويذكي تقلبات السوق "الشديدة".

وأوضح أن إغراق سندات الخزانة سيكون سلاحًا غير فعال بالنسبة للصين، لأن ذلك سوف يرفع العائدات ويضر بمواقع ممتلكاتهم في سندات الخزانة الأميركية.

هل تلجأ إلى التدابير المضادة؟

وأضاف: "إذا خرجت الصين من أصول الدولار الأميركي بالكامل، فسيكون ذلك مخاطرة كبيرة لهم بسبب التقلب الشديد في السوق".

وبعد دقائق من رفع الولايات المتحدة للتعريفات من 10 إلى 25% يوم الجمعة، كررت وزارة التجارة موقفها المتشدد في الحرب التجارية، وقالت في بيان: "لن يكون أمامنا خيار سوى اتخاذ التدابير المضادة اللازمة".

وأوضح البيان أن بكين لا تزال تأمل في حل المشكلة من خلال التعاون والمفاوضات.

وحتى عام 2016، كان بنك الشعب الصيني يشتري الدولار الأميركي من المصدرين بينما يبيع اليوان لهم لمنع ارتفاع قيمة العملة الصينية. إن معظم احتياطيات الصين من النقد الأجنبي البالغة نحو 1.3 تريليون دولار، وهي الأكبر في العالم.

وتحتاج الصين إلى الأصول بالدولار الأميركي كحاجز أمان إذا احتاجت إلى إنقاذ النظام المصرفي المحلي أو دعم اليوان من خلال التدخل في العملات الأجنبية.

اتجاه لخفض الحيازة في السندات الأميركية

وعلى الرغم من أن الصين بالفعل خفضت حصصها في سندات الخزانة الأميركية في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال تحتل المرتبة الأولى بين الدائنين الأجانب.

ومع ذلك، فإن المبلغ لا يتجاوز 5% فقط من إجمالي الديون المستحقة على الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات والحكومات المحلية البالغ نحو 22 تريليون دولار، وفقاً للأرقام البيانات التي تم إعلانها في فبراير الماضي.

فيما تمتلك الحكومة الفيدرالية في الواقع أكثر من 5 تريليونات دولار من الديون في صناديق ائتمانية مخصصة للضمان الاجتماعي. معظم الجزء المتبقي من الديون مملوك لمستثمرين أفراد وشركات وكيانات عامة أخرى، بما في ذلك الحكومة الصينية.

وذكرت المجلة أنه من غير المرجح أن يكون إغراق سندات الخزانة خطوة فعالة للمفاوضات في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.

هذا ما أكده كبير الاقتصاديين الصينيين في بنك ANZ، بيتي روي وانغ، الذي أشار إلى أنه من غير المرجح أن تجد الصين خيارات استثمار بديلة بالنظر إلى أنها تمتلك الكثير من الاستثمارات في سندات الخزانة الأميركية.

هل تلجأ إلى شراء النفط؟

وإذا قررت الصين بيع سندات الخزانة الأميركية واشترت النفط، فإن منتجي النفط الذين يحصلون على الدولار الأميركي قد يعودون بهم إلى سندات الخزانة الأميركية، مما لن يزيد من نفوذ الصين لحماية مصالحها.

وأشارت مذكرة بحثية أصدرها بنك MUFG إلى أن الخيار الأفضل للصين هو السماح لليوان بانخفاض مقابل الدولار الأميركي لتعويض التأثير السلبي للتعريفة الجمركية. لكن تراجع سعر صرف اليوان هذا الأسبوع خيب الآمال في أن تلبي بكين مطالب الولايات المتحدة للحفاظ على استقرار عملتها بأي ثمن.

وأوضحت المذكرة أنه "إذا لم يتم التفاوض على اتفاق بشأن استقرار العملة، فهذه بالتأكيد طريقة واحدة يمكن للصين من خلالها الاستعداد لما نعتقد أنه سيكون تصعيدًا خطيرًا للغاية للتعريفة الجمركية".

وتشير البيانات إلى انخفاض الصادرات الصينية بنسبة 4.4% الشهر الماضي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما انخفضت الواردات بنسبة 7.6%.

وبلغ الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة أعلى معدل له في 2018. وقد ارتفع الفارق بين ما تصدره الصين وما تستورده من الولايات المتحدة بنسبة تقدر بنحو 17.2%، ليسجل نحو 323.32 مليار دولار أميركي خلال العام الماضي.